التسويف: تعريفه، وأسبابه، وأهم طرق التخلص منه

كيف تستيقظ كل يوم، بحب أم بصعوبة، بتفاؤل أم بامتعاض؟ هل تتمنى لو تستطيع كسب ساعة إضافية من النوم؟ كيف نتخلص من التسويف، ونملأ حياتنا طاقة وحيوية؛ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.

Share your love

هل أنتَ من أنصار مقولة: “لا يوجد في الحياة ما هو أصعب من العمل” أم أنَّك تجد في العمل متعة حقيقية وشغفاً لا يوصف؟

نحن جميعاً نرغب في التماس نتائج أعمالنا بأقصى سرعة ممكنة، فننصدم من طبيعة بعض الأعمال التي تتطلب فترة زمنية كافية لكي تُثمِر وتعطي خيراتها، فنميل إلى التسويف والكسل لعدم قدرتنا على انتظار وصولنا إلى النتائج المرغوبة.

يسيطر علينا عصر الاستهلاكية والإيقاع السريع للحياة؛ جاعلاً إيَّانا لحوحين ومتهورين وغير حكيمين في الكثير من مناحي الحياة، إلى أن أصبحت فكرة “بناء الأهداف طويلة المدى” فكرة ساذجة وغير واقعية بالنسبة إلى الكثير من الناس.

ونحن نؤيد عقلنا في سعيه إلى الراحة طوال الوقت، هاربين إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مدمنين التدخين والأطعمة غير الصحية والحلويات والنزهات، مبتعدين عن شغفنا وأهدافنا وطموحاتنا، مسلِّمين إرادتنا الحرة إلى فكرة سلبية، تافهة، لا تساوي شيئاً وهي “لا أستطيع تحمُّل ألم القيام بكل تلك المهام الموكلة إلي؛ لذلك دعني أستمتع بوقتي”، ضاربين بعرض الحائط بكل إمكاناتنا الإبداعية للوصول إلى ما نريد، وبما نملكه من قدرات مميزة للالتفاف على ألاعيب العقل الساعية إلى الراحة والتملص من العمل.

فالشخص الذكي هو الذي يقوم بفعل المهام المتلائمة مع شغفه وقيمه مع المحافظة على صحته وتوازنه النفسي؛ بينما يتخلَّى الشخص المسوِّف عن إرادته ويتناسى أهدافه، عائماً في مشتتات الحياة، مستسلماً أمام بحر أفكاره السلبية وألاعيب عقله الخبيثة.

كيف نتخلص من التسويف، ونملأ حياتنا طاقة وحيوية؛ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.

ما هو التسويف؟

هو ميل الإنسان إلى تأجيل المهام الواجب القيام بها، دون أن يكون هناك مبررٌ منطقيٌ يستدعي ذلك، على الرغم من علمه المسبق بالأضرار السلبية الناتجة عن تأجيلها.

ما هي أسباب التسويف؟

1. الرغبة الملحَّة في الإشباع الفوري:

يعاني الكثير من الأشخاص من الملل وعدم الصبر، فلا يستطيعون انتظار النتائج طويلة الأمد للأعمال التي يقومون بها، الأمر الذي يجعلهم يفضِّلون التسويف والتأجيل على العمل والسعي.

على سبيل المثال: قد يفكر شخص ما بإنشاء قناة على يوتيوب، ولكنَّ تسرُّعه في الوصول إلى عدد كبير من المشاهدين، ورغبته العنيفة في الظهور والنجاح، والعراقيل غير المتوقعة التي تظهر له في الطريق، والمدة الزمنية اللازمة لإطلاق القناة ونجاحها؛ قد تحبطه وتُثنيه عن العمل، فيميل إلى تسويف العمل، ويتخلَّى عن هدفه.

2. ضعف الإرادة تجاه المشتتات:

لا يستطيع الكثير من الأشخاص وضع حد قاطع لمشتتات الحياة، فتجدهم معرَّضين إلى إدمان التدخين، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو الطعام غير الصحي، ومن ثمَّ يستخدمون إدمانهم السلبي ذاك كوسيلة هروب من العمل والضغط، على سبيل المثال: يهرب شخص ما إلى مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الذي يفترض به العمل على مشروعه وأهدافه.

3. التوقعات العالية:

قد يبني الكثير من الأشخاص توقعات عالية جداً على نتائج أعمالهم، بحيث يرغبون في الوصول إلى الصورة الكمالية والمثالية، الأمر الذي يقيِّدهم ويحملِّهم أعباء نفسية إضافية، ممَّا قد يوصلهم إلى إدمان التسويف والتأجيل.

