جرى الاستفتاء، الأربعاء، على الانضمام لاتفاقية الأمن والدفاع الأوروبية، واعتبرت رئيس وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن، أن نتيجة الاستفتاء رسالة قوية للحلفاء في أوروبا وحلف الناتو من ناحية، وإلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن من ناحية أخرى، قائلة: “نحن نبين أنه عندما يجتاح بوتن بلدا حرا ويهدد استقرار أوروبا، فنحن الباقين نتجمع سويا”.
وعلى الفور ظهرت ردود الفعل المؤيدة لخطوة الدنمارك، حيث رحب كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لايين، بنتيجة الاستفتاء، باعتبارها نقطة تحول تاريخية للاتحاد.
مخاوف جديدة
ورغم انضمام الدنمارك للاتحاد الأوروبي منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن رفضها لاتفاقية “ماستريخت”، المعاهدة المؤسسة للاتحاد في عام 1992 بأصوات 50.7 بالمئة من الناخبين، جعلها خارج السياسيات الدفاعية والمعنية بالشؤون الداخلية والعدل للاتحاد.
وتستهدف معاهدة ماستريخت التي طبقت في نهاية عام 1993، حل أزمات السياسة الخارجية والتوصل إلى سياسات موحدة للدفاع بين الدول الأعضاء.
واستمر موقف الدنمارك الرافض للمعاهدة خلال استفتاءين في عامي 2000 و2015، لذا لم تستطيع المشاركة في أي مهمة عسكرية داخل الاتحاد بعد حصولها على استثناءات تعرف باسم “خيارات رفض” حتى تتمكن باقي الدول الأعضاء من تمرير الاتفاقية التأسيسية.
وتزامن استفتاء الأربعاء مع اشتداد المعارك في الأجزاء الشرقية بأوكرانيا، وإعلان روسيا قطع إمدادات الغاز عن الدنمارك، ما يشير لزيادة المخاوف الناتجة عن الصراع الروسي– الأوكراني وتأثيره على دول أوروبا، وإدراك الدنمارك أهمية تغير سياستها السابقة.
وبعد اندلاع الحرب فبراير الماضي، ظهر توجه داخل كوبنهاغن لتقوية قواتها الدفاعية، عبر السماح للقوات العسكرية الأميركية بالتواجد على أراضيها كجزء من اتفاقية دفاعية ثنائية بين البلدين، كما اتفقت الحكومة مع أحزاب على استثمارات عسكرية تتجاوز 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي والتي يطالب بها الناتو.
عكس أهداف موسكو
ويرى المحلل السياسي مصطفى الطوسة، أن رغبة الدنمارك للتقرب أكثر من السياسيات الدفاعية الأوروبية، ومطالبة السويد وفنلندا للالتحاق بحلف الناتو، تعد بمثابة نتائج عكسية للهجوم الروسي على أوكرانيا وأهداف بوتن الاستراتيجية من الحرب.
ويوضح الطوسة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه حينما شن بوتن الحرب شكّل خطورة على بلدان أوروبا الشرقية، فتغيرت مواقف دول عرفت بحيادها التاريخي ورفضها الدائم لتبني مقاربات عدائية تجاه روسيا، وطالبت كوبنهاغن بالانضمام لاتفاقيات الاتحاد الدفاعية وتخلت ستوكهولم وهلسنكي عن حيادهما.
استقلال أوروبا
أما عن تأثير انضمام الدنمارك للاتحاد في سياسته العسكرية، فيتوقع الطوسة أن المقاربات الجديدة من شأنها تقوية “النواة المركزية الدفاعية داخل أوروبا” التي تهدف أن يكون هناك قدرات أوروبية خاصة للدفاع عن بلدان الاتحاد في حال تعرضها لأي هجوم.
وفي الوقت نفسه تشير تحركات فنلندا والسويد للالتحاق بالناتو إلى أن أوروبا وحدها لا تمتلك القدرة على سن سياسات دفاعية مشتركة، وأنها مازالت بحاجة إلى مظلة أطلسية، ما يعني أن العقيدة الأمنية الحالية لأوروبا ليست على استعداد للاستقلالية كما تريد فرنسا وباقي دول الاتحاد، بحسب الطوسة.
وفي نهاية مارس، تبنى وزراء الخارجية والدفاع بالاتحاد، سياسة دفاعية مشتركة جديدة لتأسيس قوة عسكرية للرد السريع بقوام 5 آلاف جندي، تبدأ العمل بحلول عام 2025، وتحدد مجالات التعاون العسكري والانفاق الدفاعي وحشد الموارد للتصدي للهجمات الإلكترونية.