التغذية الراجعة في التعليم: أهميتها وأهدافها ومصادرها

ما المقصود بالتغذية الراجعة في عملية التعليم؟ وما هي أهميتها وأهدافها واستراتيجيتها؟ كل ذلك سنخبركم به أعزاءنا القراء في هذا المقال، تابعوا معنا السطور القليلة القادمة.

Share your love

ماهي التغذية الراجعة؟

إنَّ مفهوم التغذية الراجعة “feedback” من المفاهيم التي لاقت اهتماماً كبيراً من علماء النفس والتربوبيين على حدٍ سواء، فهو يُعدُّ من المفاهيم التربوية الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، ومصطلح التغذية الراجعة مصطلح يتداوله كلٌّ من: (علم النفس، والتربية، والعلوم الاجتماعية، والفرياء والكيمياء، وعلوم الاتصال، والهندسة، والفنون، والجيولوجيا، وغيرها).

وهنا سنتحدث عن مفهوم مصطلح التغذية الراجعة في العملية التعليمية، والذي يمكن شرحه كما يلي: عندما يجيب الطالب عن سؤالٍ ما، أو عند فعله لعملٍ ما أو تصرفٍ ما، فإنَّه يود معرفة فيما إذا كانت إجابته أو العمل الذي فعله صحيحاً أم لا؛ لذا فهو ينتظر ما سيقوله معلمه ليعلم فيما إذا كانت إجابته صحيحة أو خاطئة.

ففي حال كانت صحيحة فهو ينتظر تأكيد المعلم على المعلومات التي قدمها، وفي حال الخطأ ينتظر تصحيح المعلم لهذه المعلومات، ويمكن أن تشمل أيضاً تصحيح المعلم للورقة الإمتحانية لمعرفة مدى صحة الإجابة ودقتها، أي يمكننا القول بأنَّ التغذية الراجعة هي كل ما يستقبله الطالب من سلوكات أو تعليقات ناتجة عن ما قام به من فعل أو إجابة، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه يمكن أن تكون التغذية الراجعة على شكل إشارات جسدية أو كلامية؛ إذ يمكن للطالب استنتاج ذلك من خلال قراءة ملامح وجه معلمه، أو ابتسامته، أو غضبه وملامح الانزعاج على وجهه، والتغذية الراجعة تأتي دائماً بعد طرح الطالب الإجابة أو فعل العمل، ولا تتضمن ما يُقدَّم من المعلم من إرشاداتٍ عامة وتعليمات مثل بدء العمل.

شاهد بالفيديو: 8 أخطاء يرتكبها الطالب في الامتحان

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/srXDnhIiOcI?rel=0&hd=0″]

أهمية التغذية الراجعة:

يمكن أن نختصر أهمية التغذية الراجعة في المواقف الصفية فيما يلي:

  1. تشجع الطالب على الاستمرار ومواصلة التعلم، فهي تعزز من قدرات الطالب ومهاراته.
  2. التغذية الراجعة تحاول إخبار الطالب بنتيجة عمله سواء كانت خاطئة أم صحيحة.
  3. إنَّ قيام المعلم بتصحيح الإجابة الخاطئة للطالب له دور كبير في تفكيك وإضعاف الارتباطات الخاطئة المتكونة في ذاكرة الطالب بين الأسئلة والإجابة الخاطئة.
  4. إنَّ التغذية الراجعة تبين للطالب ما هو الزمن الذي يحتاج إليه لتحقيق الهدف المطلوب إنجازه.
  5. يمكن أن تكون بمنزلة تقويم ذاتي للمعلم، وأسلوبه في التعليم وتوجيه الطلاب، كما أنَّ التغذية الراجعة تبين للطالب أين هو من الأهداف السلوكية التي تُحقَّق من قبل بقية الطلاب في الصف الدراسي، والتي لم تتحقق بعد.
  6. تساهم بشكل كبير في تنشيط عملية التعليم، وتزيد من حماس ودافعية الطلاب للتعلم.

مصادر التغذية الراجعة:

  1. المعلم: يُصحح المعلم المعلومة إن كانت خاطئة، ويعززها ويؤكدها في حال كانت صحيحة.
  2. المرجع العلمي أو الكتاب: يمكن أن يعود الطالب إلى معيار لفحص إجابته، وذلك من خلال العودة إلى المرجع العلمي أو القاموس، ليقارن إجابته ويحدد مدى دقتها بما ورد في المرجع الذي اختاره.
  3. الأهل: يمكن للأهل في المنزل أن يكونوا مصدراً للتغذية الراجعة للطالب من خلال ما يقدمونه من ملاحظات على ما أنجزه من عملٍ أو فعله من سلوكات.
  4. الطالب ذاته: وهنا تكون التغذية الراجعة ذاتية أي بمعنى أنَّ الطالب نفسه يقوم بمراجعة نشاطاته، وسلوكاته، ومراقبتها، وتحليلها، وتحديد ما هو صحيح وما هو خاطىء.
  5. الزملاء الطلبة: يمكن للزملاء الطلبة أن يكونوا هم مصدر التغذية الراجعة من خلال تصحيح المعلومات وإجابات الطالب أو توجيه ملاحظاتهم حول سلوكه أو العمل الذي قام به.

