بين مشارك ومقاطع ومتردد.. الشارع العراقي منقسم إزاء الانتخابات التشريعية

ينتظر العراقيون الانتخابات بعد يومين لاختيار مرشحيهم لمجلس النواب، وسط أجواء تنافسية بين مرشحي الأحزاب والكتل الجديدة التي تشكلت بعد الحراك الشعبي، ويشهد الشارع انقساما بشأن المشاركة في التصويت.
Ahead of early elections in Iraq
جانب من الحملات الانتخابية في العاصمة بغداد (الأناضول)

البصرة – ينتظر العراقيون الانتخابات التشريعة بعد يوم الأحد المقبل لاختيار مرشحيهم لمجلس النواب القادم، وسط أجواء تنافسية بين مرشحي الأحزاب والكتل الجديدة التي تشكلت بعد حراك شعبي انطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2019 للمطالبة بإصلاحات. وينقسم مزاج الشارع العراقي بشأن المشاركة في الانتخابات بين مؤيد لها أو مقاطع لها أو متردد.

ويتنافس 3249 مرشحا يمثلون 21 تحالفا و109 أحزاب، إلى جانب مستقلين، يتنافسون للفوز بـ329 مقعدا في البرلمان، وذلك وفق أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

ويحق لنحو 25 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم بشكل عام من أصل أكثر من 40 مليون نسمة، وفق أرقام رسمية.‎

الشاب محمد عبدالقادر، 30 عامًا، من البصرة، تصوير أزهر الربيعيعبد القادر اعتبر أن المشاركة في الانتخابات لن تُغير من الوضع الحالي للبلاد (الجزيرة نت)

يقول الشاب محمد عبد القادر (30 عاما) إن المشاركة في الانتخابات لن تُغير من الوضع الحالي للبلاد، وستكون الانتخابات نسخة عن سابقاتها وستأتي بالوجوه والأحزاب نفسها التي حكمت البلاد منذ العام 2003، مضيفا أنه لذلك قرر مقاطعة الانتخابات حتى لا يعطي شرعية “للأحزاب الفاسدة”.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر عبد القادر أن المشاركة في الانتخابات لا تمثل طريقا لحل الأزمة التي تعيشها البلاد، بل “دمارا لمشروع حراك تشرين المعارض للعملية السياسية بأكملها في العراق”.

وأعرب عبد القادر عن خشيته من أن ينساق المستقلون الذين يعتبرون أنفسهم جزءا من الحراك الشعبي -في حال فوز بعضهم في الانتخابات المقبلة- مع الأحزاب السياسية المسيطرة على الحكومة وينسون أهداف الحراك.

الدراجي اعتبر المشاركة في الانتخابات محاولة لإنقاذ العراق من أزماته (الجزيرة نت)

حل للأزمات

يختلف الشاب عباس الدراجي (23 عاما) مع عبد القادر، معتبرا المشاركة في الانتخابات تمثل محاولة لإنقاذ العراق من أزماته.

وأضاف للجزيرة نت أن “المشاركة في الانتخابات تمثل ضرورة مُلحة، وخصوصا بعد سقوط العديد من الضحايا في الاحتجاجيات الشعبية خلال العامين الماضيين”.

ويكمل الدراجي أن التصويت في الانتخابات يمثل بذرة أمل من أجل إحداث التغيير المنشود، مضيفا أنه يتمنى أن يجد في البرلمان القادم من يعمل لمصلحة الشعب والبلاد وليس لمصالحه الخاصة.

وأعرب عن أسفه لمقاطعة العديد من الشباب الانتخابات، عازيا السبب في ذلك للنظام السياسي في العراق والذي زرع اليأس عند العراقيين.

جمانة الغلاي المتحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات -خاص الجزيرةجمانة الغلاي: المفوضية وزعت قرابة 15 مليونا من البطاقات الانتخابية (الجزيرة نت)

إقبال واسع

وفي سياق الانتخابات، مددّت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات موعد توزيع البطاقات البيومترية للناخبين في عموم العراق أمس الأول لغاية الساعة العاشرة ليلا، وذلك في مسعى لضمان إيصال أكبر عدد من البطاقات البيومترية الانتخابية للمواطنين.

وشهدت مراكز توزيع بطاقات الناخب البيومترية في المدن العراقية، ومنها مدينة البصرة (جنوبي البلاد)، إقبالا واسعا من المواطنين حتى الساعات الأخيرة من الموعد المُعلن، مما يساهم في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات.

