‘);
}
رثاء بشار بن برد
الرثاء هو واحد من الأغراض الشعرية التي شاعت منذ العصر الجاهلي، فالشاعر بشر له عاطفة وأحباب والموت يطرق باب النّاس كافة لذلك فإنّ فراق الأحبة يستدعي خروج الكلمات وامتثالها أمام الشاعر ليتخيّر أحسنها فيطرزها في قصيدة متفردة، وبشار بن برد هو أحد الشعراء الذين برعوا في غرض الرثاء ولعل من أبرز القصائد التي قالها في ذلك المقام:
قصيدة ذهب الدهر بسمط وبرا
واحدة من القصائد التي ساقها بشار بن برد في ذكر الأموات والتفجع فيهم حيث قال:[١]
ذَهَبَ الدَهرُ بِسِمطٍ وَبَرا
-
-
- وَجَرى دَمعِيَ سَحّاً في الرِدا
-
وَتَأَيَّيتُ لِيَومٍ لاحِقٍ
-
-
- وَمَضى في المَوتِ إِخوانُ الصَفا
-
‘);
}
فَفُؤادي كَجَناحَي طائِرٍ
-
-
- مِن غَدٍ لا بُدَّ مِن مُرِّ القَضا
-
وَمِنَ القَومِ إِذا ناسَمتُهُم
-
-
- مَلِكٌ في الأَخذِ عَبدٌ في العَطا
-
يَسأَلُ الناسَ وَلا يُعطيهُمُ
-
-
- هَمُّهُ هاتِ وَلَم يَشعُر بِها
-
وَأَخٍ ذي نيقَةٍ يَسأَلُني
-
-
- عَن خَليطَيَّ وَلَيسا بِسَوا
-
قُلتُ خِنزيرٌ وَكَلبٌ حارِسٌ
-
-
- ذاكَ كَالناسِ وَهَذا ذو نِدا
-
فَخُذِ الكَلبَ عَلى ما عِندَهُ
-
-
- يُرعِبُ اللِصَّ وَيُقعي بِالفِنا
-
قَلَّ مَن طابَ لَهُ آباؤُهُ
-
-
- وَعَلى أُمّاتِهِ حُسنُ الثَنا
-
اِدنُ مِنّي تَلقَني ذا مِرَّةٍ
-
-
- ناصِحَ الجَيبِ كَريماً في الإِخا
-
ما أَراكَ الدَهرَ إِلّا شاخِصاً
-
-
- دائِبَ الرِحلَةِ في غَيرِ غَنا
-
فَدَعِ الدُنيا وَعِش في ظِلِّها
-
-
- طَلَبُ الدُنيا مِنَ الداءِ العَيا
-
رُبَّما جاءَ مُقيماً رِزقُهُ
-
-
- وَسَعى ساعٍ وَأَخطا في الرَجا
-
وَفَناءُ المَرءِ مِن آفاتِهِ
-
-
- قَلَّ مَن يَسلَمُ مِن عِيِّ الفَنا
-
وَأَرى الناسَ يَرَوني أَسَداً
-
-
- فَيَقولونَ بِقَصدٍ وَهُدى
-
فَاِرضَ بِالقِسمَةِ مِن قَسّامِها
-
-
- يُعدِمُ المَرءُ وَيَغدو ذا ثَرا
-
أَيُّها العاني لِيُكفى رِزقَهُ
-
-
- هانَ ما يَكفيكَ مِن طولِ العَنا
-
تَرجِعُ النَفسُ إِذا وَقَّرتَها
-
-
- وَدَواءُ الهَمِّ مِن خَمرٍ وَما
-
وَالدَعيُّ اِبنُ خُلَيقٍ عَجَبٌ
-
-
- حُرِمَ المِسواكَ إِلّا مِن وَرا
-
قصيدة أجارتنا لا تجزعي وأنيبي
قصيدة ساقها الشاعر بشار بن برد في رثاء ابنه وقد أجاد فيها حين قال:[٢]
أَجارَتَنا لا تَجزَعي وَأَنيبي
-
-
- أَتاني مِنَ المَوتِ المُطِلِّ نَصيبي
-
بُنَيِّي عَلى قَلبي وَعَيني كَأَنَّهُ
-
-
- ثَوى رَهنَ أَحجارٍ وَجارَ قَليبِ
-
كَأَنّي غَريبٌ بَعدَ مَوتِ مُحَمَّدٍ
-
-
- وَما المَوتُ فينا بَعدَهُ بِغَريبِ
-
صَبَرتُ عَلى خَيرِ الفُتُوِّ رُزِئتُهُ
-
-
- وَلَو لا اِتِّقاءُ اللَهِ طالَ نَحيبي
-
لَعَمري لَقَد دافَعتُ مَوتَ مُحَمَّدٍ
-
-
- لَو أَنَّ المَنايا تَرعَوي لِطَبيبِ
-
وَما جَزَعي مِن زائِلٍ عَمَّ فَجعُهُ
-
-
- وَمِن وِردِ آباري وَقَصدِ شَعيبي
-
فَأَصبَحتُ أُبدي لِلعُيونِ تَجَلُّداً
-
-
- وَيا لَكَ مِن قَلبٍ عَلَيهِ كَئيبِ
-
يُذَكِّرُني نَوحُ الحَمامِ فِراقَهُ
-
-
