التصنيف الأدب

هوى تشرين

حلّ الفراغ في أحشائه فجأة فيما كان يتأمّل الحفرة التي هيّأها منذ أسبوع. لا يدري أيندبُ حظه العاثر أم يسخر من حياة تَطرُقُ بابه بقبضة من موت؛ فيجري الأمان في بيته كالنهر ويغمر المرق خبز مائدته من جديد. ولِمَ يشعر بالذنب؟ أهو من يُعطي الحياة أو يأخذها؟ فما هو إلاّ حفّار قبور، يشقّ بفأسه بعض الأمتار وينضّد على مقام الميت الأحجار! ثم إنه اليوم لا يخجل من سُؤْلِ قلبه؛ أيجفُّ ثدي زوجته وفي حضنها رضيع؟ كلا! سيستمطر سماء تشرين حبة حنطة تسكن قلب الحُفرة الشاغرة، فيربو الدّقيق وتعلو وجوه أهل بيته حُمرة بعد شحوب ووجوم رهيب.

إسفين

تبلل الوشاح بالعرق وارتخى، فتوقف ليعيدَ إحكام ربطه حول رأسه. كان الوشاح بقية كوفية فلسطينية بالية يعتصب بها دائما في أوقات العمل والكد. أدار حولَ قُطب المطرقة الضخمة كَفَّيْنِ متينتين. رفعها عاليا وهوى بها صارخا بكل قواه:

الإمبراطور

■ الإمبراطور لا يريد أن يحكم امبراطوريته، يريد أن يعيش حياة بسيطة في كوخ من الخشب، يطل على طبيعة خلابة مع زوجة لطيفة وابن بار وزوج صقور بيضاء على شرفة الكوخ، وبعض الأغنام مع كلب وفيّ يتنزهون جميعا كل يوم، وتأبى الإمبراطورية إلا أن يحكمها.

كِتْبِيَّة

في مقتبل عهدها بالشباب دفع بها أهلها إلى سائق سيارة أجرة يعشق الخمرة بجنون، رجل يناديه الناس باسم أحمد زبل بدون أن يسألوا من أين جاءه هذا اللقب.. عاشت معه حياة مبهمة خاطفة لم يستطيعا خلالها أن ينجحا في إنجاب طفل فتبنيا طفلاً غريباً رعته كتبية وأحبته بشغف.. وانشغلت به عن حزنها بالرحيل المبكر لزوجها، الذي مات بالصمت ذاته الذي كان يتأبطه كل صباح وهو خارج إلى العمل.

المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أحتفي بالشاعرية في كل الأجناس الكتابية

يرى الشاعر والكاتب المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أن الحركة المسرحية في السودان زاخرة بالعديد من الجماعات والأصوات المتميزة، ولكن وسائل التسويق للمسرح السوداني خارج السودان بدائية، لعدم اهتمام مؤسسات الدولة بالمسرح بالشكل المطلوب.

طوباوية الوصال الإنساني في روايات للبناني إيلي مارون خليل

بعد خمسين عملا أدبيا في المقالة والقصة والرواية وغيرها، وفي محاولة تتبع شخصيات الكاتب اللبناني إيلي مارون خليل وأبطاله، في رباعيته الأخرى، من رواية «مسافات ملتبسة» (دار الفكر اللبناني) إلى «حياة تنسل بين ع وع» (دار الفكر اللبناني)، إلى «دون أنطونيو» (دار سائر المشرق) وأخيرا «عشيق أمي» (دار سائر المشرق 2018)، نرى أنها تتراوح بين خطين: المثالية والواقعية. لذلك ننطلق من السؤال الإشكالي في رباعيته الأخيرة:

المثقف «السلوقي»: بوقا سياسيا ومجهلا دينيا

تعريف المثقف: سيكون البحث عن تعريف جامع للثقافة والمثقف، وفي إهمال دوره ووظيفته، أشبه باستعادة مريرة للمقال وخوضا في المخاض، ما يجعل هذا الجهد يفتقر إلى الأهمية لعدم راهنيته لقضية الساعة، من حيث أن الثقافة إنتاجا وترويجا وتنفيذا، هي إعادة لتثوير الأيديولوجيات والقيم الاجتماعية، على الأقل، حسب مفهوم غرامشي لها وتركيزه على عضويتها وعضوية المثقف، الذي لا ينفك عن المجتمع صائغا ومبلورا لرؤاه وتطلعاته في فهم واقعه وتقديم إجاباتٍ ناجعة عن التساؤلات العميقة الوجودية وغيرها من الثقافية البحتة، المرتبطة ببنية الإنسان وطريقة تفكيره ومواجهته للقضايا التي تشغله، وإذا كان، على سبيل المثال، جاك لوكوف يوسع من دائرة المثقفين لتشمل بدورها المهنيين، المنفذين للمفهوم في خلاف مع الغرامشية، التي تضيق الدائرة لتبدو كما لو أنها تختص بهؤلاء الذي يمتلكون قدرة فائقة على إبداع وابتداع المقولة، أو الفكرة وإخراجها من مواتها إلى حياتها، لتسند حالا معينة، أو تسهم في إضاءة زاوية معتمةٍ خدمة للذات، أو لمجموع الذين ينتمي إليهم المثقف، ومن خلالهم قام ببيئنة جهده، إذ سيكولوجيا تذهب الدراسات: أن لكل جماعةٍ مثقفيها!