القاهرة ـ «القدس العربي»: أن تخلق عالما في ذهنك، وتصوغ أدق تفاصيله.. شخصيات وأماكن وأحداثا، وحكاية يقودها بطل خارق، يحمل رسالة ما للإنسانية، ويحاول أن يجعل الحياة أكثر قابلية لأن تُعاش، فأنت إذن تقارب الآلهة وتحاكي صنائعها، وبما أنك تنظر من سماء خيالك، فإنك لن تعرف شيئاً عن البشر.. نوازعهم وآمالهم وأحلامهم التي لا تعرف الحدود. لتكن إلهاً أو مخلوقاً، حسب مشيئتك، لكن في جميع الأحوال عليك أن تتحمّل وحدك النتائج.
القاهرة - «القدس العربي»: لم تزل المدارس الكلاسيكية في الفن التشكيلي تتحاور مع عين المُشاهد من خلال خبرات الفنانين المصريين، سواء من خلال الرؤية أو التكنيك، دون أن يسلب هذا من الفنان تجربته الخاصة، التي تدور في فلك هذه المدرسة أو تلك. وتكون المراهنة هنا على مدى قدرة الفنان في تجسيد عمله وفكرته من خلال هذه المفردات. هذا ما نلحظه في عدة معارض تشكيلية شهدتها القاهرة مؤخراً، أولها معرض الفنان أحمد الجنايني، المعنون (رحلة فن/ذاكرة اللون والوجدان)، والذي أقيم بأتيليه القاهرة، وقد اتخذ الروح والتكوين السريالي، كذلك معرض الفنان عماد رزق، الذي تجسدت أفكاره من خلال المدرسة التعبيرية والتأثيرية في الفن، وقد أقيم معرضه في قاعة زياد بكير/دار الأوبرا المصرية. وأخيراً معرض (أصداء الأزمنة 2) للفنان مجدي عبد العزيز، والذي أقيم في قاعة الباب/دار الأوبرا المصرية، وهو هنا يمزج ما بين المدرسة التكعيبية والخط العربي في حالة متناغمة، دون تغريب، فأصبحت التجربة الفنية قادرة على احتواء حالة متناغمة من الوعي والحِس في لحظة بصرية لافتة. تنطلق الأعمال من خلال مدارس كلاسيكية لها ثقلها في الفن التشكيلي، منها ما كان ثورة في الفن وقتها، لكن روح التجريب في هذه الأعمال تحاول الحفاظ على هذه الثورة قدر الإمكان.
إن موسيقيينا يتخبطون في عالم النغم بلا دليل، تراهم يقلدون أو يبحثون عن مسالك للإبداع ولكنهم عموما ما زالوا يؤدون أدوارا هامشية قاصرة على التأثير في حركة المجتمع. والحال أن مجتمعاتنا العربية اليوم في أشد الحاجة إلى تغيير فني يسهم وفق طريقته الخاصة في بلورة وعي ثقافي جديد يخرجنا من منزلة المستهلك للحضارة ومنتجاتها إلى منزلة الخلاقين المشاركين الذين يثبتون بجهدهم أنهم حاضرون في العالم ولهم آثار تدل على وجودهم في خريطة الإبداع والابتكار.
القاهرة ـ «القدس العربي»: رغم كل التناقضات من مواقف الأبنودي (1938 ــ 2015)، فلا أحد يستطيع أن ينكر موهبته الشعرية، وتأثير كلماته التي أخذها من لسان الشعب المصري، وأعادها إليه مرّة أخرى في شكل مواويل وقصائد وأغنيات، تعبّر عن حال هذا الشعب، فقد تكلم بلغته، البسيطة السهلة والعميقة جداً في الوقت نفسه، لغة تحمل حضارة هذا الشعب، وطبائع الإنسان المصري الحالم والمُسالم دوماً، والغاضب أحياناً.
القاهرة ـ «القدس العربي»: لم تحظ أعمال نجيب محفوظ القصصية بالدراسة والبحث النقدي الكافي، اللهم إلا عدة مؤلفات مقارنة بأعماله الروائية التي لم تزل محل بحث ودراسة وتطبيق النظريات النقدية الحديثة على هذه الأعمال لاكتشاف الجديد، الذي ربما لم تدركه مدارس النقد الكلاسيكية.
