إذا رأيتَ قطاعاً حيوياً من قطاعات الدولة، كان في قمة الصُّعود والنجاح، ثم بدأَ في الانحدار شيئاً فشيئاً، أو وجدتَ مؤسسة أو هيئة كبرى عمومية، كانت في تفوُّق ونجاح، ثم سرعان ما تدحرَجت ووصلت أسفلَ المُنحَدَر، فلا تقل إن السبب في ذلك دائماً هو سُوءُ الحَكامة والتّدبير، والتقصير في التكوين والتأطير، أو نقص في المال والعَتاد، أو قلة الحماس وفُتور الهِمَم، أو غير ذلك من الأسباب الظاهرية التي يعتذرون بها ويتعلَّلون. قد يكون هذا السببُ أو ذاك وارداً، أو كلُّها مجتمعةً. ولكن الذي يحدُث أكثر، وعرفناه بالمُعاينة والتجربة، أن مخطَّط إفشال المؤسسات والقطاعات والمرافق العمومية الأساسَ، يكون مُحكَماً ومدروساً ومُتعمَّداً ومطبوخاً على نار هادئة.