
‘);
}
حفظت الشريعة الإسلاميّة النفسَ الإنسانيّة، وحضّت على المحافظة عليها وصونها وحمايتها، بغض النظر عن مذهبها ودينها واعتقادها، فقد بيّن الله -سبحانه وتعالى- في أكثرَ من موضعَ من كتابه العزيز حُرمةَ الاعتداء على هذه النفس وإيذائها وقتلها، فقال -عزَّ وجل- :{كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[١][٢]
رأي الفقهاء في جريمة الشرف
حفظ الإسلام النفس البشريّة، وهي معصومة عن القتل والإيذاء بغير وجه حق، وقد دعت الشريعة الإسلامية الأزواج على الحفاظ على عِرض زوجاتهم، وصونهن من أن يقعنَ في أي شيء يمسُ عرضهن وشرفهن، فإن ارتكبت الزوجة جريمة الزنا فإنَّ الزوج مطالبٌ بأن يصون عرضه؛ وأنْ يمنعَ هذا المُنكر العظيم، فعلى الزوج أن يدفع هذا المنكر الذي وقع عليه، وهذا حق الله عليه، وعليه أن يمنع الفاحشة عن زوجته أيضاً؛ فهذان الحقّان متلازمان لا ينفكُ أحدهما عن الآخر، وهناك تفصيلٌ في المسائل المتعلقة بجريمة الشرف، سيأتي بيانه فيما يلي.[٣]
‘);
}
رأي الفقهاء في جريمة الشرف في حال إنْ ثبت على الزوجة الزنا
إنْ ثبت أن الزوج قد وجد زوجته في حالة زنا بطوعها فإنَّ له أن يقتلها بدافع تغيير المنكر؛ وليس له أن يقتلها بحجة أنَّه يريد إقامة الحد فهو ليس من مسؤوليته، بل من يقوم بذلك هو الحاكم، وإن كان مع الزوج البيّنة على قيام زوجته ومن معها بالزنا فله أن يقتلهما باتفاق الفقهاء دون أن يترتب عليه القصاص والدية ويعتبرُ دمهما مهدوراً.[٣]
رأي الفقهاء في جريمة الشرف في حال لم يثبت على الزوجة الزنا
في حال شكَّ الزوج في زوجته بأنّها ترتكب جريمة الزنا؛ ولم يستطع إثبات البيّنة على ذلك؛ فإنَّ الفقهاء قد اختلفوا في جواز قتل الزوجة ومن معها على أقوال، تالياً بيانها:[٣]
- قول المالكيّة والحنابلة والشافعيّة: بأنَّه لا يجوزُ للزوجِ أو القاتل أن يقوم بقتل زوجته ومن معها دون بيّنة، ولا يُعفى من يفعلُ ذلك من القصاص والمسؤولية الجنائية، ودليلهم في ذلك ما ورد عن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- أنَّه قال: (يا رَسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لَا، قالَ سَعْدٌ: بَلَى، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بالحَقِّ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اسْمَعُوا إلى ما يقولُ سَيِّدُكُمْ).[٤]
- قول الحنفيّة وبعض المالكيّة وابن تيميّة: بأنَّه يجوز للزوجِ أن يقتل زوجته ومن معها إن رآهما متلبسين في الزنا حتى وإن لم يكن عنده البيّنة، ودليلهم في ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (من قُتل دونَ أهلِه فهو شهيدٌ)،[٥] ووجه الدلالة من الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أطلق وصف الشهيد على كل رجل دافع عن شرفه، وهو ما يدلُ على جواز أن يُقتلَ من يعتدي على أعراض الناس.
رأي الفقهاء في جريمة الشرف بحجة صون شرف قريبة أو واحدة من العائلة
إنَّ القتل من بغير سبب وبيّنة وإقرار بدافع حماية الشرف جريمة نكراء مخالفة للشرع ولِسمات الشريعة الإسلامية الطاهرة عن كلِ ذلك، فإنَّ من يظنُ بأنَّه يصون شرف عائلته أو قريبته بقتلها فإنَّ هذا الفعل مندرج تحت سفك الدم بغير حق، وقتله لقريبته لا يخففُ عنه هذه الجريمة، ولا يجعلُ صلة القرابة مسوغاً لفعلته، فالأعراضُ لا تصانُ بهذه الطريقة، بل إنَّ من يقوم بهذا الفعل من تلقاء نفسه معرضٌ للقصاص حسب قول كثيرٍ من الفقهاء؛ والمسؤول عن صون العرضِ والشرف هو القضاء والحاكم، وليسَ للأفراد أن يتدخلوا في ذلك ظناً منهم بأنّهم يحمون شرفهم ويصونونَ سمعة العائلة.[٦]
المراجع
- ↑سورة المائدة، آية:32
- ↑د. محمود بن أحمد الدوسري (21/12/2020)، “مقاصد السنة النبوية (2) حفظ النفس”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/12/2021. بتصرّف.
- ^أبتجامعة النجاح، القتل بدافع حماية الشرف دراسة فقهية مقارنة، صفحة 4-12. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1498، صحيح.
- ↑رواه الالباني، في صحيح النسائي، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم:4106، صحيح.
- ↑لجنة الافتاء (1/12/2016)، “حكم ما يُعرَف بالقتل من أجل الشرف”، دار الافتاء الاردنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/12/2021. بتصرّف.