حكم إتيان الزوجة من الدبر
١٧:٢٩ ، ٤ مارس ٢٠٢٠
النكاح في الإسلام
يمكنُ تعريف النكاح في الإسلام على أنَّه الزواج، والنكاح أي الجِماع، ويُقال نكحَ فلانًا فلانة أي تزوّجها، وأنكح فلانٌ فلانًا أي زوّجه، ولا بدَّ لكلِّ نكاح في الإسلام من عقد له، وهو عبارة عن عقد فيه إباحة وطءٍ وجِماع بلفظٍ تزويج أو بإشارة أو بغير ذلك، وجدير بالذكر أنَّ كلَّ عقد نكاح في الإسلام يحتاج إلى مهرٍ وشهود والولي والزوجين، وهذا المقال سيتناول أحد أحكام النكاح المهمة، وهو حكم إتيان الزوجة من الدبر وسيعرض الأدلة التي تُحرِّم إتيان الزوجة من الدبر.
حكم إتيان الزوجة من الدبر
بعد الحديث عن النكاح وتعريفه، فإنَّه لجدير بالذكر أنَّ يتم الحديث عن أحد أحكام النكاح المهمة، والتي فيها من الفائدة والمنفعة ما ينظِّم الحياة الزوجية عند كثير من النَّاس، والحكم الذي سيكون الحديث عنه هو حكم إتيان الزوجة من الدبر وفي هذا الحكم اتفاقٌ كامل بين علماء الأمة أجمعين، وفيه كثير من الأدلة الشرعية في الكتاب والسنّة النبوية الشريفة تحرِّم هذا الفعل، وقد عدّه العلماء كبيرة من كبائر الذنوب، فهو يُخالف قولَ الله تعالى” {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [١]، وقد جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في تفسير هذه الآية: “يأتيها كيف شاء ما لم يكنْ يأتيها في دبرِها أو فِي الحيض”، وقد وردَ في الحديث النبويِّ الشريف عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلّم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: “إنَّ الَّذي يأتي امرأتَهُ في دبُرِها لا ينظرُ اللَّهُ إليهِ، وفي لفظٍ لهُ: مَلعونٌ من أتى امرأةً في دُبرِها”. [٢]، والله تعالى أعلم [٣]
أدلة تحرم إتيان الزوجة من الدبر
إنَّ إتيان المرأة من دبرها محرّم عند الأئمة الأربعة بالإجماع كما وردَ سابقًا، وهذا التحريم من الأئمة جميعًا لم يكنْ من فراغ، بل كانَ استنادًا على كثير من الأدلّة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ثابتة عن رسول الله -صلّى الله عليه سلّم-، فعلى كلِّ مسلم يخشى الله تعالى أن يكون على دراية تامّة بهذا الحكم كي لا تسوّل له نفسه ويقع في المحظور، ويرتكب كبيرة من الكبائر -والعياذ بالله- وفيما يأتي الأدلة الشرعية التي تحرِّمُ إتيان الزوجة من الدبر في الإسلام:
- قال رسول الله -صلَّى الله عليه سلّم- في الحديث عن رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: “إنَّ الَّذي يأتي امرأتَهُ في دبُرِها لا ينظرُ اللَّهُ إليهِ، وفي لفظٍ لهُ: مَلعونٌ من أتى امرأةً في دُبرِها” [٢].
- وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أيضًا فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: “من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ أو أتى امرأةً حائضًا أو أتى امرأةً في دُبُرِها فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ” [٤].
- ووردَ عن النّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه خزيمة بن ثابت قال: “إنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: إنَّ اللَّهَ لا يستحيي منَ الحقِّ لا تأتوا النِّساءَ في أدبارِهِنَّ” [٥].
- وقد وردَ في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله عن سبب نزول الآية التي يقول فيها الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [١]، قال: “كانتِ اليَهودُ تقولُ: مَن أتى امرأتَهُ في قُبلِها من دُبرِها كانَ الولَدُ أحولَ، فنزلت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ” [٦]، والله تعالى أعلم
والخلاصة إنَّ إتيان الزوجة من الدبر من الكبائر، وإذا أصرّ الزوج عليه فلا طاعة للزوج من زوجته لأن الطاعة لا تكون إلّا في المعروف، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عزِّرَا جميعًا، وإلا فُـرِّقَ بينهما كما يُـفَـرَّقُ بينَ الفاجرِ ومن يفجر به” [٧].
مسائل فقهية حول إتيان الزوجة من الدبر
إنَّ الحديث عن حكم إتيان الزوجة من الدبر حديث متفق عليه كما وردَ سابقًا، ولكنَّ هذا الحديث له تشعّبات كثيرة، وفيه مسائل فقهية أخرى لا بدَّ من المرور عليها والتفصيل فيها، ومن هذه المسائل الفقهية:
- ليس لمن أتى زوجته من الدبر كفارة أبدًا إلّا التوبة والندم والاستغفار، والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل الذي يُوجبُ غضب الله -سبحانه وتعالى-، فهو كبيرة من الكبائر، والله تعالى يقبل التوبة، قال جلَّ وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [٨][٩].
- على الزوجة عدم إطاعة زوجتها في مثل هذه الأمور، فالطاعة في الإسلام لا تكون إلّا لمعروف، ولا لطاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنَّ أجبرها زوجها على هذه الكبيرة، فلها الحق بأن تلجأ إلى القاضي الموكّل بالقضاء وللقاضي الحق في تفريق الزوجين عن بعضهما دفعًا للذنوب والخطايا.
- من أتى زوجته من دبرها في نهار رمضان فقد أفطر ووجبَ عليه الإمساك عن الطعام والشراب وعليه كفّارة، فقد أوجب العلماء الكفارة على من أولج في نهار رمضان، وإذا كان هذا برضى الزوجة فعليها هي أيضًا كفّارة لمطاوعتها لزوجها في منكر وهي تعلم. [١٠]
فيديو عن حكم النكاح من الدبر
في هذا الفيديو، يقدّم د. بلال إبداح، دكتور العقيدة والشريعة الإسلامية توضيحًا حول حكم النكاح من الدُّبر في الإسلام. [١١]
المراجع[+]
- ^أب{البقرة: الآية 223}
- ^أبالراوي: أبو هريرة، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 1/271، خلاصة حكم المحدث: أسانيده صحاح
- ↑إتيان المرأة في دبرها من الكبائر, ، “www.binbaz.org.sa”، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-12-2018، بتصرّف
- ↑الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3904، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑الراوي: خزيمة بن ثابت، المحدث: العيني، المصدر: نخب الأفكار، الصفحة أو الرقم: 10/448، خلاصة حكم المحدث: فيه عمر مولى عقرة بنت رباح فيه مقال
- ↑الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2978، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑الأدلة على تحريم وطء الزوجة في دبرها, ، “www.islamweb.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-12-2018، بتصرّف
- ↑{طه: الآية 72}
- ↑هل لإتيان المرأة من دبرها كفارة؟, ، “www.islamqa.info”، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-12-2018، بتصرّف
- ↑حكم من أتى زوجته في دبرها في نهار رمضان, ، “www.islamqa.info”، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-12-2018، بتصرّف
- ↑حكم النكاح من الدبر، “www.youtube.com”، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-12-2018