اضطراب القلق الاجتماعي:
القلق الاجتماعي أو ما يُسمى بالرُهاب الاجتماعي، هو نوع من الاضطرابات التى تحدث للإنسان عندما يتعرّض للحديث لأول مرة أمام أشخاص لا يعرفهم فيشعر بالخوف والتوتر الزائد، وفي المواقف التي يشعر فيها الإنسان بأنّه تحت المجهر أو داخل حلقة التركيز وأنّ الكل ينظر إليه، فيخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يُخطئ أو يتلعثم ممّا يؤدي لإصابتهِ ببعض الحالات والأعراض منها الارتجاف والخفقان وضيق التنفس وجفاف الحلق والتعرّق.
وعند حدوث هذهِ الأعراض في موقف ما فإنّ الإنسان يخاف ويتجنّب المشاركة في المواقف الاجتماعية أو الدخول في مناقشات ممّا يزيد من مخاوفه ويُضعف من ثقته بنفسه فيجعله سلبيًا وعرضة لهذه المشاعر في المستقبل ممّا يزيد الحالة سوءًا وتعقيدًا.
عمر الإصابة بمشكلة القلق الاجتماعي:
عادةً ما يبدأ هذا الاضطراب في عمر مبكر من مرحلة الطفولة أو بداية المراهقة وقد أكدّت العديد من الدراسات المختلفة أنّ هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب النفسي: ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء، ومرة أخرى بين 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد والتقويم الاجتماعي، وتظهر بشكل ملحوظ في سلوك الإناث أكثر من سلوك الذكور، وتندر الإصابة به بعد الخامسة والعشرين من العمر.
وبالرغم من أن الإصابة بالقلق الاجتماعي تحدث في هذه المراحل المبكرة إلا أنّه يُعتبر أيضًا من الاضطرابات النفسيّة المزمنة التي قد تستمر عشرات السنين والتى تؤثر بصورة سلبية على حياة الإنسان اليوميه، الاجتماعيّة والعمليّة، ومع ذلك فإنّ المصابين بالقلق الاجتماعي حتى مع علمهم بهذه الحالة قد يتأخرون في طلب العلاج وذلك إمّا بسبب خجلهم من الحالة نفسها أو خوفًا من مواجهتها والاعتراف بوجودها.
أسباب الإصابة بالقلق الاجتماعي:
1- التربية والبيئة المحيطة:
تؤثر بيئة الإنسان ومجتمعهِ وتربيتهِ الأسريّة على شخصيتهِ وعوامل ثقتهِ بنفسهِ، لهذا فإنّ تعرّضهِ للعنف الأسري والتربية الخاطئة ضمن الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيهِ يؤثر سلبًا على نفسيتهِ ويُعرّضه للإصابة بالقلق الاجتماعي.
2- الوراثة:
تُشير الدراسات النفسيّة بأنّ العوامل الوراثية تلعب دورًا مهمًا في خطورة تعرّض الإنسان لمشكلة القلق الاجتماعي، كأن يرث الإنسان هذهِ العادة من أحد أفراد عائلتهِ المقربين الذين يُعانون من القلق الاجتماعي كالآباء، الأجداد، الأعمام، والخالات.
3- مشاكل وتغيُّرات في المخ:
يوجد في المخ جزء يُدعى باللوزة، هذا الجزء الذي يؤدي دورًا أساسيًا في قدرة الإنسان على التحكّم بخوفهِ، لهذا فإنّ نشاط اللوزة الزائد في المخ يرفع من معدّل شعور الإنسان بالخوف والقلق وبالتحديد خلال المواقف الاجتماعيّة.
4- اضطرابات هرمونيّة:
تؤثر الاضطرابات الهرمونيّة على صحة الإنسان الجسديّة والنفسيّة، حيث يقول الأطباء بأنّ اضطربات مستوى هرمون الدوبامين والأدرينالين في الجسم يجعل الإنسان أكثر قلقًا وخوفًا في المناسبات واللقاءات الاجتماعيّة.
5- الجنس:
أكّدت الأبحاث والتجارب العلمية بأنّ الإناث أكثر عرضةً للإصابة بمشكلة القلق الاجتماعي من الذكور، وذلك لأنّ الإناث عادةً ما يتمتّعون بصفاتٍ حساسة ومرهفة أكثر من الذكور.
وهناك بعض العوامل التي تزيد من خطورة التعرض للقلق الاجتماعي، وهي:
- التاريخ المرضي للعائلة.
- مرور الإنسان بالعديد من التجارب السلبيّة في حياتهِ وبالتحديد مرحلة الطفولة والمراهقة.
- الحالة المزاجية للإنسان، كأن يمتلك بعض الصفات كالخجل، الانطواء، والتردّد.
- تعرّض الإنسان لبعض المواقف المهنية التي تفرض عليهِ التواجد مع الآخرين في الاجتماعات الكبيرة، أو إلقاء الخطب والكلمات.
- الإصابة ببعض الحالات الصحيّة الظاهرة كتشوه الوجه، التلعثم أثناء الكلام، أو الإصابة بمرض باركنسون.
