مازلنا ألماسةَ الحُزن المُعتَّق
بدونَ تعثّرٍ في التفاصيلِ أو بحثٍ جزئيٍّ في عتمةِ اللغةِ ومجاهيلِ الليل، أقولُ حارة الطي وأتذكرُ تلكَ البيوت التي خذلنا أبوابها وناسها في شتاءٍ مفترضٍ، أتشابكُ طفلاً وصبياً وكهلاً في صورةٍ واحدةٍ، وأتجول في التاريخِ المدفونِ تحتَ مدنِ نسوتِها، وحين تدقُ الساعةُ دقتَها المتأخرةَ عن موعدها، أحملُ هذا النص المهزوم من المدن البطيئة إلى وجوهنا المحطمة بأحجارِ الفجيعةِ، وهولِ الحدثِ، وأنشدُ نشيدَ اللاهثين على مذبح الكلام، وأعرف ـ ولو متأخراً ـ أن النشيد مرّ بالمنفى كالسهم، وأحدثَ ثقباً كبيراً في المشهد.
النعشُ المنصوبُ بين الزيتون والزعتر
الخرطوم- حوار : في الزمنِ الذهبي من عمرِ القصيدةِ العراقية كان مولدُه الشعري، شاعرٌ مسكونٌ بوحي المختلفِ من الكلام، له على كُلِّ شرفة معرفة قنديلٌ يُضيءُ المسافاتِ ويؤثث الأمكنة بتجلياتٍ إبداعية ثرّة، ائتلف فيه الشاعر والناقد والصحافي في تشكيلٍ لا يشبه سواه من المثقفين العراقيين، فكان الشاهد والدليل الذي لا غنى لك عنه في قراءة واقع الثقافة العراقية على امتداد عقود زاخرة بالكثير من التفاصيل، إنه الشاعر، والمترجم والصحافي العراقي سامي مهدي الذي فتح لنا قلبه عبر الأثير الأزرق فكان هذا الحوار..
كارثةٌ حلَّتْ بالمدرسة!
القصيدة التي قبل أن نولد تنفست الماء والحليب والعسل، تمنَّعت في البداية ولكنها رافقتني في الطريق المظلم إلى الغابة. القصيدة التي تتنزه في الحدائق الخلفية للجنة وعشيقها في الجحيم، تعفو عن جرائم الوقت وتجلس على حافة عمرها ترتب مشاعرها ليصير الجرح في متناول الريح.
الطريق: على قارعة الطريق ونحو وجهته الأخيرة جلس يرتقب، في الأُفق ينظر تارة إلى زوجته وأطفاله تارة أخرى «لم يتبق شيء» قالها مواسياً أطفاله، بعدما استشعر حجم التعب الذي أصبح يسيطر على ملامحهم الصغيرة. هناك على الحدود وقف وقبل أن يتخطاها إلى المجهول وطريقه التي تبعثرت معالمها، أبى أن يتخلّى عن قوته، التي لم تستطع أمام أعين أطفاله أن تُعلن استسلامها، رغم أن ما تركته خلفها تلك القلوب لربما كان أثمن ما امتلكته في حياتها.
يحدث تسويق البضاعة الفاسدة أو الأقل جودة بإخفاء الجيدة أو بإحاطة الفاسدة بإبهار مزوّر وهو ما يسمى: الدعاية، أمرٌ تنتهجه كبريات الشركات وتنجح فيه، بحيث يتم التعامل مع الأقل على أنّه الكثير، والأسوأ على أنّه الجيد، والمُصاب مُعافى، وإذا خالج أحد ما السؤال لماذا هـــــذا؟ فالأمر ببساطة يتبع للكلفة والسرعة وتحقيق ربح كبير بإمكان قلــــيل وتكلفة ميسّرة، والمردود الذي يجنـــيه أحد باع بضاعة جيدة بلا تلك الدعاية سيقابله أحد باع بضاعة فاسدة وبدعاية ناجحة، بوفرة من المال تفوق عدداً تلك المتحصّلة من الجيدة، وهنا سيتبيّن السائل هدفية تسويق الرديء على أنّه الممكن المتوفر في غياب الآخر اللاممكن واللامتوفر لا لأنه غير ذلك، بل لأنَّ عملاً حثيثاً دؤوباً يُدبّر له ليختفي، فتنتفــــي المقابلة/ المقارنة لصالح الظاهر الذي يقدم نفسه بوصفه الوحيد ولا منافس له في ظلِّ مستهلك كسول، يكمل المعادلة العرجاء أساساً.
لو كان لي قلبُ حديقة
«يعتبر العيش مع بشر مختلفين عنا- عرقيا أو إثنيا أو دينيا أو اقتصاديا- أحد أكبر التحديات التي تواجه مجتمعنا اليوم. وقد سهّل الاقتصاد والتقدّم التكنولوجي تفكّك التعاون مع الآخر ليحل مكانه نوع من العلاقات القبلية التي تبحث عن حالات تضامن مع آخرين مشابهين لنا، وعن أشكال عدائية ضد من هو مختلف عنا، وحديثا أوجدت وسائل التواصل الاجتماعية أشكالا من التواصل تساهم في تسطيح التعاون وتعزّز القبلية».