القاهرة -«القدس العربي»: «ليس أفضل من هذا المنزل الذي أعيش فيه، في الأسفل شقة مواعدة تعالج ضرورات الجسد، وأمامي تقع الكنيسة حيث تُغتفر الخطايا، وأبعد قليلاً توجد المستشفى حيث نقضي». (كفافيس)
«القلب يعشق كل جميل» والقلب يعشق هذا الصوت القادم من قلب الحب بل الذي يؤرخ هو نفسه بسماته وتفاصيله للحب كأجمل ما يكون. القلب يعشق صوتها يضيع في تفاصيل عُربه يتقلب مع تقلباته.
القاهرة ـ «القدس العربي»: السخرية هي أحد أهم وأعمق مظاهر المواجهة أو رد الفعل على أشياء تحدث لا يستطيع المنطق الإحاطة بها، ولأنها ضد المنطق والعقل، تبدأ السخرية عملها من مقام اللامنطق هذا، لتكشف للعقل قصوره عن استيعاب ما يحدث، فقط بهذه الطريقة يمكنه أن يرى.
من الممتع أن تكون أنت صاحب الفكرة والتأويل لعملٍ فني ليس من صنعك، سعادةٌ تحمل من النَّشوة الكثير. أن تسكب هواجسك فوق الألوان النّائمة فتوقظها مئات المرات، أن تبني من خيالك خطوطاً فوق كيانات اللوحة المبهمة والمتماهية مع المحيط. أمام أعمال الفنان الجزائري « مراد عبد اللاوي» - مواليد 1964، الحائز على شهادة الفنون الجميلة عام1988- لم أفعل ذلك وحسب، بل بدأتُ أطارد الوجوه التي تطلّ من بين الألوان، وكأنها تخاطبني وحدي دون الجميع، تقودني لغابات بيضاء وبحيرات ملوّنة، أغرق بسماع معزوفة لا لونية فقط بل ذات صوت رنان. كيف لا يكون ذلك صحيحاً وقد أرجع العديد من النقاد ظهور الفن التجريدي والنّزعة إلى الخروج عن تقاليد التصوير وإلغاء الطبيعة الواضحة في الأعمال الفنيّة إلى تأثر الفنانين بروح العمارة وروح الموسيقى. ففي عام 1912 عرض الفنان التشيكي كوبكا، لأول مرة، لوحات مجردة مستوحاة من الموسيقى، وكان الأخير رائداً لجماعة من الرسامين التجريدين، دعوا أنفسهم «الموسيقيين» Musicalistes، عام 1920، فكيف لا يكون للوحات هؤلاء أصوات نابعة من لوحاتهم؟
القاهرة ــ «القدس العربي»: «مهما يكن فليس في تاريخ حياتي ما يلفت النظر، لم يحدث فيها ما هو جدير بالانتباه، ليس لي منصب مهم، ولا أنا من حَمَلة الشهادات العظيمة، لم أكن أبداً طالباً بارزاً، على العكس من ذلك كان نصيبي دائماً هو عدم التوفيق، ومهما كنتُ أعمل كنتُ أبقى خاملاً ورؤسائي غير راضين عني، ربما لو استقلت لرضوا»، هكذا يصف نفسه (صادق هدايت 17 فبراير/شباط 1903 ــ 9 أبريل/نيسان 1951 ـ الصوت الأكثر صدقاً وحِدة في الأدب الإيراني الحديث، وقد صدرت مؤخراً طبعة جديدة من روايته «البومة العمياء» ترجمة إبراهيم الدسوقي شتا، عن سلسلة روايات الهلال. هذه الرواية التي تعد عمل هدايت الأشهر والأكثر تجسيداً لفلسفته ورؤيته للحياة، عالم الكوابيس المزمنة، واختلاط الواقعي بالخيالي، وصور سيريالية مهيبة. روح قلقة لا تستوي على حال، ولا تجد مكانها إلا في نغمة التعالي على الواقع ومَن يقدسونه، وهذه الحياة وما عليها لم تكن جديرة ولا تليق فقط إلا بالأوباش.