شاهد بالفيديو: 9 استراتيجيات فعّالة لتحفيز ذاتك عندما تفتقد إلى الحماس

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/IXXI06LmcCQ?rel=0&hd=0″]

4. غياب القيمة والشغف والرسالة:

لعلَّ أكبر سبب يكمن وراء ميل الإنسان إلى التسويف والتأجيل هو عدم وضوح قيمه وشغفه ورسالته في الحياة، فهو لا يجد الدافع للنهوض من فراشه في كل يوم وخوض الحياة بكل متغيِّراتها؛ بل يجد أنَّ كل ما يفعله في الحياة لا يستحق الاهتمام والعمل والسعي.

5. الخوف من البداية:

يقع الكثير من الناس ضحايا الخوف والأرق؛ حيث يضخِّمون أمور الحياة ويعقِّدونها، متصورين سيناريوهات صعبة للغاية للمهام الموكلة إليهم، الأمر الذي يجعلهم يخافون من البدء بالعمل، بحيث يسيطر الخوف على نقاط قوَّتهم ويشلُّها.

6. غياب الالتزام الداخلي:

لا يعمل الكثير من الناس إلَّا في حال وجود إدارة قاسية تتحكم فيهم، فهم لا يملكون قوة الإرادة الكافية للعمل على أهدافهم ومخططاتهم لوحدهم؛ لذلك تجدهم يؤجلون المهام التي ترفع من شأنهم وتمنحهم بعداً جديداً ومختلفاً لحياتهم.

ما هو علاج التسويف؟

1. تحويل الطاقة:

غيِّر حالتك الجسدية عندما تنتابك المخاوف المرافقة للبدء بالعمل الموكل إليك؛ حيث يساعدك تغيير الوضعية الجسدية في تغيير أفكارك السلبية ومن ثم سلوكك؛ لذا حوِّل طاقة الغضب التي لديك من جراء تسويفك وعدم قدرتك على البدء بالعمل إلى طاقة حركية؛ كأن تركض مسافة جيدة، أو تمشي مسافة طويلة، فمن شأن ذلك أن يعيد التوازن والسلام والعقلانية إلى سلوكاتك.

2. التنفُّس العميق:

استخدم تقنية التنفس العميق لكي تساعدك على ضبط الأعصاب والمحافظة على الهدوء والتوازن، وفيها تأخذ شهيقاً من الأنف وتحبسه لمدة ثلاث ثواني، وبعد ذلك تُخرِج الزفير ببطء شديد وعلى مراحل مختلفة.

3. تقسيم العمل إلى أجزاء صغيرة:

قسِّم عملك إلى أجزاء صغيرة، بحيث تتحمس للقيام بها، ويقلُّ خوفك من البدء بالعمل، فلن تسبب لك المهمة التي تستطيع إنجازها بخمس عشرة دقيقة التوتر والقلق ذاته الذي تُحدِثه مجموعة مهام مجتمعة مع بعضها بعضاً.

4. نسف المشتتات:

اتخذ القرار الحازم بالابتعاد كلياً عن المشتتات في أثناء قيامك بعملك؛ كأن تغلق جهازك الجوال خلال ساعات عملك، وفي حال راودتك فكرة مشتتة؛ مثل: ضرورة إجراء مكالمة هاتفية مع صديقك؛ فعليك تدوينها على ورقة قاطعاً عهداً على نفسك بالقيام بها بعد الانتهاء من عملك؛ حيث تساعدك كتابة المشتتات على ورقة جانبية على الاحتيال على العقل الذي يحاول أسرك في دائرة الراحة والأمان، ومن ثمَّ تعلمك تنظيم أولوياتك وفقاً للأهمية.

5. المكافآت الصغيرة:

إن كنت ممَّن يعشقون العائد الفوري للعمل الذي تقوم به، وإن كانت طبيعة عملك لا تمنحك هذا العائد الفوري؛ تستطيع عندها مكافأة نفسك بنفسك بعد إنجازك لكل مهمة من مهام المشروع الذي تقوم به ومهما صغُرت تلك المهمة.

6. المحافظة على الأكل الصحي والنوم:

لا تبخل على نفسك بالأكل الصحي والنوم الكافي؛ حيث تؤثر اضطرابات النوم والأكل في قوة الإرادة للإنسان وتُضعِف من حماسه وطاقته ممَّا ينعكس سلباً على أدائه بحيث يدمن على التسويف والتأجيل.

7. الاستعانة بمؤقِّت:

إن كنتَ لا تستطيع الجلوس من أجل العمل على الإطلاق، وتحترف هدر الوقت والطاقة؛ تستطيع عندها الاستعانة بمؤقت وضبطه على مدة وقدرها 10 دقائق، بحيث تعمل لمدة عشر دقائق فقط، ومن ثمَّ تحصل على استراحة؛ حيث تحفِّزك تلك الطريقة على العمل وتساعدك على بناء عادة الالتزام الإيجابية.

