أي عضو من أعضاء جسمك هو الأهم؟

لو طرحتَ هذا السؤال على جمعٍ من الناس، لجاءتك منهم أجوبة متباينة؛ فمنهم من سيخبركَ بأنَّه القلب، وسيخبرك غيرهم بأنَّه الدماغ أو الرئتين أو العينين أو الجهازِ الهضمي أو الجهاز التناسلي، وهلمَّ جرا. في الحقيقة إنَّ كُلَّ عضوٍ من أعضاء الجسم عضوٌ حيويٌّ لا يُمكن الاستغناء عنه بدرجةٍ أو أخرى، ولا يَقِلُّ أهميةً عن سائر الأعضاء. لذا يُصبِحُ من الضروري الحفاظ على صحتها وسلامتها جميعاً؛ وذلك لتمكينها من أداء مهامها المشتركة والمترابطة.

1. الرئتان:

إذا ذُكِرَت الرئتان، ذُكِرَ القلب معهما، فهما تُكمِلانِ بعضهما بعضاً من حيثُ أداء الوظيفة المباشرة؛ وهي تنقية الدم ثمّ ضخّه إلى خلايا الجسم جميعاً حاملاً معهُ نسغَ الحياة.

لا يقتصرُ عملُ هذين الكيسين المتواضعين الدائمي العمل في كلّ لحظةٍ من لحظات حياتك على استخلاص الأكسجين من الهواء الذي تستنشقه، وإنَّما يعملانِ على تنقيته من أي جراثيمٍ أو فيروساتٍ تكون قد استنشقتها مع الهواء، وذلك من خلال تنقية دمك من الشوائب الاستقلابية، ثمّ طرح ثنائي أكسيد الكربون. لذا فكُلّما ازدادت كفاءة رئتيك في القيام بوظائفهما، ازدادت معها مستويات طاقتك أيضاً، وانخفضَ احتمالُ التقاط العدوى من الجراثيم والبكتيريا والفيروسات المحمولين جواً.

أفضل طرق الحفاظ على صحة الرئتين:

لا يُعدُّ الوزن الزائد من شحوم البدانة في الجسم مجرَّد عبءٍ ثقيلٍ يُجهد القلب فحسب، بل إنَّه يضع أيضاً حملاً كبيراً على الرئتين؛ إذ تُعيقُ الشحوم الزائدة المتوضِّعة على جدار الصدر من الداخل، مقدرةَ الرئتين على الاتساع والانقباض أثناء عمليَّة التنفس. ومن حُسنِ الحظ أنَّ مجردَ حدوث انخفاضٍ طفيفٍ في الوزن، يُحدِثُ تأثيراً إيجابياً كبيراً على عمل الرئتين والقلب. تقولُ إحدى الدراسات التي أُجرِيَت حديثاً: إنَّ انخفاضاً نسبتهُ (10%) من وزن الجسم الزائد، يمكنه تحسين طاقة الرئتين بنسبة (5%).

وبالإضافة إلى تخفيض وزنك عن طريق تجنبِ الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، يجب الإكثار من تناول الأطعمة الفلافونية -مثل التفاح على وجه الخصوص- التي تزخرُ بمضادات الأكسدة التي تعمل على تعزيز عملِ الرئتين.

وقد توصَّل باحثون بريطانيون مؤخراً إلى قناعةٍ كاملةٍ بأنَّ من يتناول تفاحتين على الأقل في الأسبوع، يقلّ عنده احتمال الإصابة بالربو بنسبةٍ يمكن أن تصل إلى (32%). وكانت دراسةٌ سابقة قد أظهرت أنَّ أكل تفاحةٍ واحدةٍ يومياً يمكن أن يُخَفِّضَ احتمال الإصابة بسرطان الرئة بنسبة (40%).

2. الكليتان:

الكليتان

معظم حالات سرقة الأعضاء التي تحدُثُ -لاستخدامها في نقل الأعضاء من جسمٍ إلى آخر- تكون ذات علاقةٍ بسرقة الكلى؛ والأسباب واضحة: فالشيء الذي يستحق السرقة، هو شيءٌ ثمين.

