دلالات الصور التعبيرية في منجز المغربية إلهام العبدات
[wpcc-script type=”5a979228005e5e20eadc5af4-text/javascript”]
تشتغل الفنانة التشكيلية إلهام العبدات بأساليب تحاورية، وأدوات تحولية، وببعض من الصور التعبيرية التي تنتج مجموعة من القيم الجمالية، فالاستعمالات اللونية المنتقاة بدقة والموظفة بانتظام تروم حيزا إبداعيا خاصا، تتجه به نحو بسط أسلوب تشكيلي يقوم على تطبيق تصوراتها للصيغ الفنية التي تشتغل بها.
وهو ما يتيح لها أن تنسج سحرها التعبيري بفن البورتريه في نطاقه المعاصر، وبصيغ تعبيرية مختلفة عن البورتريه الواقعي. تجسد معاناة الإنسانية، وصرخة القلوب المكلومة من الجنس اللطيف، فهي توظف مفردات تشكيلية صرفة، وقيم إنسانية بصيغ فنية جمالية، وتستعمل تقنيات عالية، وأسلوب مغاير لإنتاج أشكال متنوعة من جنس البورتريه في سياقه التعبيري، لإرساء طبيعة عملها الفني المرتكز على أسس بنائية شخوصية مغايرة، وتوظف لها عددا من الأشكال والألوان على نحو إبداعي لائق ومسلك جمالي رائق يلامس إحساس القارئ وحتى المتلقي عموما. وإن توجهها نحو هذا المسلك الفني يعد انطلاقا نحو وجهة جديدة بمقومات واقعية/ معرفية وحضارية معصرنة، تتغيى من خلالها عوالم جديدة، وتؤثث بها لأسلوب فني تفاعلي يشرك القارئ في العملية الإبداعية بما تحمله من معاناة مستمدة من الواقع، من خلال السياق الفني الذي يمتزج فيه التعبير الرؤيوي الشخوصي بالمنحى المعرفي، في إطاره البصري. فهي بذلك تنحت مجالا خصبا مليئا بالتعابير والمضامين والدلالات، باختيارات غاية في التنظيم الدقيق لقيم السطح، والبناء المحكم، وتلك سمة تلوح بوادرها في إبداعات الفنانة التشكيلية إلهام العبدات، وفق خصائص جمالية متعددة القيم، تلعب فيها التقنيات العالية المستعملة وتنويعات المادة اللونية بكل مضامينها ودلالاتها ومقوماتها دورا محوريا في تأسيس مجموعة من الجماليات الفنية والتعابير التشكيلية وصنع أجهزة مفاهيمية جديدة تخدم الاحساس بالمعاناة الواقعية. لذلك وغيره، تتبدى أعمال الفنانة التشكيلية إلهام العبدات حبلى بالعديد من المعاني المختلفة المضامين، على الرغم من وحدة الشكل. وهي في جوهرها تؤكد وجودها الفني وعمقها التشكيلي وحضورها الإبداعي في فضاء فني معاصر، شاسع وممتد في الوجود، عميق الدلالات والمعاني.
ولا شك أن هذا المسلك الإبداعي الذي نحتته الفنانة المقتدرة إلهام العبدات الذي يحمل طابع الابتكار والتجديد يأتي في سياق موهبتها الفطرية وتجربتها المائزة، بتأطير يمتح مقوماته من المفاهيم الفنية الشخوصية التعبيرية المعاصرة، التي تحسب للفنانة بغناها الإبداعي وابتكاراتها المتنوعة. ولعل سعي الفنانة إلهام إلى سلك نهج العصرنة بمقوماتها الفنية الأساسية قد حقق لها إنتاجات متجددة في الواقع بأبعادها الأحاسيسية والإنسانية، أثارت بها شعلة القراء بصيغ متعددة عميقة المرامي. إنها حقيقة أسلوبها التشكيلي الجديد الذي يفسح المجال على مصراعيه لصنع علاقات التداخل والتجاور بين الواقع ومختلف الألوان والأشكال التي تستدعيها المادة التشكيلية والتي بدورها تستدعي وتبث في الآن نفسه المجال الإشاراتي والعلاماتي، بما يكتنفه من أبعاد دلالية، تجعل القارئ ينفتح على التعدد القرائي وعلى مختلف التأويلات التي تتيح تعدد الدلالات، وتسمح ببناء وشائج فنية تُمكّن من الاقتراب من الموضوع المحوري بشكل مباشر. إنه مسار إبداعي معاصر، وأسلوب فني شهي للفنانة إلهام التي ترسي مقومات العمل التشكيلي الفني المبني على أسس حقة.
٭ ناقد تشكيلي
محمد البندوري