القدس المحتلة- تحولت حديقة “الغزازوة” بمدينة يافا داخل إسرائيل إلى مخيم تقطنه عائلات فلسطينية طردت من منازلها لعدم قدرتهم على دفع إيجاراتها المرتفعة ولحرمانهم من الحصول على مساكن حكومية بأسعار مخفضة.

عيش حاليا في مدينة يافا نحو 20 ألف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية، لكنهم يواجهون صعوبة في إيجاد مساكن للإيجار رغم أنها ملكهم قبل أن تستولي عليها دائرة أراضي إسرائيل بعد احتلالها عام 1948.

ويشكل المواطنون العرب حاليًا أكثر من 20 في المئة من سكان إسرائيل التي يزيد عدد سكانها عن 9 ملايين نسمة.

** يافا لليافاويين

غلاء المعيشة أدى إلى عدم مقدرة الكثيرين على دفع إيجارات منازل يستأجرونها من شركات إسرائيلية في يافا الواقعة على البحر المتوسط، والمعروفة فلسطينيا بأنها “عروس فلسطين” و”عروس البحر”.

وخلال العامين الماضيين قررت الشركات الإسرائيلية طرد مواطنين عرب من منازل كانوا يستأجرونها بداعي أن “لا حق لهم فيها”.

وفي المخيم الذي تقطنه 9 عائلات فلسطينية طردت من منازلها المستأجرة كتب على إحدى اللافتات باللغة العربية “يافا لليافاويين” (في إشارة إلى أنها مدينة فلسطينية).

وتقول فريدة النجار التي تقيم بإحدى الخيام: “أنا مطلقة وأم لأربعة أولاد، جئت إلى هنا لأن الأوضاع صعبة جدا بسبب غلاء المعيشة في يافا، ونعرف أن هذه سياسة في يافا تهدف إلى الضغط عليها لإخراجنا منها”.

وتضيف في حديثها لمراسل الأناضول: “كان الحل الوحيد بالنسبة لي أن آتي إلى الخيمة في حديقة بمركز بلدي يافا”.

كانت النجار الأولى التي تقيم في خيمة بالحديقة، ولكن سرعان ما انضمت إليها 8 عائلات أخرى تعاني الصعوبات ذاتها.

وتردف النجار: “أنا بدأت وانضمت إلي 8 عائلات.. كل يافا ضحايا لأنهم (الإسرائيليون) يتبعون معنا سياسة التهجير التي اتبعوها معنا قبل 70 عاما”.

** تطهير عرقي

وتقول السيدة الفلسطينية: “يريدون تهجيرنا من يافا، وهذا تطهير عرقي، يريدون الخلاص منا ولا يريدون يافا عربية وإنما يهودية بحتة”.

وتشير إلى أن بلدية “تل أبيب – يافا” تلاحق تلك العائلات أينما حلّت، حيث تطالبها بإزالة الخيام من الحديقة.

وتصر النجار على عدم ترك يافا قائلة: “سأواصل البقاء هنا، فهذه قضية نضالية، فإن لم يعطوني مطالبي بتوفير بيت فسأبقى هنا”، وتساءلت باستنكار: “إلى أين أذهب أصلا؟!”.

وتضيف: “أنا أطالب بأن يوفروا لنا متطلباتنا وهي بيت، نريد الأمن والأمان لنا ولأولادنا”.

ويقول مواطنون عرب إن الشركات الإسرائيلية تريد إقامة أبنية على أنقاض المنازل توطئة لبيعها لعائلات يهودية بأسعار مرتفعة.

** تضامن

وتفتقر خيام العائلات التسع إلى أبسط حقوق الحياة، فالأطفال يدرسون على ضوء الشموع وينامون مفترشين الأرض هم وذويهم بانتظار حل لمشكلتهم التي يقولون إن السلطات الإسرائيلية لا تأبه بها كونهم مواطنون عرب يراد تهجيرهم من مدينتهم.

وتجد تلك العائلات تضامنا من قبل السكان العرب في إسرائيل ومن بعض اليساريين الإسرائيليين لكن دون تأثير.

وتقول الإسرائيلية يارا بينغر الألوف، للأناضول: “أنا هنا للتعبير عن تضامني (..) أنا مواطنة يهودية في يافا وأشعر بأن هذا النضال هو واحد من القضايا الأكثر شرعية”.

وتضيف: “غالبية المقيمين في المخيم من النساء، طُردن من المدينة، سواء لأنهن غير قادرات على دفع الإيجارات التي تزداد كلفة أو عدم حصولهن على منازل اجتماعية لهن الحق بالحصول عليها لأنهن يستوفين الشروط”.

** لا حلول

وتردف الألوف: “في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل عام وفي يافا ثمة حاجة للاعتراف بالحقوق من قبل الجانب اليهودي، ووجدت أن الطريقة للتعبير عن ذلك هي بالقدوم إلى الخيمة والحديث مع الناس”.

وتتابع: “نحاول من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أن نشرح ما يحدث هنا، فهو أكثر من مجرد صراع على مساكن اجتماعية لأن جذور يافا موجودة في الاقتلاع والمصادرة لأكثر من 90 بالمئة من السكان الذين كانوا هنا قبل العام 1948”.

وتعرب الناشطة الإسرائيلية عن أملها بأن يساعد وجودها في المخيم من يقطنونه قائلة: “لا أريد أن أكون في الجانب الخطأ، ولا أريد أن أُستخدم في طرد فلسطينيين من مدينتهم”.

وترى الألوف أن الصراع الذي يخوضه المواطنون العرب مهمًا، ولكنها لا تتوقع بأن يتم الوصول إلى حلول، وتقول: “لا أعتقد أن المشكلة ستحل، ولكن أحاول أن أساعد في إثارة القضية”.

وتقوم الحكومة الإسرائيلية بتسويق مساكن بأسعار مخفضة لمن هم غير قادرين على شراء المساكن ولكن المواطنون العرب يقولون إنهم عادة ما يحرمون منها.

وغالبا ما يشتكي المواطنون العرب مما يقولون إنه تمييز إسرائيلي رسمي ضدهم.-(الاناضول)