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، قالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي “لقد بلغ إجمالي التوزيع من البطاقات الانتخابية قرابة 15 مليون بطاقة، كما وضعت المفوضية خطة عاجلة لتوسيع عملية توزيع البطاقات لتكون على مستوى مراكز الاقتراع البالغ عددها 8273 مركزا بدلا من التوزيع على مستوى مراكز التسجيل البالغ عددها 1097 مركزًا”.

وفي مقابلة مع المحلل السياسي علي البيدر، قال للجزيرة نت إن تمديد فترة استلام البطاقات البيومترية سيسهِم في رفع نسبة المشاركة الكلية للتصويت في عموم مناطق البلاد، ولكن كان الأجدر أن تقوم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالسماح للمواطنين باستلام بطاقاتهم حتى يوم الاقتراع طالما البطاقات تم توزيعها من مراكز الاقتراع وليس مراكز التسجيل للبطاقات.

وأكمل حديثه “إضافة إلى أن لدى المفوضية فرقا جوّالة تزور المناطق السكنية ما من شأنها الاستمرار في توزيع البطاقات دون توقف”.

المحلل السياسي علي البيدر (الجزيرة نت).jpgالبيدر رجح أن يكون الإقبال على الانتخابات التشريعية هذه المرة أعلى من سابقتها (الجزيرة نت)

مشاركة واسعة

ويرى البيدر أن نسبة المشاركة في انتخابات هذا العام ستكون أعلى منها في انتخابات 2018، معللا ذلك بأن مرشحين جُددا دخلوا العملية السياسية، ولأول مرة، معتمدين على جمهورهم المناطقي والعشائري، وبالتالي ستكون مشاركتهم بشكل أوسع، إضافة إلى ذلك عملت ثورة الحراك الشعبي على تحفيز الوعي العراقي الوطني، وبات المواطن مدركا لأهمية صوته ومدى تأثيره.

واستدرك البيدر أن الأحزاب تقدمت بمرشحيها مرة أخرى، وهي تعمل جاهدة للحفاظ على مناصبها السياسية، وتشجع جماهيرها على الذهاب والتصويت، كل هذه الأسباب والأمور تشير إلى أن الإقبال على الانتخابات سيكون عاليا رغم وجود دعوات لمقاطعتها.

في غضون ذلك تواصل مفوضية الانتخابات إصدار الهويات التعريفية للمراقبين الدوليين المقدر عددهم بنحو 900، واعتماد أكثر من 46 ألف مراقب محلي ونحو 207 آلاف وكيل حزب سياسي، إضافة إلى اعتماد 305 إعلاميين دوليين و1498 إعلاميا محليا.

مدير المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات في محافظة البصرة حيدر محمد السيلاوي (الجزيرة نت)السيلاوي: المفوضية سجلت رقما قياسيا بأعداد البطاقات التي وزعتها مما يؤشر على رغبة الكثيرين في الانتخاب (الجزيرة نت)

وذكر مدير مفوضية الانتخابات في محافظة البصرة حيدر محمد السيلاوي للجزيرة نت أن تمديد فترة توزيع بطاقات البيومترية للمواطنين بالتأكيد سينعكس على نسبة المشاركة في الانتخابات بمعدل جيد نتيجة إقبال المواطنين على استلام بطاقاتهم.

وأضاف أن المفوضية سجلت رقما قياسيا في أعداد البطاقات التي تم توزيعها أول أمس الثلاثاء، حيث بلغت أكثر من 15 ألف بطاقة، في حين كان يوزع يوميا خلال الأيام الماضية ما بين 1500 و2000 بطاقة فقط.

الشاب حسن وليد، 21 عامًا، تصوير أزهر الربيعيوليد توجه في الساعة الأخيرة لاستلام بطاقته الانتخابية (الجزيرة نت)

وعن سبب توجهه في آخر ساعة لاستلام بطاقته الانتخابية، يقول الشاب حسن وليد (21 عاما) إنه قرر قبل ساعات من توجهه فقط انتخاب مرشح يرى أنه يمثل تطلعاته وتطلعات شباب العراق.

وأضاف للجزيرة نت أنه يتمنى فوز المرشحين المستقلين والوجوه الجديدة التي لديها تطلعات وأهداف لإنقاذ البلاد من أزماته.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *