كثيرا ما نجد بعض الأباء والأمهات يتسائلون عن السبب أو الشخص المسئول عن وصول أطفالهم لسلوك معين أو مشكلة نفسية معينة، والعجيب في الأمر أنهم يستغربون بشدة من المستوى الأخلاقي أو العلمي أو السلوكي الذي وصل إليه طفلهم، مع إنه هم المسئولين عنه في كل شئ، وإن لم يعرفوا هم السبب فمن ذا الذي يعرف؟ فدعونا نتحدث عن المسئولية الأسرية بشئ من الإستفاضة.
المصدر الأول:
لاشك إن الأسرة هي المصدر الأول لتلقي الطفل كل شئ، فهي البيئة الأولى التي يحتك بها إحتكاك مباشر، يتأثر بها ويؤثر فيها، فلو فكرنا ببعض المنطق والعقلانية سنجد إن الطفل منذ نعومة أظافره يمكث معظم أوقاته داخل المنزل ويستقي معظم صفاته من أسرته ويكتسب كل خبراته من والديه والمحيطين به داخل الأسرة، فلذلك نعتبر المصدر الأول والأساسي والأكثر أهمية هو البيت.
أول خمس سنوات:
أثبتت الكثير من الدراسات التي أجريت على الأطفال إن معظم الخطوط العريضة لشخصية الطفل تتكون وينته تشكيلها في أول خمس سنوات من العمر، وهذه السنوات هي التي يقضي الطفل معظمها بالمنزل مع الوالدين وباقي أفراد الأسرة، إذا فهم المسئولين الأساسيين عن خطوط شخصيته العريضة، وللأسف الكثير من الأسر يعتبروا إن هذه السنوات غير مهمة ولابد أن يقضيها الطفل باللعب لأنه لن يستفيد من أي شئ فهو مازال صغيرا، وهم لا يعرفون أنهم بذلك يهملوا ويغفلوا أهم سنوات العمر لدى أطفالهم، ولذلك نعتبرهم – إن لم يحسنوا تربية أطفالهم في هذه السنوات الأول – أنهم هم المسئولين عن ضياع هذه السنوات.
العادات و … “المسئولية”:
وإن نظرنا نظرة متفحصة في عادات الطفل مثل طريقة الأكل أو اللبس أو الحديث سنجده أيضا يكتسبها بشكل مفصل من والديه خصوصا في السنوات الأولى، ولذلك كما يهتم الوالدين بنوعية الطعام الذي يدخل لأجسام أطفالهم عليهم أيضا الإهتمام بالطريقة التي سيأكل بها والعادات التي سيكتسبها وسيمارسها طوال حياته أثناء الأكل، وأيضا لابد أن يراعوا ذلك في كل عادة يكتسبها الطفل، فلا نهمل تعليم الطفل حتى أبسط العادات مثل غسل اليد قبل الأكل وبعده ثم عندما يصبح مراهقا أو حتى لديه 10 سنوات نتهمه بعدم النظافة والإهمال، والأغرب من ذلك أن نستغرب ونبحث عن السبب والمسئول عن إكتساب الطفل لهذه العادة السيئة أو إهماله لعادة أخرى جيدة ونحن بالأصل لم نعلمه الجيد من السيئ.
الحضانة والمدرسة والتلفاز:
سيقول بعض الأباء والأمهات إنه يوجد بعض المصادر الأخرى التي يكتسب منها الطفل عاداته وتصرفاته مثل الحضانة أو المدرسة أو حتى التلفاز، فهذا كما يقولون:”عذر أقبح من ذنب”، فهم مازالوا مسئولين عن الأماكن التي يذهب إليها الطفل وأيضا الأشياء التي يشاهدها، فمن أهم صفات الوالدين الإيجابيين أنهم يتابعوا كل شئ يخص طفلهم، لذلك نجدهم يعرفوا أسماء أصدقاؤه بالمدرسة، وأيضا لعبته المفضلة وكرتونه المميز وكل ما يخصه، فإن لم يكونوا هم من يتابعه ويعرف كل أخباره بإستمرار فمن سيعرف؟
المربية “الناني”:
شاهدت تجربة أجريت على عدة أطفال بحيث يسأل الباحثين الأمهات أسئلة ويسألوا المربيات نفس الأسئلة ثم يسألوا الأطفال ليعرفوا أي الإجابات أصح إجابات الأمهات أم المربيات؟ وكانت النتيجة للأسف مؤلمة فمعظم إجابات المربيات كانت أصح، وهذه التجربة توضح للأسف واقع مؤلم للكثير من الأطفال الذين يتربوا بشكل شبه كامل مع المربيات لكن الأم بالنسبة لهم شخص ثانوي, أليس هذا مؤلم حقا؟
وفي النهاية أود أن أقول لكل أب وكل أم حاولوا أن تكونوا أنتم المسئولين عن أطفالكم مسئولية كاملة وبشكل إيجابي، فأنتم مسئولين عنهم وأيضا ستحاسبون عليهم، ولا تنسوا أنكم أنتم من سيجني ثمارهم، فإن أحسنتم زراعة البذرة وداومتم على رعايتها والإعتناء بها كما يجب ستجنون الخير، وإن حدث العكس بالتأكيد لن تجنوا ما يسعدكم، أليس كذلك؟
كما نتمنى أن تكونوا إستفدتم من هذه المعلومات والنصائح التربوية وللمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء، وأنصحكم بقراءة هذا المقال بعنوان:”في بيتنا موهوب“، ولا تنسوا أن تشركونا بتعليقاتكم وأسئلتكم وأيضا تجاربكم مع المسئولية الأسرية.