‘);
}

القيامة ذلك اليوم الموعود

خلق الله الأرض وقدّر عليها الزّوال، وأرادها أنْ تكون دار ممرٍّ لا دار مقرٍّ، ومحطّة امتحان للعبور إلى الدّار الآخرة، وأخبر المولى -سبحانه- عباده بأنّ مصيرها الانتثار كما غيرها من الكواكب؛ فقال سبحانه: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ)،[١] وقال أيضاً: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)،[٢] وتأتي هذه الآيات وغيرها لتؤكّد للإنسان حتمية زوال الأرض ومن عليها، وفي هذا دعوة للعباد أنْ يعدّوا عدّتهم للحياة الباقية، وأنْ يحرصوا على الوصول إليها بسلامٍ، وفي هذا يقول الله تعالى: (وَمَا هَـذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)،[٣] وقد أخبر المولى -سبحانه- عباده عن الأحداث التي ترافق نهاية الكون في مواطنٍ متعدّدةٍ وأوصافٍ مختلفةٍ، وأنّ يوم القيامة مقترنٌ بأحداثٍ جِسامٍ، يشيبُ لهولها الوِلْدان، ومن ذلك ما يحدث للأرض من رجفةٍ شديدةٍ، واهتزازٍ مخيفٍ؛ فكيف تتزلزل الأرض زلزالها؟

سورة الزلزلة وسبب نزولها

يقول الله -سبحانه- في مُحكم التّنزيل: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا*وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا*وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا*يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ*فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)،[٤] وقد جاء في سبب نزول سورة الزلزلة أنّ الكفار كانوا يُكثرون السّؤال عن يوم الحساب، وعن موعده، وقد ذكر المولى -عزّ وجلّ- ذلك عنهم؛ فقال: (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)،[٥] وقال أيضاً: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)،[٦] فجاءت آيات سورة الزلزلة تكشف لهم علامات ذلك اليوم؛ ليعلموا أنّه من غير الممكن تحديد ذلك اليوم الذي يُعرض الناس فيه على ربهم على وجه التحديد، وإنما ذكّرهم بأنّه اليوم الذي يُجازى فيه كلّ أحدٍ بعمله؛ فيعاقب فيه المذنب بذنبه، والمُحسن بإحسانه، وقد جاء في بعض الروايات أنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّهم لا يجازون على العمل القليل، وظنّ آخرون أنّه لا مساءلةً على الذّنب الصغير؛ فأنزل الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).[٧][٨]