‘);
}

قصّة آثر الرسول فيها أصحابه على نفسه

تعلّم الصحابة الكِرام الإيثار من النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكثرة ما يرون منه ذلك، فقد جاءته امرأة وأهدت إليه بُردة، وقبلها منها وكان بحاجةٍ إليها، فطلبها رَجُلٌ منه لتكون كفنه، فأعطاه إياها، كما أنه كان يدعو الناس ويحُثُهم على الإيثار، كقوله: (إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ)،[١][٢] وذات يومٍ بعث إلى أحد الصحابة الفقراء الذي أراد أن يعمل وليمة فرح بسلّة دقيقٍ كانت عنده، وبقي النبي -عليه الصلاة والسلام- تلك الليلة من غير طعام، وأُهدي إليه رداء، فقال له أحدُهم: ما أجمله! فأعطاه إيّاه.[٣]

وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُعطي ما عنده لغيره، فقد كان يدّخر التمر وغيره لمدّة سنة، فإن جاءه ضيفٌ أو طرأ على أحدهم شيء؛ يقوم بإيثار غيره عليه، حتى وإن أدّى ذلك إلى نفاده عنده، وذات يومٍ أُهدي إليه طعامٌ وهو جائع من أبي طلحة وزوجته أُمّ سليم، فدعا إليه الصحابة، وكان عددُهم قُرابة السبعين أو الثمانين رَجُلاً، حتى أكلوا وشبعوا، ثُمّ أكل هو، وأُهدي إليه قدحاً فيه لبن، فآثر به أهل الصُفّة ومعهم أبا هُريرة، وكان النبيّ آخرهم شُرباً، فقد شربوا جميعاً حتى شبعوا، ثم شرب النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وغير ذلك من المواقف الكثيرة في خُلق الإيثار في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتقديم حال الناس على حاله.[٤]