أهداف التغذية الراجعة:

تُعدُّ التغذية الراجعة أحد العناصر الأساسية والمُهمَّة في نمو الدماغ وتعزيز ذكائه، بالإضافة إلى أنَّها تؤدي دوراً مهماً في تعديل سلوك الطالب لتلافي وتخطي نقاط ضعفه التي يواجهها، وتعزيز الإيجابيات وتأكيدها، بالإضافة إلى ما يلي:

  1. تقديم الفرصة للطالب لممارسة الأداء ثم مقارنته بالأداء الصحيح، فعندما يجيب الطالب عن سؤالٍ ما، أو عندما يحل مسألةً ما، فإنَّ التغذية الراجعة التي يتلقاها بعد إنتهائه من العمل تساهم بشكلٍ كبير في تعريفه بنقاط ضعفه وقوته، وتساعده على تحسين أدائه.
  2. إنَّ التغذية الراجعة التي يتلقاها الطالب خلال أدائه العمل المطلوب منه تساهم بشكلٍ كبير في توجيه أدائه وعمله بالاتجاه الصحيح والإنجاز المتميز، ونتيجة لذلك تساهم التغذية الراجعة في مساعدة الطالب على ممارسة السلوك والأداء الصحيح خلال أدائه العمل وقبل أن ينتهي منه.
  3. للتغذية الراجعة دورٌ كبيرٌ في جعل الطالب متحمساً لمعرفة نتائج الجهود التي فعلها وجودة أداءه، ونتيجة لذلك فهي تساهم بجعل الطالب يضع المعايير الخاصة به للحكم على إنجازاته، بطريقة يستطيع توجيه نفسه ذاتياً.

استراتيجيات التغذية الراجعة:

إنَّ الأسلوب الذي تُقدَّم به التغذية الراجعة يمكن أن يؤثر بشكلٍ سلبي أو إيجابي في الطالب، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ التغذية الراجعة غير المناسبة يمكن أن تُحدث أثراً سلبياً عند الطالب؛ وهنا أعزاءنا القراء سنقدم لكم أهم الاستراتيجيات الملائمة لتغذية راجعة إيجابية:

1. التغذية الراجعة التي لا تركز على الخطأ بل على الكل:

إنَّ الهدف من التغذية الراجعة بناء الفريق وتنمية العلاقات وزيادة الرضا، والتغلب على العوائق والصعوبات، وبناء النجاحات المتميزة، ولا تتضمن أي من الأهداف مستحيلة التحقق؛ ولكن وللأسف هناك الكثير من المعلمين يحاولون التركيز على الأخطاء.

وبما أنَّ السلوك الطبيعي للطالب هو السلوك الصحيح؛ لذا بينت الدراسات والأبحاث أنَّ معظم المعلمين يستخدمون العبارات السلبية خمسة عشر ضعف العبارات الإيجابية المحفزة، وهذا مؤشر واضح على أنَّهم يركزون ويشيرون على العيوب والأخطاء بشكلٍ أكبر، ومن العبارات السلبية التي يطلقها المعلمون: (نقد، تُهَم، سخرية).

2. تذكُّر أنَّ الهدف من التغذية الراجعة هو التطوير والتعلم والتحسين:

يجب أن يكون الهدف الأساسي للتغذية الراجعة لدى المعلم هو كلٌ مما يلي:

  1. إنشاء روابط وعلاقات تعلم إيجابية والاستمتاع بها.
  2. تقييم الطالب وتعريفه بقدراته وإمكاناته المستقبلية والحالية.
  3. التعلم والتحسين والتطوير.

وليحقق المعلم هذه الأهداف يجب أن يلتزم بكلٍ مما يلي:

  1. إقامة تغذية راجعة واضحة ودقيقة مع المحافظة على عدم البقاء في العموميات.
  2. عدم وضع الأهداف ذاتها لجميع الطالب، فكل طالب يختلف عن زميله بالذكاء، وبقدراته على الفهم والاستيعاب، كما أنَّ التغذية الراجعة الإيجابية تتجاوب مع تمثيلات الطلاب وخياراتهم المفضلة.
  3. عدم منح أهدافك الأولوية ذاتها، فهناك أهداف من الضروري أن تنجز، والتغذية الراجعة تعتمد في التركيز على الأهداف الواجبة والمهمة جداً، ويمكن تقسيم هذه الأهداف إلى:
    • أولاً- أهداف يجب أن تنجز.
    • ثانياً- أهداف يمكن أن تنجز.
    • ثالثاً- أهداف يمكن تأجيلها.
  4. لا تحاول الضغط على الطلاب لكي يحققوا الهدف.
  5. يجب أن تكون دقيقاً، ولا تقدم عموميات.
  6. لا تمنح الاهتمام لأهدافك فقط، بل يجب التفكير بأهداف الطلبة، يجب ألا ترتبط رغباتك وطموحاتك بوصفك معلماً مع معايير السلوك التي ستقدم التغذية الراجعة، بل يجب أن تتفق مع الطلبة على معايير الأداء والسلوكات المطلوبة لكي يكون الطلاب على وعي بما سيفعلونه.

