وأوضحت الأرقام المسجلة، وفقا لاستطلاع للرأي أنجزته وزارة التربية في البلاد، أن واحدا وخمسين بالمائة من تلاميذ التعليم الإعدادي والثانوي في مدارس تونس لا يمتلكون أجهزة هواتف ذكية أو حواسيب متصلة بشبكة الإنترنت تسمح لهم بمتابعة الدروس عن بعد.

كما أن النسبة ترتفع إلى سبعين بالمائة في صفوف تلاميذ المرحلة الابتدائية وفق الاستطلاع الذي أطلقته الوزارة على موقعها الرسمي، وأجاب عنه مليون وتسعمائة ألف تلميذ من إجمالي مليونين و 215 ألف تلميذ في تونس.

وقال وزير التربية فتحي السلاوتي خلال المنتدى الوطني حول الجمعيات الناشطة في إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التدريس عن بعد “إن هناك نقائص خلال السنة الدراسية الحالية التي تدور  في ظروف صعبة بسبب جائحة كورونا رغم اعتماد تونس لنظام التدريس الحضوري في مؤسسات التعليم يوما بيوما بسبب الوضع في البلاد، وإن الحرص على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين كل التلاميذ في الأرياف والمدن والقرى يجعل اللجوء إلى التعلم عن بعد أمرا صعبا.”

وأضاف المسؤول أن خيار التعلم عن بعد لم يكن الخيار الوحيد للتعاطي مع أزمة كورونا التي حالت دون الالتحاق المنتظم بالمدارس، والوزارة تدرس إمكانيات التعليم عبر شاشات التلفزيون خلال الأيام التي لا يذهب فيها التلاميذ للمدارس.

من جهته أوضح مدير المركز الوطني للتكوين والتطوير بالوزارة كمال الحجام في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية أن هناك إشكاليات في توفر الأدوات الرقمية للتلاميذ خاصة من هم في المرحلة الابتدائية؛ فضلا عن صعوبات متعلقة بالبنية التحتية وخدمات الإنترنت، غير أنهم حريصون بالتعاون مع المجتمع المدني للوصول إلى ضمان التعليم عن بعد للجميع بالتساوي في أقرب الآجال.

وأشار الاستطلاع المنجز أن 93 بالمائة من الأولياء لا يفضلون التعليم عن بعد في ظل الجائحة الصحية وقد يرجع ذلك إلى شكوك تساورهم حول جودة الدروس المقدمة افتراضيا ومدى قدرة الأبناء على الاستفادة منها.

يأتي هذا بينما تستعد وزارة التربية لإطلاق باقة من القنوات التعليمية عبر البث الفضائي لخلق فضاء تعلمي رقمي عن بعد  وتقول الوزارة إن اللجوء للقنوات التلفزية يرجع لكونها أكثر ضمانا لتكافؤ فرص التعلم من الربط عبر الإنترنت من خلال الشاشات الذكية.

وتتزايد مطالب المجتمع المدني والنشطاء بإيقاف التعليم الحضوري وارتياد المدارس للأطفال بسبب تزايد مخاطر الإصابة بفيروس كورونا حيث تشهد تونس موجة حادة من انتشار سريع للوباء لم تستثن المدارس ولا التلاميذ والطلبة.

وتؤكد الأرقام المسجلة أن عدد الإصابات في صفوف التلاميذ والإطار التربوي مرتفعة مقارنة ببلدان أخرى مشابهة لتونس. ويجدر الذكر أن الإصابات المؤكدة بكورونا في المؤسسات التربوية بلغت حتى منتصف أكتوبر أكثر من 1200 حالة مع الاشتباه في إصابة أكثر من 3000 آخرين.

أمام هذه الأرقام دعت جامعة التعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل وزارة التربية للالتزام الصارم بتطبيق البروتوكول الصحي في المدارس واتهمتها بالتنصل من مسؤولياتها والتقصير في توفير أجهزة قياس الحرارة ومواد التعقيم مطالبة بتدارك الأمر قبل حلول فصل الشتاء.

في سياق متصل، أفادت وزيرة التعليم العالي ألفة بن عودة خلال جلسة عامة في البرلمان يوم الجمعة بأن الوزارة أعدت خطة استباقية لمواصلة الدروس عن بعد ودعت الجامعيين إلى رقمنة دروسهم استعدادا لذلك محذرة من الآثار السلبية للانقطاع البيداغوجي على تكوين الطلبة و نفسيتهم.

ومن  جانبها قالت رئيسة جمعية “تلاميذنا” بشرى الطيب إنها تتوقع أن تكون الأرقام المتعلقة بنقص التزود بالحواسيب والهواتف الذكية لدى العائلات التونسية أقل من الأرقام المنشورة و ترجح وجود إجابات غير صريحة لبعض أولياء الأمور.

وأكدت الطيب في تصريح للموقع أن تكافؤ الفرص في علاقة بالاشتراك بشبكة الإنترنت وامتلاك هذه التجهيزات مفقود بين المدن و الأرياف، مشيرة إلى أن نتائج الامتحانات الوطنية تبين تفاوت كبير في نتائج النجاح ونسب التفوق بين المحافظات الداخلية ومدن العاصمة وذلك بسبب ضعف الإمكانيات.

وأضافت الطيب أن المختصين في البيداغوجيا أكدوا وجود مشاكل في التركيز ومتابعة الدروس عبر الشاشات لدى التلاميذ رغم مهارتهم في الألعاب الإلكترونية ما يتطلب تدريب الإطار التعليمي على أساليب بيداغوجية حديثة لإنجاح الدروس الافتراضية.

كما دعت الناشطة الجهات المسؤولة إلى العناية بأصحاب الهمم وتفهم حاجيات الأطفال النفسية واختلافات ميولهم ونسب الذكاء لديهم قبل ضبط برامج التعلم عن بعد الذي تعتبره مازال صعب التطبيق في المدراس التونسية قبل ضمان تكافؤ الفرص بين المدارس والتلاميذ من شمال البلاد إلى جنوبها.