ويرجع المحلل المالي عبد العظيم الأموي عدم تعرض الذهب للتقلبات العنيفة وقت الأزمات باعتباره من أصول الملاذ الآمن الكلاسيكية القديمة التي يتم اللجوء إليها عندما تتعرض الأسواق المالية للأزمات، مشيراً إلى أن تركيبة الطلب على المعدن الأصفر تساعده في أن يلعب هذا الدور بكفاءة عالية.
ويشرح الأموي في حديثة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، هذه التركيبة بأن “الطلب على الذهب يتكون من الطلب الاستثماري كرافعة أساسية، ووجوده كأصل استثماري في المحافظ الاستثمارية يسهل هذه المهمة، وأيضاً الطلب بغرض المجوهرات ويربتط ذلك بالمناسبات والتقاليد الثقافية ما يعزز موقعة كمخزن للقيمة، كما أن هناك طلباً سيادياً من قبل البنوك المركزية بغرض تنويع الاحتياطي، فهذه التركيبة تجعل من الذهب أصلأ من الأصول الثقيلة في الأسواق وفي المحافظ الاستثمارية وكذلك في حسابات البنوك المركزية”.
ويضيف الأموي عاملاً آخر يسهم في تعزيز مكانة الذهب العالمية وهو ندرة المعدن وارتفاع تكلفة التنقيب، لافتاً إلى أن مركز الذهب العالمي يقدر كمية الذهب فوق الأرض (التي تم تعدينها وتداولها) بـ 205,238 طن مقسمة كالآتي (46 في المئة مجوهرات، 22 في المئة سبائك استثمارية، 17 في المئة احتياطي للبنوك المركزية بالاضافة إلى 15 في المئة حيازات أخرى).
ويوضح الأموي أن أداء المعدن الأصفر تميز بالثبات والاسقرار خلال الأسبوع الماضي الذي حفل بالعديد من القرارات الكبيرة والمؤثرة من قبل البنوك المركزية ما تسبب بتذبذبات كبيرة في الأسواق حيث سجلت مؤشرات الأسهم تراجعات كبيرة، كما تراجع الذهب بداية الأسبوع إلى مستوى قريب من 1800 دولار للأوقية (الأونصة) بعد بيانات التضخم من الولايات المتحدة نهاية الأسبوع قبل الماضي ثم عاود الارتفاع قليلا بعد رفع سعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي بـ 75 نقطة أساس كأكبر مستوى لرفع الفائدة في 28 عاماً وارتفع إلى مستوى 1850 دولاراً للأوقية.
وفي الوقت ذاته يؤكد أن الأموي “أن تأثير رفع سعر الفائدة سلبي على تداولات الذهب في المدى القصير وذلك لتحرك السيولة نحو الأصول التي توفر عائداً وتعتبر من الملاذات الآمنة مثل السندات الحكومية، لكن مخاوف الأسواق من الركود الاقتصادي ومعدلات التضخم المرتفعة تبقي بعض السيولة في الذهب”.
من جهته، يقول المحلل المالي رائد الخضر “يزداد الطلب على الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، وعلى الرغم من فشله في الاستقرار أعلى مستويات 2000 دولار للأوقية مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في روسيا وأوكرانيا في الربع الأول من العام الجاري، إلا أن توقعات استقراره أعلى تلك المستويات عادت لتلوح في الأفق من جديد بسبب التطورات الاقتصادية في الأونة الأخيرة لعدة أسباب أهمها ارتفاع التضخم والسياسات النقدية المتشددة، والمخاوف من الركود”.
ولاتزال مخاوف التضخم إحدى المحركات الرئيسة التي أسهمت في زيادة الطلب على المعدن الأصفر، على الرغم من محاولات البنوك المركزية والحكومات السيطرة على وتيرة ارتفاعات الأسعار، وفقاً للخضر الذي أوضح أن البنوك المركزية لم تجد مفراً من اتباع سياسات نقدية متشددة لمواجهة ارتفاع التضخم.
ويتابع الخضر: “صحيح أن السياسات المتشددة في رفع الفائدة تزيد الطلب على الذهب لكن هذه السياسات من شأنها الإضرار بوتيرة التعافي الاقتصادي التي لم تصل حتى وقتنا هذا لمستويات ما قبل الجائحة عام 2020، فبعد عقود من الإنفاق الهائل والسياسات النقدية التوسعية وضخ السيولة في الأسواق، أصبح العالم يتجه الآن نحو الركود التضخمي، وفي هذه المرحلة الاقتصادية يزداد الطلب على أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والفضة”.