الكثيرين منا يتساءل عن الأطفال المصابين بمتلازمة داون، وعن الشيء الذي سبب لهم الإصابة بهذا المرض، وما هو الخلل الذي حدث، وهل يمكن لأي طفل أن يصاب بهذه المتلازمة أم أن الأمر لابد أن يكون وراثي، كل هذه التساؤلات عن اسباب متلازمة داون وأنواعها نجيب عليها في هذا المقال.
كيف تتكون الصفات الوراثية للإنسان؟
يتكون جسم الإنسان من عدة أجهزة تعمل بشكل متناسق مع بعضها البعض، وكل جهاز يتكون من عدة أنسجة، وكل نسيج يتكون من عدة خلايا، فتعد الخلية هي الوحدة الأساسية لبناء جسم الإنسان.
من أهم مكونات الخلية هي ” النواة “، تلك النواة تحتوي على المعلومات الوراثية التي تحمل كل أسرار الحياة، والمسئولة عن تكوين كافة أجزاء الجسم من حيث التركيب والوظيفة، وذلك عن طريق الجينات المحفوظة على شكل “كروموسومات”، ومن وظائف النواة أيضا الانقسام الذي يتم عن طريقه نقل المعلومات الوراثية من جيل لآخر.
كل خلية في جسم الإنسان تحتوي على 46 كروموسوم “23 زوج”؛ 22 زوج يمثل الكروموسومات الجسدية المسئولة عن الصفات الجسدية، و زوج واحد من الكروموسومات مسئول عن تحديد نوع الجنس، سواء ذكر “ْ XY ” أو أنثى ” XX “، ونصف هذه الكروموسومات مورث من الأم والنصف الآخر مورث من الأب.
كيف تحدث متلازمة داون ؟
في الواقع، هناك العديد من الأمراض الوراثية الناتجة عن خلل الكروموسومات سواء في العدد أو التركيب، ومن أشهرها متلازمة داون، والتي تنتج عن زيادة في إجمالي عدد الكروموسومات ليصبح ” 47كروموسوم ” وتكون الزيادة في الكروموسوم رقم 21، حيث أن هذه الزيادة إما نسخة إضافية كاملة أو جزئية، لذلك تحليل الكروموسومات “الكاريوتيبنج” يعتبر عامل مهم في تشخيص هذه الحالات الوراثية.
تعتبر هذه الزيادة في المادة الوراثة العامل الأساسي في تغيير مسار النمو الطبيعي، وكذلك ظهور بعض الصفات المميزة كالسمات التي تظهر في الوجه والكفين وقصر القامة وضعف عام في قدرة العضلات على الانقباض والانبساط، و لأن هذه الصفات لا تظهر جميعها في كل المصابين بمتلازمة داون، فيعتبر كل شخص مصاب بمتلازمة داون شخص فريد من نوعه بمجال واسع من الأعراض والصفات التي قد تتشابه مع بعض أقرانه من المصابين بداون أو لا.
انواع متلازمة داون
على مستوى الطفرة الوراثية، فإن الخلل الجيني المؤدي إلى حدوث نسخة زيادة من كرومسوم 21 قد تكون :
وجود نسخة كاملة من الكروموسوم
وذلك لفشل في انفصال الكرموسومات أثناء الانقسام الميوزي في خلايا البويضة أو الحيوان المنوي عند تكوين الجنين، وبالتالي يتكون الجنين ولديه عدد إجمالي 47 كرموسوم بدلا من 46، وعند فحص الكروموسومات نجد 3 نسخ من كروموسوم رقم 21.
هذا النوع هو النوع الشائع من متلازمة دوان ويمثل حوالي 95% من الحالات، ومرتبط بتقدم سن الأم وخصوصا عند الحمل من عمر 35 عاما.
خلل عند تبادل الجينات بين الكروموسومات
وهو نقل جزء من جينات كروموسوم 21 على كرومسوم أخر عند تبادل الجينات، وتعد عملية التبادل مرحلة طبيعية تحدث خلال تكوين الجنين والمسئولة عن تنوع الصفات الوراثية، ولكن قد يحدث بعض الخلل فيحدث عدم اتزان وتتكون مجموعة كروموسومات بها زيادة جزئية من كرومسوم 21.
ويمثل هذا النوع 4% من الحالات، وهنا على الرغم أن عدد الكرومسومات 46 كروموسوم، إلا أنه في واقع الأمر هناك نسخة جزئية من كرومسوم 21 تم نقلها على كرموسوم آخر ومن أشهرهم الكروموسوم رقم 14.
ويكون الأب أو الأم حاملا لهذه الطفرة، ونسبة تكرار حالة داون في العائلة هنا عالية، وغير مرتبطة بتقدم سن الأم حيث يمكن حدوثه مع سن الأم الصغير.
وجود نوعين من الخلايا
هنا يكون الطفل لديه نوعين من الخلايا، فبعض الخلايا تتضمن العدد والشكل الطبيعي للكروموسومات، والبعض الآخر به خلل جيني متمثل في نسخة إضافية من كروموسوم رقم 21.
ويمثل هذا النوع حوالي 1 % فقط من حالات داون ومعظم الصفات تكون أقل في حدتها، وخصوصا “تأخرالنمو العقلي”، ونسبة تكرار مثل هذه الحالة في العائلة ضئيلة.
اسباب متلازمة داون
بغض النظر عن الطريقة المتسببة في حدوث نسخة إضافية من كرموسوم 21 ، فإن هذه الزيادة في المادة الوراثية تؤثر على نمط التطور الطبيعي، وأيضا تسبب ظهور بعض الخصائص المميزة لمتلازمة داون.
يعتبر تقدم سن الأم من أهم اسباب متلازمة داون ، وذلك لأن البويضة منذ ولادة الأم تكون كامنة لحين حدوث البلوغ، ومن ثم كل شهر يتم تحرير بويضة واحدة فقط لاستكمال باقي الانقسام الميوزي؛ لذلك فطول فترة انتظار البويضة لاستكمال سلسة الانقسام يعرضها لخطر عدم الانفصال الجيد للكرموسومات.
اقرأ أيضا: معوقات ومخاطر الحمل بعد سن الـ 35
احتمالية ولادة طفل منغولي آخر
ينصح أي عائلة لديها طفل مصاب بمتلازمة داون أو لديه سبب من اسباب متلازمة داون ، بعملالفحوصات الوراثية، من أجل تشخيص نوعه ومن ثم تحديد خطر تكرار هذا الأمر ف الحمل المقبل.
وتتم الفحوصات الوراثية عن طريق متابعة التاريخ المرضي والعائلي للشخص المصاب، وعمل الفحوصات الاكلينكية والمعملية وتقديم الدعم الطبي والنفسي لكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات.
ويتم الاهتمام بمعرفة سن الأم ونصح الأمهات المقبلات على الزواج في سن متأخر بضروة عمل الفحوصات اللازمة في بداية الحمل لأن التشخيص المبكر يساعد كثيرا في خطة العلاج، فتقدم سن الأم فوق 35 سنة يشكل خطر 1 من 350 فرصة لحدوث متلازمة دوان، ويزاد هذا الخطر ليمثل 1 من 100 عند سن 40، وعند بلوغ سن الـ 45 فإن الخطر يزداد ليمثل 1 من 30 فرصة.
هل متلازمة داون وراثية دائما؟
لابد من التفرقة هنا بين المرض الجيني والمرض الوراثي؛ فالمرض الجيني يحدث نتيجة طفرة في الجينات والتي قد تسببها عوامل بيئية كالتعرض لإشعاعات أو كيماويات، أو طفرة موروثة تنتقل عبر الاجيال.
فالثلات أنواع من متلازمة داون يمكن اعتبارهم مرض جيني وبالأخص “خلل الكرومسومات” ، ولكن 1% فقط هو الذي يتم انتقاله ووراثته عبر الأجيال، وهو النوع الخاص بطفرة النقل من كرومسوم لآخر في التبادل، والذي يمثل 3% إذا كان الأب حاملا لهذا النوع من الطفرة الجينية، أما إذا كانت الأم هي الحاملة لهذه الطفرة، فنسبة التكرار قد تصل إلى 10 – 15 % لكل حمل.
أغلب حالات داون تحدث تلقائيا أو بسبب الصدفة البحتة، ولا يلعب التوريث دورا إلا في ثلت الحالات المتعلقة بنقل الكرموسومات؛ لذا ينصح باتباع الفحوصات الوراثية مع بداية الحمل إذا كان لديكم سبب من اسباب متلازمة داون التي ذكرناها، ويمكنكم استشارة أحد أطبائنا من هنا.