فورين بوليسي: الوجود الروسي في ليبيا أهم لبوتين من صراعاته بأوكرانيا

يفيد مقال في موقع فورين بوليسي الأميركي بأن الوجود الروسي في ليبيا ممثلا في مرتزقة مليشيا فاغنر قد يكون أكثر أهمية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من صراعاته في أوكرانيا.
Teams carry ammunition cleared from civilian settlements south of Tripoli, Libya, on July 22, 2020. Militia affiliated with the warlord Khalifa Haftar's armed forces and mercenaries from the Russian security company Wagner Group trapped multiple mines and handmade explosives in the area. HAZEM TURKIA/ANADOLU AGENCY VIA GETTY IMAGES
ذخائر تم تطهيرها بواسطة قوات حفتر ومرتزقة فاغنر من مناطق مدنية جنوب طرابلس بليبيا في يوليو/تموز 2020 (غيتي)

يفيد مقال في موقع فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركي بأن الوجود الروسي في ليبيا ممثلا في مرتزقة مليشيا فاغنر قد يكون أكثر أهمية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من صراعاته في أوكرانيا.

وقال إن موقف فاغنر المحفور في ليبيا يتوافق مع تصميم روسيا الأوسع نطاقا: الضغط على الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو للتوصل إلى نتائج سياسية مختلفة من خلال التحكم في مصادر الطاقة القريبة وزرع عدم الاستقرار على حدودها.

وأوضح المقال -الذي كتبه روبرت يونياكي كبير الخبراء والمحللين في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة نافانتي للتحليل- أن ما يقال عن أن التعديلات التكتيكية بنقل بعض قوات فاغنر من ليبيا إلى أوكرانيا تعبر عن تغيير جذري في موقف روسيا من ليبيا غير صحيح.

فاغنر راسخة القدم بليبيا

وأكد يونياكي أن فاغنر لا تزال راسخة القدم في القواعد العسكرية الرئيسية والمنشآت النفطية وحولها في ليبيا كأسلحة مأجورة للجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، واصفا إياها بأنها جزء مهم من حملة حفتر لانتزاع السيطرة على الدولة الليبية من الحكومات والقوات المتمركزة في طرابلس.

وأوضح الكاتب أن احتياطيات النفط المؤكدة في ليبيا تبلغ 48 مليار برميل والغاز الطبيعي 53 تريليون قدم مكعب، كما تمتلك 39% من إجمالي احتياطيات النفط في أفريقيا، وبذلك تعد ليبيا عملاق طاقة محتمل على أعتاب قارة أوروبا، ففي عام 2020 باعت 63% من صادراتها إلى القارة (في المقام الأول إيطاليا وإسبانيا وألمانيا)، إذ بلغ الإنتاج أكثر من مليون برميل يوميا في عام 2021.

ومنذ عام 2020 انتقلت مليشيا فاغنر إلى وضع يسمح لها بعرقلة كل الإنتاج الحالي في ليبيا وأي جهد مستقبلي من قبل الاتحاد الأوروبي الذي يتطلع إلى الحد من الاعتماد على الطاقة في روسيا بالاستفادة من الطاقة في ليبيا.

فاغنر في ليبيا.. ورقة إستراتيجية لبوتين

وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد أعربوا عن اهتمامهم بالاستثمار في البنية التحتية للطاقة الليبية لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، لكن وجود فاغنر يضع الكرملين في موقف المتحكم في هذه الحسابات المستقبلية أو على الأقل ورقة للعب في المفاوضات.

وأشار الكاتب إلى أن قوات حفتر بمساعدة فاغنر أعاقت وصول الحكومة الليبية -التي تتخذ من طرابلس مقرا لها- إلى عائدات النفط، وفي أبريل/نيسان الماضي أغلق المتظاهرون المتحالفون مع قوات حفتر بالقوة حقول النفط الجنوبية الغربية في الشرارة والفيل، وكذلك الموانئ في الزويتينة ومرسى البريقة، قبل التوسع إلى المحطات النفطية في رأس لانوف والسدر ونفط الصرير.

وقال إن أسواق النفط العالمية شعرت بالفعل بأزمة إغلاق النفط في أوائل يونيو/حزيران الماضي، واستنادا إلى معظم التقارير أدى الحصار إلى خفض إنتاج النفط الليبي من نحو 1.2 مليون برميل يوميا إلى ما يتراوح بين 300 ألف و400 ألف برميل يوميا.

وعلى الرغم من أن هذا الإغلاق يأتي من الأزمة السياسية في ليبيا حيث تحتدم المواجهة بين رئيس الوزراء في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا رئيس الوزراء الموازي في سرت المدعوم من جيش حفتر فإن المؤكد أن مرتزقة فاغنر المنتشرين حول المرافق النفطية موافقون ضمنيا على استمرار الحصار.

توقيت إغلاق مرافق النفط يخدم موسكو

وأشار الكاتب إلى أن توقيت إغلاق مرافق النفط الليبية يخدم موسكو بلا شك، ففي أسواق الطاقة الحالية يؤدي سحب ما يقارب مليون برميل من السوق يوميا إلى زيادة الضغط على أزمة الطاقة في أوروبا ودولها التي تفكر في التحول بعيدا عن الطاقة الروسية.

وقال إن النفوذ السياسي لروسيا واضح في المواجهة بين الليبيين، إذ إن موسكو هي العاصمة الوحيدة التي تعترف رسميا بحكومة باشاغا، وعندما ظهر مقال له في صحيفة تايمز (The Times) البريطانية في أوائل مايو/أيار الماضي ينتقد غزو أوكرانيا اضطر باشاغا إلى التراجع ونفي ما كتب.

اختلاف أوروبي حول دور فاغنر

ومع ذلك -يضيف الكاتب- هناك نقطة أخرى تستغلها فاغنر وهي أن بعض الدول الأوروبية -وعلى رأسها فرنسا- تنظر إلى قوات حفتر على أنها قوة لتحقيق الاستقرار ومعقل ضد النشاط “الإرهابي”، معلقا بأن هذا المنظور يربك المصالح الجماعية لأوروبا، ويثير تساؤلات في عواصم مثل باريس حول ما إذا كانت فائدة دور فاغنر في ليبيا تفوق مخاطر تهديدها لحلف الناتو.

وفي نهاية المطاف -يؤكد الكاتب- أن وجود فاغنر في ليبيا يرقى إلى كونه عاملا مزعزعا للاستقرار حتى بدون الانخراط في صراع مفتوح، ويظهر العمق الإستراتيجي للكرملين في البلاد، وقد أتاح ظهور الحكومات الموازية في ليبيا في مارس/آذار الماضي فرصا لفاغنر لزعزعة استقرار البلاد من خلال دعم هجوم جيش حفتر، وكان وجودها في حد ذاته قضية مسيسة ومستقطبة تساعد في دفع الانقسام بين الشرق والغرب الليبييْن.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *