القاهرة ـ «القدس العربي»: حياة كاملة يتشارك فيها الإنسان والحجر، ويُشكّل كل منهما الروح المصري، وأن تأتي عيون تحمل قدراً كبيراً من الدهشة لتوثق هذه الحياة، فتصبح بدورها جزءاً منها، محاولة استحضار لحظة خشوع وجلال. أثر فرعوني وفلاح مصري ومستكشف فرنسي، هنا يسقط الزمن، ويصبح لحظة ممتدة يتعايش الجميع من خلالها. حكاية طويلة وسرد بصري فائق نطالعه في المعرض الفوتوغرافي الذي اقيم في مركز سعد زغلول الثقافي في القاهرة، والذي يوثق لرحلة الكشوف الأثرية الفرنسية في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وجاء تحت عنوان «لقطات من مصر». هذه اللقطات التي تخلق مناخاً حكائياً بالدرجة الأولى عن حيوات متباينة لأشخاص تقابلوا مُصادفة، ليسردوا القصة، دون بطولة لأحد، فقط روح حضاري أصبح مظلة للجميع. فبجانب كل لقطة حكاية قصيرة، وللمتلقي أن يستكملها بخياله وخيالاته عن ذلك العالم الذي كان، أحياناً يكون المصوّر مجهولاً، وأحياناً أخرى يكون صاحب الصورة مجهولاً بدوره، وهو ما يتيح أن نختلق بدورنا حكاية تليق بكل منهما، نضيف ونحذف ما نشاء من اسماء وأماكن، ولنا استحضار تاريخ خيالي لطفل باريسي سيصبح مُصوّراً في ما بعد، وآخر مصري سيصبح موضوعاً لصورة، اجتمع كل منهما في لقطة لن يهملها الزمن.
يتميز الفنان الحروفي، عبد السلام الريحاني، بأسلوبه الإبداعي الذي يروم الشكل التراثي الحروفي المميز لأبي عبد الله سيدي محمد بن قاسم القندوسي، وهو أسلوب غني بثراه الجمالي الفخم في مجال الخط المغربي.
الدهشة تملؤك وأنت تتجوّل ضمن أعمال مها المنصور- الفنانة الكويتية، خريجة كلية التربية الفنية في الكويت- حتى تجزم وتتيّقن بأنها تحمل في داخلها عدداً من الفنانين، لكلٍ منهم أسلوبه الخاص وشخصيته المميّزة. فالأعمال أحياناً تكون على طرفين متباعدين لا يربط بينهما إلا روح المنصور التي تظهر في جميع أعمالها، ابتداءً من الأعمال الموغلة في التفاصيل الشرقية إذا جاز هذا التعبير، فنجد أن المساحات البيضاء قد طمست بزخارف نباتية منوّعة تكون في الأغلب بأحجام كبيرة، منفّذة بأسلوب بعيد عن الدقة المبالغ بها والتي تتبع عادةً في الزخارف، فنجد أن المنصور ترسمها بشكلٍ عشوائي وتلوّنها كذلك. وفي أعمال أخرى نجد أن حضور الزخارف يكون خجولاً، مجرد زخرفة صغيرة وغالباً ما تكون متلاشية، عنصر صغير يحمل على ظهره الهوية التي تريد المنصور إبرازها من خلاله. بالإضافة إلى رسم البيئة المكانية التراثية من خلال استحضار الأبواب القديمة بأقواسها المتينة دون أي تفاصيل أخرى للبيت، وكأن هذا الباب هو مدخل لعالمٍ غرائبي في خيال مها المنصور، هنا البساط ليس أحمر بل هو ملوّن ومزخرف؛ وليس أمام الباب فقط، بل إنه ممتد على طول اللوحة وعرضها، هل من ترحابٍ أكثر من هذا؟
أتساءل دائما: هل أن العنف طبيعة وجدت في الإنسان منذ وجد على سطح الأرض، ومن ثم تم تهذيبه تماما كما يتم ترويض بعض الحيوانات التي أصبحت أليفة؟ وقد يبدو سؤالي غريبا على البعض.. فالإنسان تميّز عن غيره من الكائنات بالعقل، وكيف للعقل أن يكون عنيفا؟
القاهرة ــ «القدس العربي»: برحيل الفنان محمود عبد العزيز فقدت السينما المصرية واحدا من ممثليها المهمين. للرجل تاريخ طويل من الأعمال المهمة والمتميزة، التي لا تنفصل عن تاريخ السينما المصرية، يأتي على رأسها فيلم «الكيت كات» الذي أخرجه داود عبد السيد عام 1991، والذي أصبح بدوره من أهم وأفضل الأفلام، محققاً معادلة التوازن ما بين العمل الفني والجماهيري.
