التكعيب والتركيب في أعمال المغربي مصطفى الفقير
[wpcc-script type=”8268dc113653841e0a5960c0-text/javascript”]
تؤشر أعمال الفنان التشكيلي مصطفى الفقير إلى قدراته الهائلة لنحت أسلوب متفرد يمتح من التكعيب والتركيب والتحليل مقوماته الأساسية لينسج مادة تشكيلية تتجاوز المألوف، تتسم بتوظيف قوي للكتل والتركيبات بشكل لا يؤثر على التوجه الفني، بل يعضد المنحى التحليلي في إحداثية تركيبية تنتج عن عملية التحريك والتسكين، والتوظيف المتقن للألوان باعتناء كبير لقيم السطح. كما أن التفاعلات التكعيبية والتركيبية والتحليلية الأساسية، التي تشكل النبض الجمالي والقيمي في أعمال الفنان الرائق مصطفى الفقير، تكشف عن النسق الحسي المنظم الذي يظهر أهم المضامين الداخلية وتأكيدها داخل المادة التشكيلية.
ويبدو أن الفنان يدرك عن وعي ما تنتجه عمليات التوظيف للأشكال والمساحات والألوان في النسيج الإبداعي الآني. وهو أمر مهم في العمل التشكيلي المعاصر. وفي هذا النطاق تتبدى تشكيلات الفقير على نوع من التوازن التشكيلي والانسجام والتوليفات بين كل العناصر المكونة لأعماله الفنية، بتطويع الأشكال التحليلية وفق طرائق تركيبية متعددة وتجميعات مختلفة لخدمة المواضيع التي يشتغل عليها، لما تتيحه تلك الأشكال من بساطة هندسية وقدرة تعبيرية تحيط بالموضوع وتتغيى الوظائف البنائية والدلالية، ما يستحضر الأبعاد القيمية التي تترسب في ذهن المبدع وتمنحه شحنات الإنتاج والابتكار، قبل أن تتمركز فيما يستدعيه العمل من ميزات فنية وجماليات تشكيلية بآليات جديدة للتعبير عن الواقع، تسهم في تحقيق المكاسب الجمالية في اللوحة.
ومن هذا المنطلق يستطيع مصطفى الفقير أن يثبت ما تحمله تقنياته الهائلة من رؤية جديدة، يجسد فيها تعبيرات متنوعة تنبني أساسا على أسلوبه الذي يترصد التركيز على الأشياء المرئية من الواقع شكلا فنيا وجماليا، ثم يهدف إلى تحليلها بدقة وإعادة بنائها بطرائق متعددة جديدة ليبديها في أجزاء، ثم يتمثلها في صورة موحدة التكوين ورسم موضوع مترابط واضح المعالم، تمكن من الفهم الإيجابي وتوحي بمغاز ودلالات معينة. إنها ثقافة تشبع بها مصطفى الفقير، واستهدف بها القارئ بنوع من السيولة الفنية، التي تجعل من الشكل والكتلة تكوينات هندسية بخصائص محددة. واختيار هذا المسلك هو اختيار لعالم هندسي فني تفاعلي، اختيار لفضاء يتطلب التحكم بقوة في التدبير على كل المستويات، التصورية والثقافية، والبنائية والتعبيرية واللونية والعلاماتية والرمزية والدلالية والتقنية.. بنوع من التخصص والكفاءة التشكيلية والجدارة، والقدرة الكبيرة على التوظيف المحكم والمتقن.
٭ ناقد تشكيلي
محمد البندوري