- وَإِرنانُ أَبكارِ النِساءِ وَثيبِ
-
وَلي كُلَّ يَومٍ عَبرَةٌ لا أُفيضُها
-
-
- لِأَحظى بِصَبرٍ أَو بِحَطِّ ذُنوبِ
-
إِلى اللَهِ أَشكو حاجَةً قَد تَقادَمَت
-
-
- عَلى حَدَثٍ في القَلبِ غَيرِ مُريبِ
-
دَعَتهُ المَنايا فَاِستَجابَ لِصَوتِها
-
-
- فَلِلَّهِ مِن داعٍ دَعا وَمُجيبِ
-
أَظَلُّ لِأَحداثِ المَنونِ مُرَوَّعاً
-
-
- كَأَنَّ فُؤادي في جَناحِ طَلوبِ
-
عَجِبتُ لِإِسراعِ المَنِيَّةِ نَحوَهُ
-
-
- وَما كانَ لَو مُلّيتُهُ بِعَجيبِ
-
رُزِئتُ بُنَيِّي حينَ أَورَقَ عودُهُ
-
-
- وَأَلقى عَلَيَّ الهَمَّ كُلُّ قَريبِ
-
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن يَكونَ مُحَمَّدٌ
-
-
- لَنا كافِياً مِن فارِسٍ وَخَطيبِ
-
وَكانَ كَرَيحانِ العَروسِ بَقاؤُهُ
-
-
- ذَوى بَعدَ إِشراقِ الغُصونِ وَطيبِ
-
أَغَرُّ طَويلُ الساعِدَينِ سَمَيذَعٌ
-
-
- كَسَيفِ المُحامي هُزَّ غَيرَ كَذوبِ
-
غَدا سَلَفٌ مِنّا وَهَجَّرَ رائِحٌ
-
-
- عَلى أَثَرِ الغادينَ قَودَ جَنيبِ
-
وَما نَحنُ إِلّا كَالخَليطِ الَّذي مَضى
-
-
- فَرائِسُ دَهرٍ مُخطِئٍ وَمُصيبِ
-
نُؤَمِّلُ عَيشاً في حَياةٍ ذَميمَةٍ
-
-
- أَضَرَّت بِأَبدانٍ لَنا وَقُلوبِ
-
وَما خَيرُ عَيشاً لا يَزالُ مُفَجَّعاً
-
-
- بِمَوتِ نَعيمٍ أَو فِراقِ حَبيبِ
-
إِذا شِئتُ راعَتني مُقيماً وَظاعِناً
-
-
- مَصارِعُ شُبّانٍ لَدَيَّ وَشيبِ
-
قصيدة ما بال عينك دمعها مسكوب
قال الشاعر بشار بن برد في الرثاء:[٣]
ما بالُ عَينِكَ دَمعُها مَسكوبُ
-
-
- حُرِبَت وَأَنتَ بِدَمعِها مَحروبُ
-
وَكَذاكَ مَن صَحِبَ الحَوادِثَ لَم تَزَل
-
-
- تَأتي عَلَيهِ سَلامَةٌ وَنُكوبُ
-
إِنَّ الرَزِيَّةَ لارَزِيَّةَ مِثلُها
-
-
- يَومَ اِبنُ حَفصٍ في الدِماءِ خَضيبُ
-
لا يَستَجيبُ وَلا يَحيرُ لِسانُهُ
-
-
- وَلَقَد يَحيرُ لِسانُهُ وَيُجيبُ
-
غُلِبَ العَزاءُ عَلى اِبنِ حَفصٍ وَالأَسى
-
-
- إِنَّ العَزاءَ بِمِثلِهِ مَغلوبُ
-
يا أَرضُ وَيحَكِ أَكرِميهِ فَإِنَّهُ
-
-
- لَم يَبقَ لِلعَتكِيِّ فيكِ ضَريبُ
-
أَبهى عَلى خَشَبِ المَنابِرِ قائِماً
-
-
- يَوماً وَأَحرَبَ إِذ تُشَبُّ حُروبُ
-
إِذ قيلَ أَصبَحَ في المَقابِرِ ثاوِياً
-
-
- عُمَرٌ وَشُقَّ لِواؤُهُ المَنصوبُ
-
وَبَكَيتُ إِذ بَكَتِ العَتيكُ لِبَدرِها
-
-
- أَودى فَبَدرُ سَمائِها مَسلوبُ
-
يا وَيحَ فاطِمَةَ الَّتي فُجِعَت بِهِ
-
-
- وَتَشَقَّقَت مِنها عَلَيهِ جُيوبُ
-
إِنّي لَأَعلَمُ إِذ تَضَمَّنَهُ الثَرى
-
-
- أَن سَوفَ تَكمُدُ بَعدَهُ وَتَذوبُ
-
وَظَلِلتُ أَندُبُ سَيفَ آلِ مُحَمَّدٍ
-
-
- عُمَراً وَجَلَّ هُنالِكَ المَندوبُ
-
فَعَلَيكَ يا عُمَرُ السَلامُ فَإِنَّنا
-
-
- باكوكَ ما هَبَّت صَباً وَجَنوبُ
-
المراجع
- ↑“ذهب الدهر بسمط”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
- ↑“أجارتنا لا تجزعي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
- ↑“ما بال عينك”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.