والكليتان بحسب المقاييس التشريحية، عضوان ثمينان لا يُقدّران بثمن، فهما العضوان التوأمان اللّذان يعملان على تنظيف الدم من خلال تنقيته من الشوائب؛ وذلك بطرح الماء الزائد وبقايا عملية الاستقلاب قبل أن يستأنف الدم “النقي” دورته في أنحاء الجسم. كما تعمل الكليتان أيضاً على تنظيف كلّ سوائل الجسم.

أفضل طرق الحفاظ على صحة الكليتين:

نظراً إلى الآلامِ المبرحةِ التي تُسبّبها الحُصيات الكلوية، فليس من قبيل المبالغة إن قلنا أنَّ هذه الحصيات تُمَثِلُ أكبَر تهديدٍ “لمصفاتي الدم” هذين. لكن ومع ذلك، فهنالك خطرٌ أكبر من ذلك على الكليتين، ألا وهو خطر ارتفاع ضغط الدم، فهو إذا أزمن، فيمكنه إتلاف الأوعية الدموية في الكليتين، مما يؤدي إلى إبطاء أو إيقاف عملهما؛ وهو ما يُحدث تكديساً للنفايات في الدم، ويؤدي بدورهِ إلى ارتفاع ضغط الدم. وإن ترك ضغط الدم المرتفع بدون معالجةٍ، فيمكن أن يتعاظم خطرهُ ويشكل خطراً على حياة المرء.

وإلى جانب التدابير المُتّخذة لخفض ضغط الدم؛ مثل تقليل كمية الملح في الطعام، والإكثار من البوتاسيوم، فمن المُفيد أيضاً بناء المزيد من العضلات من خلال ممارسة التمرينات الرياضية.

3. المرارة:

يعمل هذا الكيس الصغير الملحق بالكبد والإجاصي الشكل، عمل مستودعٍ احتياطي للصفراء التي يُفرزها الكبد؛ أي أنَّه المكان الذي تُحفظ فيه إفرازات الكبد إلى أن يحتاج الجسم إليها للمساعدة على هضم المواد الدهنية في الأمعاء الدقيقة.

وفي حين يستطيع جسم الإنسان البقاء على قيد الحياة إذا استؤصلت المرارة منه -لأنَّ الكبد يظل قادراً على إفراز الصفراء اللازمة للهضم مباشرةً إلى الأمعاء الدقيقة- يظلُّ من اللازم الحفاظ على سلامة مرارته؛ وذلك لتفادي آلام الحُصيات المرارية.

أفضل طرق الحفاظ على صحة المرارة:

إنَّ حُصيات المرارة في الواقع قِطعٌ دقيقةٌ من الكوليسترول المُتبلور، والتي قد تكون موجودةً مسبقاً في مرارة الشخص بدون أن يشعر بوجودها، ذلك إلى أن تُسبِّبَ انسداداً مؤلماً لقناتها الدقيقة المؤدية إلى الأمعاء الدقيقة.

بيد أنَّه توجد طريقةٌ بسيطةٌ نسبياً لمنع تشكل حصيات المرارة، ألا وهي ممارسة الرياضة. وقد أظهرت نتيجة دراسةٍ أُجريَت أنَّ ثلث حالات الحُصيات المرارية يمكن الحيلولة دون تَشكُّلها، وذلك عن طريق ممارسة ما مَجموعهُ نصفُ ساعةٍ من الرياضات المنشطة للقلب والأوعية الدموية خمس مراتٍ أسبوعياً. كما يُساعد تناولُ الأطعمة التي تحتوي على الألياف الغذائية القابلة للذوبان مرفقةً بالفيتامين (C)، على تقليل الإصابة بالحُصيات المرارية.

4. البنكرياس (المُعثكلة):

يُفرز هذا العضو الحيوي القائم بين معدة الإنسان وعموده الفقري هرمونَ الأنسولين لتنظيم مستويات سكر الدم والنِسب الاستقلابية. كما يُنتِجُ البنكرياس أيضاً بعض الأنزيمات التي تُذيبُ الدهون وتفكك البروتينات وتساعد الجسم على امتصاصها.

أفضل طرق الحفاظ على صحة البنكرياس:

إن اتّخذت التدابير اللازمة للوقاية من الحُصيات المرارية، فإنَّك تكون قد اتخذت تدابير الحفاظ على صحة البنكرياس أيضاً، وخفّضتَ احتمال الإصابة بالتهاب البنكرياس الناشئ عن انسداد القناة الرئيسة لهذا العضو.