أعراض القلق أو الرُهاب الاجتماعي:
تنقسم أعراض القلق الاجتماعي إلى أعراض شعوريّة وسلوكيّة، وأعراض جسميّة، وبدايةً سنتحدّث عن الأعراض الشعوريّة والسلوكيّة، وهي:
- الخوف من أي موقف يتطلب الحكم على الشخص.
- القلق عند التعرّض لأي موقف فيهِ إحراج أو إذلال للنفس.
- الخوف من التفاعل أو الدخول في أي حديث مع الغرباء.
- الخوف من ظهور أعراض القلق على الجسد كالإحمرار، التعرّق، والارتجاف.
- تجنّب الحديث مع الناس خوفًا من الإحراج.
- تجنّب كل المواقف التي يكون بها الإنسان محط الاهتمام.
- الشعور بالقلق المسبق من أي نشاط أو حدث مخيف.
- توقّع الكثير من العواقب السيئة والسلبيّة المُمكنة أثناء حدوث أي موقف اجتماعي.
- صعوبة التحدّث، والتحدّث بسرعة أو بكلمات غير مفهومة.
أمّا الأعراض الجسديّة للقلق الاجتماعي فهي:
- الدوخة والدوار، والشعور بعدم الاتزان.
- تسارع في دقات وضربات القلب، وصعوبة في التنفس.
- الإصابة ببعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي، كوجع الأمعاء، والإسهال.
- صعوبة التفكير، والإحساس بأنّ العقل أصبح فارغًا.
- الإصابة بنوع من التشنجات العضليّة.
- الشعور بالعطش والجفاف.
- التعرّق الشديد، والإحساس بنوع من الارتجاف.
- احمرار الوجه بشكلٍ مبالغ فيهِ، ومُلاحظ من قبل الآخرين.
- الإحساس برغبة في التقيؤ.
المواقف اليوميّة الشائعة التي يتجنّبها المصاب بالقلق الاجتماعي:
- رفض التفاعل مع أشخاص غرباء وغير مألوفين.
- عدم الحضور في الحفلات العامة أو حتّى اللقاءات الاجتماعيّة.
- الخوف من الذهاب إلى المدرسة، أو العمل، أو الجامعة.
- رفض التواصل البصري مع الآخرين، وعدم القدرة على فتح الحوارات.
- رفض المواعدة مع الأشخاص الغرباء.
- الخجل من الشراء من المتجر، أو من إرجاع بعض الأشياء غير المرغوب فيها إلى المتجر.
- رفض تناول الطعام أمام الآخرين.
- عدم استخدام الحمامات العامة.
مضاعفات الإصابة بالقلق الاجتماعي:
- انخفاض مستوى ثقة الإنسان بنفسهِ وقدراتهِ المهمة التي يمتلكها.
- توجيه الكلمات السلبيّة للنفس.
- ضعف المهارات والعلاقات الاجتماعيّة.
- الانعزال والرغبة بالبقاء وحيدًا.
- ضعف القدرة على تحقيق النجاح في المدرسة والعمل والجامعة.
- الإصابة بمشكلة فرط التحسّس.
- تعاطي المخدرات، والإدمان على شرب الكحول والتدخين.
- محاولات الإنتحار أو التفكير بهذا الموضوع الخطير.
- الإصابة ببعض الأمراض النفسيّة وبالتحديد مرض الاكتئاب النفسي، وانفصام الشخصيّة.
شاهد: 6 خطوات بسيطة تقهر بها رُهاب الحديث أمام الجمهور
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/AHxBvjRO-RY?rel=0&hd=0″]
علاج القلق الاجتماعي:
تعديل أسلوب الحياة عن طريق:
- تناول الغذاء الصحّي المتوازن الغنيّ بالمعادن والفيتامينات التي تساعد على تغذية المخ والدماغ.
- تجنّب كل أنواع الكحول والمخدرات وعدم التواجد في الأماكن التي تنتشر فيها هذهِ العادات السيئة.
- ممارسة التمارين الرياضيّة بشكلٍ يومي ومنتظم لمدة نصف ساعة على الأقل.
- المواظبة على التواصل مع كل الأشخاص الذين يُشعرونك بالراحة.
- الحصول على النوم المريح، وتجنّب السهر.
- الانضمام إلى مجموعات الدعم، عن طريق الإنترنت أو الجمعيات التي تساهم في علاج المشاكل الاجتماعية والنفسيّة.
الآليات التدريجيّة لتفعيل العلاج:
- تجربة تناول الطعام مع شخصٍ مقرّب من الأصدقاء أو العائلة في مكانٍ عام.
- محاولة مدح الآخرين وتقديم الثناء لهم.
- التواصل مع الأصدقاء والتحضير لبعض المشاريع والأنشطة.
- محاولة البدء بإلقاء التحيّة على الآخرين، والتواصل البصري معهم.
- شراء الحاجات من المتاجر بشكلٍ شخصي، بدلًا من توكيل هذهِ المهمة للآخرين.
الآليات العامة التي تساعد في التخلّص من مشكلة القلق الإجتماعي:
- التحضير للمواقف الاجتماعيّة بشكلٍ مُسبق، ومراجعة المواضيع التي تودّ فتحها مع الآخرين.
