الحروفية المتعددة المسالك في أعمال المغربي أرشكيك لمليح

تعبر المادة الحروفية عن مرام كثيرة في أعمال الفنان لمليح أرشكيك. فأعماله تحدد مجموعة من العلائق الفنية والجمالية، التي تغذي تجربته الحروفية بتعدد اتجاهاتها، بقدر ما تشكله تقنيات المبدع من غنى ووظيفة، وما يشكله الحرف لديه أيضا داخل اللوحة من أنساق في المنظومة الحروفية، بتكويناتها الفنية، فيتبدى أن المبدع يسعى للوصول بالحرف في نطاق التجريد […]

Share your love

الحروفية المتعددة المسالك في أعمال المغربي أرشكيك لمليح

[wpcc-script type=”2220188cc1a172ebfa4acf1a-text/javascript”]

تعبر المادة الحروفية عن مرام كثيرة في أعمال الفنان لمليح أرشكيك. فأعماله تحدد مجموعة من العلائق الفنية والجمالية، التي تغذي تجربته الحروفية بتعدد اتجاهاتها، بقدر ما تشكله تقنيات المبدع من غنى ووظيفة، وما يشكله الحرف لديه أيضا داخل اللوحة من أنساق في المنظومة الحروفية، بتكويناتها الفنية، فيتبدى أن المبدع يسعى للوصول بالحرف في نطاق التجريد والرمزية، إلى قيمة فنية يجعل منها مجالا للتركيب، بقيمة جمالية مضافة في الفضاء، تحدث موسيقى غنائية تبعا لإيقاعات الحروف بألوانها المتناسقة، وتشكيلاتها التركيبية.
وتشكل مختلف المسالك الحروفية في توجهه الفني صيغا جمالية، تتأرجح وفق عملية التجويد التي يرومها المبدع، وهي تدخل ضمن التنوع الجمالي، الذي يلف أعماله، حيث يستطيع المبدع بقدراته الفنية وطرقه الإبداعية أن يحول هذا التنوع الجمالي وتلك الصيغ الإبداعية إلى أشكال دلالية تحمل مفرداتها الفنية أبعادا فلسفية خصبة في التعبير، لتشكل قيمة أساسية في أعماله الحروفية. فهو يوظف الأشكال والحروف والألوان، وفق ما يتلاءم والعمل الفني الذي يتوق إليه، ووفق ما قادته إليه تجربته الطويلة في مجال الحروفيات، لذلك فهو يغازل الفضاء بتنوع في طرائق الوضع، وبتوظيف مختلف التقنيات، وبتشكيل بؤر من المفردات الحروفية، إنها سمات تؤكد مركزيته الحروفية المعاصرة، ونهجه القويم في معالجة مختلف المضامين التي تتلاءم والعمل الفني، الذي يشتغل عليه، ما يجعل حضوره قويا ضمن تموقعات الفن الحروفي المعاصر.

وبذلك، يظهر أسلوب المبدع جليا من خلال بسط طرائق من التحوير، بعد مروره بمختلف مراحل التغيير، قصد إخضاعه للزوميات الرؤية الشخصية. فمعظم الأشكال الحروفية تتخذ بعدها الجمالي من خلال نحت مسار حروفي متعدد المشارب، تنبني عليه الرؤى المستقبلية للمبدع، وهو ما يعني أنه يستجيب لضرورة استمرار جمالية أعماله. إنه بعد صريح في فلسفته، يتفاعل مع الملمس التشكيلي ليساهم بالحروف في الظهور داخل البؤر اللونية، ليدعم القوة التعبيرية المعاصرة. وهذا يعطي انطباعا بأن المبدع يمرر أعماله وسط زخم من المفردات الفنية ليوصله إلى نقطة فنية مركزية، لأنه يُعبّر بعناصر لغته الحروفية، وينسج مجاله الإبداعي، اعتمادا على طقوس تعبيرية مدججة بالتشكيل الحروفي، واعتمادا كذلك على مفردات تشكيلية تستحوذ بشكل كبير على معظم الفضاء، بما تقتضيه الأشكال والرموز والعلامات اللونية والشكلية، من تعددية وتباينات فنية. ولا شك في أن التقنيات التي يوظفها المبدع تفصح عن مهاراته العالية في التحكم في المادة الحروفية، وتنم عن قدرته في التوليف بين مختلف العناصر المكونة لأعماله، والربط بين مجموعة من العناصر المتباينة، وتكشف في الآن نفسه عن مختلف الصيغ التي تعصرن أسلوبه الذي يقود إلى عوالم جمالية، تتخذ من الحروفيات مقوما أساسيا لبعث الجديد، فإنه في الآن نفسه يروم عملية تشكُّل البناء الفني، قياسا بأهمية الحرف في تحديد المكونات الأسلوبية ذات القيمة الفنية، التي تكتنز العديد من الدلالات البصرية التي تحتمل التأويلات الجمالية المتعددة. فسحرية الخط تتجسد في عملية التثبيت المحكم والمنظم داخل الفضاء، باحترام لعمليات التوظيف الجمالي للألوان، وتقليص الكتل في الفضاء، واختزال بعض من المساحة. وبذلك يهدف المبدع إلى تشكيل نسق حروفي بصري، وفق منهج حــروفي قويم؛ لأنه يتوفر على إمكانات تقنية عالية، يستغلها في إنجاز مادة حروفية معاصرة بنوع من التدقيق وحسن تدبير الفضاء.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!