حققت القوات الروسية نجاحات عسكرية كبيرة، السبت، في شرق أوكرانيا حيث سيطرت بالكامل على مدينة سيفيرودونيتسك الإستراتيجية بعد معركة شرسة ودخلت مدينة ليسيتشانسك المجاورة، في الوقت الذي أعلنت فيه موسكو أنها ستسلم بيلاروسيا صواريخ تحمل شحنات نووية، وذلك مع بداية الشهر الخامس من النزاع.
فقد نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع في موسكو إعلانها السبت أن القوات الروسية سيطرت بالكامل على مدينة سيفيرودونيتسك الأوكرانية.
وقال مسؤولون أوكرانيون في وقت سابق، إن القوات الأوكرانية انسحبت من المدينة بعد معركة طويلة.
وقال عمدة سيفيرودونيتسك الأوكرانية إن الجيش الروسي يحتل كامل المدينة وإنه أصبح من غير الممكن مغادرتها إلا إلى المناطق التي تسيطر عليها روسيا، بينما أعلن رئيس الإدارة العسكرية للمدينة مغادرة الجيش الأوكراني في حين بقي المدنيون في ملاجئ مصنع آزوت.
وتلقى الجيش الأوكراني، أمس، أوامر بالانسحاب من سيفيرودونيتسك، وهي خطوة حاسمة لموسكو التي تريد احتلال كامل منطقة دونباس الصناعية التي يسيطر الانفصاليون الموالون لموسكو على أجزاء منها منذ 2014 وتريد روسيا السيطرة عليها بالكامل.
من جهة أخرى، أفاد مراسل الجزيرة أن المعارك وتبادل القصف بين القوات الأوكرانية والروسية مستمر في محيط مدينة ليسيتشانسك، وعلى الطريق بينها وبين باخموت.
وقال حاكم مقاطعة لوغانسك إن القوات الأوكرانية تصدت للهجوم الروسي المستمر على ليسيتشانسك من المحور الجنوبي.
وبالتزامن مع ذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستسلم بيلاروسيا “في الأشهر المقبلة” صواريخ قادرة على حمل شحنات نووية.
وأوضح بوتين -في مستهل لقاء مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في سان بطرسبورغ (شمال غرب روسيا)- أن الصواريخ من طراز “إسكندر-إم”.
وفي تصريحات تنذر بمزيد من التوتر في العلاقات بين موسكو والغرب، قال الزعيمان أيضا إنهما يريدان تحديث سلاح الطيران البيلاروسي لجعله قادرا على حمل أسلحة نووية.
واتهمت كييف قبيل ذلك موسكو بأنها تريد “جرّ” مينسك إلى الحرب بعد أن أعلن الجيش الأوكراني أن 20 صاروخا أُطلق من أراضي بيلاروسيا ومن الجو استهدف قرية ديسنا في منطقة تشيرنيهيف الحدودية (شمال).
استفزاز وتحذير
من جهتها، اعتبرت مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية أن الضربات التي استهدفت البلاد انطلاقا من بيلاروسيا استفزاز روسي واسع النطاق.
واتهمت مديرية المخابرات الكرملين بالسعي إلى جر بيلاروسيا للمشاركة المباشرة في الحرب، من خلال تنفيذ هذا الهجوم الذي وصفته بالمكثف والأول من نوعه.
وأوضحت أن الطائرات أقلعت من روسيا وتحديدا من مطار شايكوفكا بمنطقة كالوغا، قبل أن تدخل الأجواء البيلاروسية وتطلق الصواريخ من على بُعد 50 أو 60 كيلومترا من الحدود الأوكرانية، قبل العودة إلى قواعدها في روسيا.
كما تُجري القوات البيلاروسية مرة أخرى تدريبات عسكرية بالقرب من الحدود مع منطقة كييف، مما زاد التوتر ووضع السلطات الأوكرانية في حالة تأهب قصوى.
وفي ذات السياق، قال مصدر حكومي أوكراني، اليوم السبت، إن قصفا روسيا استهدف منشأة نووية في خاركيف (شمال شرق) وألحق أضرارا ببنيتها التحتية ومبانيها.
وقد قال أوليه سينيجوبوف حاكم مدينة خاركيف التي تعد ثاني مدينة أوكرانية إن امرأة قتلت و5 مواطنين جرحوا خلال الـ 24 ساعة الماضية، وذلك في قصف روسي على خاركيف وعدد من البلدات والقرى في محيطها.
وأضاف حاكم خاركيف أن القوات المسلحة صدّت محاولة روسية للتقدم نحو قرية أودي القريبة من الحدود مع روسيا، وأنها كبّدت المهاجمين خسائر كبيرة مما اضطرهم إلى الانسحاب.
وفي خاركيف التي تقاوم ضغوط القوات الروسية منذ بدء الهجوم، تتساقط الصواريخ مرة أخرى يوميا على مركز المدينة.
ضحايا ودعم
يأتي ذلك، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية أن قواتها قتلت أكثر من 1100 عسكري أوكراني بينهم مرتزقة أجانب.
وقال الناطق باسم الوزارة إنه في مقاطعة ميكولايف وحدها تم القضاء على نحو 300 من القوات الأوكرانية والمرتزقة.
من جهته، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأميركييْن اللذين أسرتهما روسيا وهما يقاتلان في أوكرانيا ضد غزو موسكو للبلاد، بأنهما بطلان.
وأكد زيلينيسكي في مقابلة مع شبكة “إن بي سي نيوز” (NBC News) أنه سوف يكافح من أجل إطلاق سراحهما.
وأعلنت أسرتا ألكسندر دروك وآندي هاين أن ابنيهما في عداد المفقودين في وقت سابق الشهر الجاري، بحسب ما ذكرته وكالة بلومبيرغ للأنباء اليوم السبت.
وقالت حكومة كييف في مارس/آذار الماضي إن حوالي 20 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم استجابوا للنداء، وانضموا إلى فيلق أوكرانيا الدولي للقتال ضد القوات الروسية.
وقال متحدث باسم الرئيس الروسي في وقت سابق الأسبوع الجاري إن دروك وهاين يواجهان عقوبة الإعدام، وأعرب عن اعتقاده أن اتفاقيات جنيف ربما لا تنطبق عليهما حيث إن موسكو لا تعتبرهما جزءا من الجيش الوطني الأوكراني.
مطالبات وجمود
لا تكف أوكرانيا عن المطالبة بمزيد من الأسلحة الثقيلة من حلفائها لمواجهة القوة الضاربة الروسية، خصوصا في منطقة دونباس الصناعية.
وقال القائد العام للقوات المسلحة فاليري زالوجني على صفحته في فيسبوك إنه شدد في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي الجنرال مارك ميلي على “ضرورة تحقيق التكافؤ في القوة النارية مع العدو” مؤكدا أن ذلك “سيسمح لنا بتثبيت الوضع في منطقة لوغانسك التي تتعرض لأكبر تهديد”.
وقال سيرغي غايداي حاكم منطقة لوغانسك حيث تقع سيفيرودونيتسك “لم يعد من المنطقي البقاء في مواقع قصفت باستمرار لأشهر” بينما أصبحت المدينة “مدمرة بشكل شبه كامل” بسبب عمليات القصف المستمرة.
وأضاف “البنية التحتية الأساسية بأكملها دمرت، و99% من المدينة تضرر و80% من المنازل يجب هدمها”.
ويرى خبراء أن عمليات القصف المكثفة هذه أدت إلى “إخضاع” الجنود الأوكرانيين، لكن دون أن تحدث بالضرورة تغييرا جذريا للوضع على الأرض.