- ممارسة تمارين التأمل والاسترخاء بشكلٍ يومي، وعدم الاهتمام بصغائر الأمور.
- التركيز على الصفات الإيجابيّة في الشخصيّة والعمل على تنميتها، وغضّ النظر عن كل الصفات السلبيّة.
- وضع أهداف واقعيّة في الحياة، وتجنّب الأهداف الخياليّة والتي من الصعب جدًا أن تتحقق.
- ممارسة كافة التقنيات التي تساعد على التعامل الفعّال مع الضغوط النفسيّة.
- مواجهة كل الأفكار السلبيّة التي تخطر على بالك، وعدم التفكير بها على الإطلاق.
- ممارسة بعض الهوايات المُميّزة التي تساهم في تعزيز مهاراتك وثقتك بنفسك أمام الآخرين.
- ممارسة تمارين التنفس التي تساعدك على ضبط نفسك أمام الآخرين، وعلى إخراج الطاقة السلبيّة المزعجة من داخلك.
- الحفاظ على شكلك الخارجي، وأناقتك الدائمة.
الرهاب الاجتماعي عند الاطفال:
أسباب إصابة الطفل بالقلق الاجتماعي:
- تعرّض الطفل لأساليب التربيّة الخاطئة من قبل الوالدين، كاتّباع اسلوب التسلّط، والقسوة الزائدة.
- شعور الطفل بالحرمان العاطفي، وعدم الشعور بالأمان والراحة من قبل العائلة والأشخاص المحيطين بهِ.
- التغيّر الدائم في أساليب التعامل مع الطفل والتربيّة، وعدم الثبات سواء من قبل العائلة أو المدرسة.
- خوف الطفل من موضوع التقييم السلبي من قبل الآخرين، وفقدان الدعم الاجتماعي.
- إهمال الطفل، وتركهِ وحيدًا، دون تقديم الدعم النفسي لهُ، وتأثّر الطفل بالحالة المزاجيّة لأبويهِ.
- عيش الطفل ضمن أسرة مُفكّكة مليئة بالصراعات والخلافات الأسرية، وبشكلٍ خاص الخلافات بين الأب والأم.
- لوم الطفل الزائد وانتقاده المستمر أمام الآخرين، مما يولّد في داخلهِ شعورًا بالقلق والخوف، والإحباط.
- انشغال الأم بمولودها الجديد، مما يولّد لدى الطفل حالة من الغضب والقلق والغيرة.
- توقع الأهل المثاليّة والكمال من تصرفات الطفل، مما يعرضهُ للاضطرابات النفسيّة المتمثلة بالخوف من الفشل.
شاهد: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي للطفل
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/MtR5FSu9TS8?rel=0&hd=0″]
أعراض القلق الإجتماعي عند الأطفال:
- شعور الطفل بالخوف الشديد والانطواء على نفسهِ.
- عدم الرغبة في المشاركة بالألعاب الجماعيّة مع الأصدقاء.
- رفض حضور المناسبات الاجتماعيّة وأعياد الميلاد.
- الخوف من الغرباء والبكاء عند مشاهدتهم.
- كثرة البكاء، وعدم القدرة على النوم المريح خلال الليل.
- فقدان الشهيّة وعدم الرغبة بتناول الطعام.
- تأخّر النطق، والإصابة بمشاكل التلعثم.
- الإصابة ببعض الأمراض الصحيّة كالتهاب اللوزتين، والتهاب الأمعاء بشكلٍ متكرر.
- الإصابة بمشكلة النحافة الزائدة، أو السمنة المفرطة في مرحلة الطفولة.
علاج القلق الإجتماعي عند الأطفال:
- توفير الرعاية المنزليّة والحماية المتزنة للطفل مع منحه المساحة الكافية للتعبير والتجريب والمحاولة والخطأ مع الزملاء والأصدقاء والأقارب.
- التغافل عن بعض ذلّات الطفل واستخدام أساليب تربوية بسيطه للعلاج السلوكي كقراءة القصص للطفل قبل النوم.
- البعد عن أساليب العنف اللفظي والجسدي أثناء التعامل مع الطفل إن كان في المنزل أو المدرسة، واستخدام أساليب التشجيع والترغيب.
- إقامه علاقة قويّة مع الطفل وبث الطمأنينة والراحة والأمان في داخلهِ.
- توجيه العبارات الإيجابيّة للطفل بشكلٍ دائم.
- تشجيعه على ممارسة الرياضات الجماعيّة مثل كرة القدم، وكرة السلة.
- تنمية المواهب الشخصيّة للطفل، وذلك لدورها في تقوية شخصيتهِ.
وأخيرًا نتمنى عزيزي أن تتقيّد بكافة النصائح التي قدمناها لك، لتتخلّص من مشكلة القلق الإجتماعي، ولتنعم بشخصيّةٍ قوية وصحّة نفسيّة جيدة.
المصادر:
- ويكيبيديا
- الرهاب الاجتماعي لدى الاطفال
- آليات لتخطي القلق الاجتماعي
- نصائح عملية للسيطرة على الرهاب الاجتماعي