8. قوة الإرادة:

ابنِ عضلة الإرادة فهي الأساس في كل شيء، وذلك من خلال التدريب على القيام بنشاط ما غير محبَّب إلى نفسك يومياً، كالرياضة مثلاً، من أجل أن تقوي مخزون الإرادة لديك، ومن جهة أخرى، عليك تجنُّب جلد الذات في حال تسويفك القيام بأعمالك، والتركيز على ما بوسعك القيام به من مهام في اللحظة الحالية.

9. القيمة:

الأمر الذي يجعلك تستيقظ صباحاً بكامل نشاطك وطاقتك، والذي يُعطِي معنى رائعاً للحياة، والذي يجعلك أجمل وأنضج وأكثر وعياً؛ هو تحديد رسالتك في الحياة، والسعي وراء شغفك، والعمل بجد بما يتلاءم مع قيمك العليا في الحياة؛ لذا اسأل نفسك: “ما هو الشيء الذي يجعلك في منتهى الإيجابية إن قمتَ به؟” واتَّخذ قراراً حازماً للبدء به.

10. الأهم أولاً:

لا تضيِّع وقتك وطاقتك على المهام الصغيرة وغير الهامة؛ بل استثمر وقتك ومخزون إرادتك في المهام الهامة والتي تحدد مسار حياتك، فيمنحك تركيزك على المهام الأهم أولاً؛ إحساساً بالإنجاز بحيث تتحمس من أجل إتمام باقي المهام بهمة ونشاط، على سبيل المثال: إن بدأت نهارك بتنفيذ أصعب مهمة من المهام الموكلة إليك، فستَتحمس من أجل إنجاز باقي المهام المحببة إلى قلبك.

11. الابتعاد عن المثالية:

لا تكن مثالياً؛ فقد خُلِقتَ لِكي تُخطئ وتتعلَّم من خطئك وتتطور وترتقي، فالمحاولة والتكرار أفضل نظرية للتعلُّم في العالم؛ لذا لا تستحِ من الخطأ، فالبشر بطبيعتهم خطَّاؤون، ولو أراد الله لخلَقَنا مثاليين، ولكنَّ غاية الخلق الأساسية التطوُّرُ والارتقاء.

12. تغيير الاتجاه:

إن كنت من الأشخاص سريعي الملل؛ فتستطيع العمل على مهمَّتَين على التوازي، بحيث تعمل في المهمة الأولى، ثمَّ تأخذ استراحة وتبدأ العمل بالمهمة الثانية، وتبقى على هذا المنوال إلى أن تنتهي من المهمَّتَين سوياً.

13. منهجية التفكير:

عليك أن تغيِّر منهجية تفكيرك فيما يخص العمل، فلا تعدَّ العمل عبئاً نفسياً كبيراً عليك؛ بل اكسر منطقة الراحة التي يجاهد عقلك لإبقائك فيها، واعلم أنَّ للنجاح ثمن، فلا يمكن أن تطمح للوصول إلى الأماكن العالية في حين أنَّك جالس في منزلك لا تسعى إلى أي خطوة.

14. الخطوة الأولى:

لكي تتخلص من دائرة التسويف التي تسيطر عليك، عليك بدايةً الوعي إلى خطورة هذه المسألة، ومن ثمَّ قرِّر بصدق الخروج من هذه الدائرة، من خلال تنفيذ خطوة صغيرة في سبيل إعادة الروح إلى عضلة الإرادة الصامتة لديك.

15. تغيير البيئة المحيطة:

يعشق أغلبنا التجديد في الحياة، فنميل إلى تسويف وتأجيل الأعمال الموكلة إلينا على أمل اختراق الروتين المصاحب لأداء المهمة، فنُسرع إلى لقاء الأصدقاء والأهل، مستغلين الوقت في المقاهي والمطاعم، في حين كان في إمكاننا الحفاظ على الرغبة في العمل من خلال تغيير البيئة المحيطة بنا، فنحن نصاب بالملل من جراء التعود على المكان ذاته والأشخاص ذاتهم؛ لذلك اتَّخذ قراراً بتجديد مكان عملك، كأن تغيِّر مكان مكتبك، أو تضيف تفاصيل جديدة إليه، كما تستطيع إعادة النظر في الأشخاص المحيطين بك، كي لا تصاب بعدوى الطاقة السلبية من قِبل بعض الأشخاص السلبيين، فمن شأن ذلك بث الحماس في قلبك وعقلك.

في الختام:

الحياة قصيرة؛ فلا تقضِها في التسويف والابتعاد عن شغفك وأهدافك؛ بل تذكَّر أنَّك حينما تعمل فكأنَّك تمارس العبادة لله عز وجل، فهل يوجد أعظم من هكذا مكافأة؟

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!