5. الكبد:

بالإضافة إلى كون الكبد خطَّ الدفاع الأول من الآثار المُدمرة لِمُعاقرة الخمور، فإنَّه يساعد أيضاً على تخليص الجسم من المواد السامة التي تتسرّب إلى الجسم من بعض الأطعمة المُلوّثة. ويؤدي هذا العضو وظائفه عن طريق إفراز مادة الصفراء الدهنية القوام. كما يُساعد على طرد الجراثيم من الدورة الدموية، ويعمل على تحويل سكر الدم الى مادة الجليكوجين التي يختزنها من أجل توليد الطاقة.

أفضل طرق الحفاظ على صحّة الكبد:

مفتاح الحفاظ على صحة الكبد هو الإقلاع عن تعاطي الخمور؛ وذلك لتفادي الإصابة بتشمّع الكبد؛ وهو الداء الذي يُسبّب تلف الخلايا الطبيعية فيه، فتحلُّ النُّدوبُ محلها. وإذا ما تزايدت هذه النُّدوب في الكبد، فلن يعود قادراً على أداء وظائفه على أكمل وجه.

وقد جاء في إحدى الدراسات اليابانية أنَّ احتساء الإنسان فنجاناً أو اثنين من القهوة يومياً، يُخفض نسبة إصابته بسرطان الكبد إلى النصف، وذلك بالمُقارنة مع من لا يشربون القهوة.

وقد قيل في هذه الدراسة أنَّ ذلك ينطبق أيضاً على أمراض الكبد -مثل التهاب الكبد- إذ تحتوي القهوة على كميات كبيرة من مُضادات الأكسدة.

6. الطحال:

قد تحتار في أمر هذا العضو الذي يُعتبر أكثر أعضاء الجسم غموضاً، وقد لا تكون لديك فكرةً عن فائدته واحتلاله هذا الموقع الأيسر في أعلى البطن.

تكمُن أهمية الطحال في أنَّه يساعد الجسم على مُحاربة العدوى؛ إذ يُطلق الطحال خلايا الدم البيضاء التي تعمل على إضعاف الجراثيم والفيروسات ثم قتلها. كما يساعد الكليتين على تنقية الدم.

قد تبدو هاتان الوظيفتان حرجتان وذاتا أهمية حيوية، بيد أنَّهما ليستا كذلك؛ إذ لا يتمتّع الطحال بمثل هذه الأهمية بالقياس إلى سائر الأعضاء الحيوية -مع العلم أنَّه يُخلص الجسم من أنواعٍ معينةٍ من الجراثيم- إذ يستطيع الإنسان أن يعيش بدون الطحال؛ وهو ما يحصل لكثيرٍ من الناس الذين يتعرضون إلى حوادث، أو إلى الإصابة “بسرطان الطحال”؛ حيث يستأصل الأطباء هذا العضو في مثل هذه الحالات.

وفي حين قد يزداد احتمال الإصابة بالعدوى في غياب الطحال؛ بيد أنَّ الكبد والعقد اللمفاوية المناعية سُرعان ما يقومون بنجدة الجسم وتحصينه والتعويض عن خسارة الطحال؛ لذا يمكن مقارنته بالزائدة الدودية تقريباً.

في الختام:

لا نجد من قولٍ في ختام هذا المقال سوى: سبحان {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِين}، فهذه الأعضاء التي منحنا إيَّاها المولى عزَّ وجل تتناغم في العمل مع بعضها بعضاً بشكلٍ دقيقٍ ومنتظم، ليتمكن الجسم من القيام بجميع وظائفه الحيوية.

لذا لا بُدَّ لنا من الحفاظ على صحة أجسامنا، وذلك باتباع العادات الصحية المناسبة، والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • الاعتماد على نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ ومتوازن.
  • شرب كميات كافية من المياه (ينصح بشرب ما لا يقل عن 2 الى 3 لتر يومياً).
  • ممارسة الرياضة وتمرينات اليوغا بشكل منتظم.
  • نوم عدد ساعاتٍ كافية (يجب أن تتراوح ساعات النوم ما بين 6 إلى 8 ساعات).
Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *