القاهرة ـ «القدس العربي»: الجميع يتذمّر من الحياة وما بها، وصولاً إلى التذمّر من نفسه. فما فائدة المُعاناة واستمرارها؟ لا يوجد الجَمال إلا في بلاغة اللغة/تزييف الواقع، الذي هو في الأصل حالة من السخف لا تُحتمل، ومن هنا تتولد حالة من الشجاعة في مواجهة الموت، فليأت إذن، ولن يتغيّر شيء.
ندخل العراق من بابٍ ملوّن، نسرح بحضارة عمرها آلاف السنين، بابٌ من صنع لوحات الفنان العراقي أحمد حسن الزعيم، مواليد بغداد 1979. يعمل مدرّساً للتربية الفنية، ويحمل دبلوماً فنيّاً من معهد الفنون الجميلة في بغداد، وبكالوريوس في الفنون التشكيلية من كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد. له مشاركات عديدة في معارض مهمة، وقد حصل على عدد من الجوائز والشهادات التقديرية. نلجُ من بابه إلى بيت كبيوت كلّ العراقيين مليء بالحب والحياة والتفاصيل المبهجة، نعيش الحياة الحقيقيّة، نرافق العروس من «ليلة الحنّة» عنوان أحد لوحات الزعيم، يصل وهج الشّموع المضاءة داخل طبقٍ نحاسيّ واسع عند أرجل الفتيات إلينا، رائحة الحنّة تعبق في أنوفنا والبسمة تُرتسم غصباً على شفاهنا.
في جلسة جمعتني مع بعض الأصدقاء الكتاب، وكنا نتحدث خلالها عن انعكاس الواقع في كتابة القصة أو الحكاية، وعن كيفية بناء اللحظة الواقعية بشكل إبداعي كتابي، وجدت نفسي ابتعد قليلا، مستعيدا لحظات كثيرة مؤلمة وقاسية تحولت إلى إبداع قد لا يلحظه التاريخ المدون الحقيقي للوقائع، لأن مهمة التاريخ دائما كانت نقل وتدوين الصورة تبعا للمدون، حيث يتدخل فيها أحيانا التزوير، أو وجهات النظر المعاكسة للوقائع.
القاهرة ـ «القدس العربي»: شغلت مسألة تحديث المجتمع المصري الكثير من المفكرين والمُنظرين الاجتماعيين، بداية من الصدمة التي أحدثتها الحملة الفرنسية على مصر، مروراً بمظاهر التحديث التي أقامها محمد علي، المُسمى بمؤسس مصر الحديثة، وصولاً إلى حركة يوليو/تموز 1952، وأفكار التحديث التي أدخلها نظام عبد الناصر إلى المجتمع المصري.
القاهرة ـ «القدس العربي»: جاءت حركة يوليو 1952، وحملت معها رياح التغيير القوية في الشرق الأوسط، ودول العالم الثالث إذا أردنا الدقة، وكما هو حال الأدب، الذي تلون بهذه الثورة، فظهر أدباء كانت تحملهم الأماني في النظام الجديد إلى عالم من الخيال، وأصبح الأدب بوقاً للنظام الثوري والقمعي بعد ذلك في آن.
كلما أشرع في كتابة نص عن الملحن العبقري محمد الموجي أجدني في حيرة شديدة، ومصدر حيرتي أسباب كثيرة جدا،ً فقد ولد محمد الموجي عام 1923 في كفر الشيخ، وهو عام رحيل سيد درويش أهم ملحن مصري أستطاع أن يخلّص الأغنية المصريّة من التبعية العثمانية، هذه مفارقة أم صدفة لاندري؟ جاء من بيئة فلاحية مختلفة ومع ذلك أصبح أحد المجددين البارزين جداً في الأغنية العربية.
القاهرة ـ «القدس العربي»: لم يزل الكيان المُسمى بـ«وزارة الثقافة» يرى أن مهامه لا تتعدى المهام الوظيفية، التي فقط تقوم بتنفيذ التعليمات السيادية العُليا، لم يزل هذا الكيان الذي كان يُسمى «وزارة الإرشاد» في الستينيات من القرن الفائت، يسير على النهج نفسه، رغم تبدل الأحوال والظروف والتقدم التقني، الذي أصبح صوت الدولة مهما حاولت هو مجرّد صوت ضمن مجموعة أصوات مختلفة، ففكرة الصوت الواحد انتهت إلى الأبد، إلا أن الدولة وأجهزتها لم تزل تعيش في وهم السيطرة المُطلقة على مواطنيها.
القاهرة ـ «القدس العربي»: يمثل (المعرض العام للفنون التشكيلية) والمقام حالياً في قصر الفنون في دار الأوبرا المصرية في دورته الـ 37 صورة لما تبدو عليه خريطة الفن التشكيلي المصري. حيث يجتمع أكبر عدد من الفنانين التشكيليين من خلال أعمالهم، وبالتالي من الممكن رسم صورة لما وصل إليه الفن التشكيلي المصري. وفي هذه الدورة بلغ إجمالي العارضين 235 فناناً. ومع تراوح وتباين الأعمال المعروضة من حيث المستوى، إضافة إلى المشكلات الدائمة التي أصبحت سمة من سمات المعرض، من قبيل اختيار الفنانين، وعدد الأعمال المشاركة لكل فنان، وطريقة عرض اللوحات حسب اسم وشهرة الفنان، هذه المشكلات التي يبدو أن التخلص منها والاحتكام إلى جودة وأصالة العمل الفني نفسه أمر يصعب تنفيذه. فهناك أعمال لو لم يوضع عليها اسم صاحبها، والذي نال حظه من الشهرة وثقة وعلاقات أصحاب قاعات العرض الخاصة، أو الصحافيين ــ الأمر لا يقتصر على الفن التشكيلي، بل يمتد لجميع أشكال الفنون ــ فلن يحظى العمل بمجرّد حتى الالتفات إليه. لكن هناك بعض الأعمال التي يتمتع أصحابها بوجهة نظر، وتقنية متطورة أو مختلفة عن السائد والمُكرر والمُعاد، الذي أصبح سمة للكثير من أصحاب الأسماء الشهيرة.
كان للمرأة في تاريخ العرب دور كبير في حركة الغناء والأدب ومجالات مختلفة في المجتمع، وقد تركت لنا كتب التراث إرثا كبيرا لمغنيات وشاعرات وعازفات وراقصات برعن في مجالات شتى، والغريب أن الجواري كان لهن حظ أكثر وفرة في تلقي العلوم المختلفة من بنات الذوات والعوائل العريقة، وأتوقف هنا قليلا عند عريب المأمونية إحدى الفتيات اللواتي امتلكن الموهبة والإبداع والتي قال فيها الأستاذ البارع والذائع الصيت في تاريخ الموسيقى إسحاق الموصلي: ما رأيت امرأة قط أحسن وجهاً وأدباً وغناءً وضرباً ولعباً بالشطرنج والنرد من عريب، وما تشاء أن تجد خصلة حسنة طريفة في امرأة إلا وجدتها فيها.
القاهرة ـ «القدس العربي»: فن (الأفيش) يعد من الفنون الحديثة نسبياً، لارتباطه بالفن السينمائي، خاصة بعدما أصبحت السينما من أهم الفنون الجماهيرية والتجارية، وإن كان فن الأفيش فناً دعائياً بالأساس، ويعد من أهم عوامل الترويج للفيلم، إلا أن مفردات هذا الفن تأتي من مفردات وقواعد الفن التشكيلي، الذي يُعد من أقدم الفنون التي صاحبت الإنسان. وللأفيش أفكار وأهداف منها، أنه يلخص حالة أو طبيعة العمل السينمائي، وأن يوحي بموضوع الفيلم من خلال مجرّد لقطة واحدة. من ناحية أخرى يبدو التطور التاريخي لفن الأفيش، وهو الأمر الذي يحتاج إلى دراسة خاصة، بداية من الانتقال من أفيشات الأبيض والأسود، وصولاً إلى استخدام اللون والتقنيات الحديثة كالديجيتال على سبيل المثال. وفي معرض شبه استعادي لأهم أفيشات السينما المصرية، من خلال أعمالها الكلاسيكية، التي أثرت على الكثير من الأجيال، جاء معرض (سينمانيا) بـ Darb 1718 الثقافي، ليستعرض العديد من الأفيشات لأفلام شهيرة، من خلال الفنانين الجدد وتقنياتهم الحديثة، ووجهة النظر والرؤى المختلفة، التي لم تكتف بنسخ الأفيش القديم، بل أوحت بحالة تفاعل ومقارنة مع الفيلم نفسه، كتجربة شعورية في التلقي بالأساس، ثم إعادة إنتاجها في تجربة فنية جديدة.