استطاعت المغربية شريفة رابح أن تصنع مفردات تشكيلية جديدة بمقومات فنية عميقة الدلالات وبأسلوب تحديثي، تتخذ منه مادة لبناء شخوصيات متنوعة المضامين ببعد فني رائق، وهي توظف لذلك تجربتها الرائدة في الفن التشخيصي، بتحويل أبجدية الواقع بحسية وأسلوب تعبيري غزير الدلالات، تجعل منه عنصرا فاعلا تتحكم بواسطته في الفضاء عبر مجموعة من الأشكال والألوان الدقيقة. فالفنانة شريفة رابح تبني عملها الجاد في فضاء يسمح بخروج المادة التشكيلية إلى حيز الوجود الحسي والبصري بكثير من المهارة والتقنيات العالية، وهو ما تتوفر عليه الفنانة المبدعة وما تسمح به خبرتها الرائدة في الحركة التشكيلية المعاصرة. بل إنها تعمل جادة لصنع أشكال شخوصية مبتكرة وذات معان، على خامات ناعمة، وتوظف تقنيات هائلة لمزج الألوان ووضعها بشكل دقيق ومنظم، كونها تتخذ من التعبير اللوني والشخوصي، على حد سواء، مادتين أيقونيتين للتعبير عن خلجاتها وما يجيش به شعورها، وفق تصورات فنية عميقة الدلالات.
القاهرة ـ «القدس العربي»: «(ليست هناك قواعد) .. هذا ما يتردد في ذهني بينما أعبر الشوارع المزدحمة للمدينة التي ولدتُ فيها/القاهرة. ومع ذلك هناك تمييز واضح/الجنس. تدرك الشوارع أنوثتي وتعاملني وفقاً لها. وبينما أحاول دوماً أن أفهم مفاتيح الأمان، أرتكب أخطاءً. أكتشف الفضاء العام، وأكتشف ما صرت إليه، أكتشف ما يمثله جسدي، وأكتشف ماهية هذا الافتتان الأبدي بالجسد الأنثوي وبانتهاكه والسيطرة عليه». (ص 13).
تعتبر الفلسفة أحد المصادر المهمة التي رفدت الموسيقى عبر الأزمان بروافد ثقافية عميقة، ووضعت لها أسسها الإنسانية لا بوصفها مجرد أصوات طربية أو أنغام جميلة. ومنذ فجر التاريخ الثقافي للإنسانية كان هذا العقد القوي بين الفلسفة والموسيقى.
يشتغل الفنان التشكيلي السعودي يوسف إبراهيم على مواضيع حروفية متقدمة بما تطرحه تشكيلاته الفنية من إشكاليات فلسفية مختلفة تصب في القيم الفنية والجمالية وقيم الحياة والآليات المتنوعة، فهو يتجه إلى مناحي دقيقة في صياغته الحروفية، سواء ما تعلق منها بالحرف في ذاته، أو بعمليات التركيب الخطي، أو بالتجريد أو بمختلف المناحي الأخرى. فالأشكال الحروفية التجريدية ومفرداتها حاضرة في غالبية الأعمال.
وجها لوجه أمام علامات استفهام كبيرة يزرعها الفنان السوري رامي وقاف (مواليد القامشلي 1975 ودرس الأدب العربي، وامتهن النحت بجهد شخصي) بين منحوتاته ليصطاد بها المتلقي ويتركه حبيس مفاهيم متنوّعة كان قد طرحها في أعماله. بعض المنحوتات تشبه لعنة محببة، فهي تلتصق بخيالك ولا تستطيع إبعاد طعمها عن فمك مهما أكثرت من الماء.