3. التغذية الراجعة تقدَّم لجميع الطلبة ولا تركز على طالبٍ بعينه:

إنَّ جميع الطلبة يشعرون بحاجة إلى التغذية الراجعة؛ لذا لا يجب أن يركِّز المعلم على الطلاب المتفوقين وإهمال الطلاب الذين هم أقل منهم كفاءةً، كما يجب على المعلم ألا يركز على الطلاب الذين يواجهون صعوبات في التعلم والفهم؛ لذا فمن أحد أساسيات التغذية الراجعة الإيجابية والسليمة أن يكون المعلم عادلاً ونزيهاً ويُشعِر طلابه بأنَّهم يعانون المصاعب نفسها.

4. تقديم التغذية الراجعة للطلاب بأسلوب المحاور:

أهم ما يميز التغذية الراجعة أنَّها مبنية على الحوار بين الطالب والمعلم وليست نابعة من سلطة فوقية، كما أنَّها لا تُعدُّ توجيهات تربوية أو أبوية يقدمها الكبير للصغير؛ لذا يجب أن تكون التغذية الراجعة حوارية أي يتحدث المعلم ويستمع الطالب والعكس صحيح، أو أن يتحاورا سويةً للوصول إلى الطريق الصحيح.

5. الحرص بوصفك معلماً على تقديم الثناء لا المدح المتملق:

إنَّ الذم والمدح في مفهوم التغذية الراجعة ليسا من العناصر الفعالة؛ لذا فإنَّ المعلم يجب أن يكون حريصاً على استثمار نجاحات الطلاب بعيداً عن التملق والمدح المبالغ فيه، فعلى سبيل المثال: إنَّ استخدام المعلم لكلمات مثل: أبدعت، ممتاز، عظيم، أنت بطل، لا يجدي نفعاً مع الطلاب في مراحل عمرية متقدمة بل تصلح هذه العبارات لطلاب الروضة؛ لذا يجب على المعلم أن يستثمر نجاح طلابه بطريقةٍ إيجابية.

ومن أقوال الثناء التي يمكن أن تنمي الإحساس بالسلوك الصحيح لدى الطالب، ويشعره بالأمن، نذكر لكم أعزاءنا المعلمين ما يلي:

  1. إنَِّني أحترم اقتراحك ورأيك، وأقدر قوتك بجانب زميلك، تابع ذلك.
  2. أنا مقتنع تماماً، وموافق على ما قلته، هل يمكنك توضيح هذه النقطة إنَّها مهمةٌ جداً.

6. يجب على المعلم التركيز على سلوك الطالب لا شخصيته:

لا فائدة من مواجهة المعلم لصفات الطالب الشخصية، فلا يحق للمعلم أن يقول لأي أحدٍ من طلابه: (أنت مغرور، أنت كسول، أنت استيعابك بطيء، أنتَ بشع المنظر، وغير ذلك من العبارات السلبية)، ولكنَّ المعلم غير المؤهل يمكن أن يتطرق إلى استخدام مثل هذه العبارات.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه يجب على المعلم التركيز على تعديل سلوكيات الطالب لا صفاته، أي بدلاً من أن يقول المعلم أنت طالبٌ كسول، يجب القول: (بإمكانك زيادة الاهتمام بدروسك وواجباتك)، أو بدلاً من القول للطالب: (أنت مغرور)، يمكن القول: (إنَّ الثقة بالنفس جيدة جداً ولكن يجب أن تحترم مشاعر زملائك).

7. ألا يستسلم المعلم:

إنَّ الكثير من المعلمين يمكن أن يشعروا باليأس والعجز عندما لا يتقبل الطلاب وجهات نظر المعلم وتوجيهاته ونصائحه، ويمكن أن تكون أسباب الطلبة كافية ومقنعة للرفض فقد يكونون:

  1. يرفضون ما يقوله المعلم بسبب عدم التوضيح بشكلٍ كافٍ.
  2. قد يحب الطالب السلوك والعمل الذي يفعله، ولا يرغب في تغييره أو بالأصح هو غير مقتنع بتغييره على الإطلاق.

وفي هذه الحالة يمكن للمعلم أن يتخذ إجراءات وتعديلات بسيطة على أفعاله ولكنَّها فعالة، أو يمكن أن يؤجلها أو يسحبها بالكامل، أو يمكنه أن يعيد صياغتها وترتيبها من جديد؛ كل ما هو مطلوب منك بوصفك معلماً أن تستمع إلى طلابك جيداً، مع المحافظة على بقائك حازماً والعودة إلى ما تريد دائماً، كما يمكنه اتباع أسلوب التفاوض مع الطلاب، مثل:

  1. يمكنك إخباري ما هو السبب الذي جعلك تشعر بذلك، وما هي موانعك؟
  2. في حال غيَّرت هذا الأسلوب ما هي العوائق والصعوبات التي يمكن أن تواجهك؟

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم أهمية التغذية الراجعة في العملية التعليمية وفوائدها واستراتيجيتها، ومصادرها، وأهم أهدافها.

 

المصادر: 1، 2

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!