المُلتقى الدولي الثالث للكاريكاتير في القاهرة يكشف فساد التعليم والثقافة والجهل الاجتماعي والسياسي
[wpcc-script type=”78450c24e0ba9a218100c2be-text/javascript”]

القاهرة – «القدس العربي»: أقيم في قصر الفنون في دار الأوبرا في القاهرة «المُلتقى الدولي الثالث للكاريكاتير»، الذي ضم ما يُقارب الـ800 عمل فني، لـ 320 فنان من 68 دولة عربية وأجنبية، منها روسيا، أوكرانيا، كوبا، البرازيل، إندونيسيا، كوريا الجنوبية، إيطاليا، تركيا، إيران، الصين، بولندا وكولومبيا. ومن الدول العربية، السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت وتونس.
وذلك حصيلة الاختيار من بين 2982 عملاً كاريكاتيرياً تقدم به 560 رساما، من 81 دولة. تم إهداء دورة هذا العام إلى روح الفنان عادل البطراوي، كما تم تكريم اثنين من رموز فن الكاريكاتير في مصر هما عبد العزيز تاج ومحمد حاكم. وتأتي هذه الدورة لمناقشة قضايا فساد التعليم، وكيف أن سياسات الدول لم تقدم شيئاً في هذا المجال، الذي يُعد أهم دعائم قيام الدولة، وكأن النظم السياسية الحاكمة ترى أن التعليم شيئاً ثانوياً، فهو دائماً على هامش اهتماماتها، وكيف تم استغلال تكنولوجيا الاتصالات الحديثة في عمليات تجهيل الشعوب من قِبل أنظمتها الحاكمة. وأضاف الملتقى موضوعاً حراً للفنانين، وهو ما عكس اهتمام الفنان بالقضايا الراهنة في مجتمعه والعالم، التي يمكن إجمالها في فساد النظام السياسي الحاكم وتبعاته، وعلى رأسها قضايا الحريات والديمقراطية. من جهة أخرى جاءت الأعمال التي تتناول موضوعات الإرهاب الدولي، وصراع الأحزاب على السلطة، والفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية. أما السمة الرئيسة في أعمال الفنانين العرب فتمثلت في استعراض أوجه التخلف الفكري والاجتماعي في هذه المجتمعات.
يُذكر أن الملتقي تم تنظيمه بالتعاون بين الجمعية المصرية للكاريكاتير، اتحاد منظمات رسامي الكاريكاتير «فيكو»، قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، قطاع الفنون التشكيلية، صندوق التنمية الثقافية، الهيئة العامة لقصور الثقافة، هيئة تنشيط السياحة، ومتحف الكاريكاتير في الفيوم. يترأس المُلتقى الفنان جمعة فرحات، وقوميسيراه الفنان فوزي مرسي، والفنان عماد عبد المقصود، ويشارك في تنظيمه الفنانون سمير عبد الغني، حسن مصري، خضر حسن، وعمر صديق.
التعليم في ظِل ثورة الاتصالات
ما بين الكتاب وشبكات التواصل الاجتماعي، هذا العنوان العريض هو ما يجمع معظم الأعمال الفنية التي جسدت مأساة التعليم في العديد من دول العالم، من دون الاقتصار على دول عربية أو غربية. فقد الكتاب أهميته، وأصبح شيئاً ثانوياً ينتمي إلى الماضي، خاصة الجيل الجديد، هناك حالة من التأسي الساخر تلف جميع الأعمال الفنية، حتى علاقات الحب والصداقة وما شابه من هذه الإحساسات الخاصة، أصبح التعبير عنها من خلال أيقونات شبكات التواصل الاجتماعي.
أصبح العالم افتراضياً، أكثر خيالاً وبؤساً، ومن هذه الوسائل أيضاً الميديا والقنوات الفضائية التي أصبحت عنصراً فعالاً في عمليات غسل الأدمغة، فالمخ أصبح اللعبة المفضلة لهذه الوسائل السلطوية في الأخير، التي تجعل الإنسان وكأنه في مهب الريح، تُشكّله على هواها، وهو تائه دوماً، لا يبرح عتبة طفولة عقله. وما الاحتماء من هذه الآفات إلا بالقراءة ومحاولة البحث عن قناعات اجتهادية، لا أن يكتفي ويصبح مُتلقياً سلبياً يتلقى عقله كل ما يُلقى إليه من خرافات وأكاذيب ومعلومات مغلوطة، تعيد صياغته وتنميطه بعد ذلك كما يريد له الآخرون.
الفساد السياسي والاقتصادي
وضع المرأة المتدني في العديد من الدول العربية، وكأنها عاهة يجب مداراتها، وعورة يجب التستر عليها، الأمر أشبه بالفضيحة التي يحملها كل رجل رغماً عنه، ويعمل جاهداً في إبعادها قدر الإمكان. دول الخليج العربي هي ما جسد فنانوها هذه المشكلة، كالعربية السعودية على سبيل المثال. أما قضايا الفساد الاقتصادي والفقر ومشكلاته فأتت من مصر، وما تفعله الدولة لخلق مساحات أكبر من التفاوت بين الفئات. الضغوط الاقتصادية وتبعاتها، والمحاولات المستميتة التي يعيشها المواطن المصري في سبيل أن يمر يومه فقط، من دون أدنى أمل في يوم آخر سيجيء. وما بين الأعمال التي قام بها الفنان التركي أو الإيراني نجد زيف وخداع الزعيم السياسي، وخداع الخطاب الديني، والتمسّح بكل ما ينتمي إلى الدين ــ هذا في الحالة الإيرانية ــ أما الفنان التركي فبرع في التعبير عن حالات العيش داخل السجون. ولا يختلف الوضع في العراق وسوريا، من حروب وإرهاب وضحايا جدد، كأن يرفع رجل رأسه إلى السماء ويدعو، فلا يُجاب إلا بقذيفة تسقط فوق رأسه!
الأعمال في النهاية تعبير جديد جداً عن إحساس فنان الكاريكاتير بما يحدث، وفي شكل ساخر يحاول أن يجاري السخرية السوداء لما يحدث بالفعل. مهمة الفنان هنا أصبحت أصعب بكثير عن ذي قبل، فما يحاول التعبير عنه يفوقه سخرية وخيالاً ــ مريضاً بالطبع ــ لكنه خيال يفوق التوقع. فالأعمال تعبير حي وصادق إلى حدٍ كبير عما يحدث في العالم الآن.
محمد عبد الرحيم
