يقول كاتب العمود في واشنطن بوست (Washington Post) جوش روغين إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قررت أنها لن تعارض بنشاط تطبيعا إقليميا سريعا مع نظام بشار الأسد. ويصف ذلك بأن عواقبه ستكون وخيمة.
ويوضح الكاتب في مقال له أن الدفع العربي لتطبيع العلاقات مع الأسد ليس جديدا، لكن سرعته المتقدمة تنذر بالخطر للكثيرين، مشيرا إلى أن وفدا بقيادة سالم المسلط رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة قام بزيارة إلى واشنطن الشهر الماضي حث فيها الحكومة الأميركية والمجتمع الدولي على مواصلة الضغط على النظام السوري.
مكافأة لقاتل شعبه
وذكر الكاتب أن المسلط قال له في مقابلة “كيف يمكنك أن تكافئ حاكما قتل شعبه بالأسلحة الكيميائية وجعل نصف سكان البلاد لاجئين؟ والآن، لا يبدو أن أحدا يقول لا لهذا. كلمة واحدة من هذه الإدارة ستحدث فرقا كبيرا “.
وأشار إلى أن بايدن أعطى تأكيدات صريحة بأنه لن يُعاقب المطبعين مع نظام الأسد بموجب قانون قيصر، وهو القانون الأميركي الذي يهدف إلى منع التطبيع مع النظام حتى يوقف الأسد المذابح.
نصيحة أميركية
كما أشار إلى إبرام صفقة لنقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، مما سيؤدي بالتأكيد إلى مدفوعات نقدية للأسد، معلقا بأنه وبدلا من الوقوف في الطريق، نصحت إدارة بايدن الدول المشاركة بأنه يمكنها تجنب العقوبات عن طريق تمويل الصفقة من خلال البنك الدولي، مما يعزز بشكل أساسي ثغرة في القانون الأميركي.
وقال أيضا إن مسؤولين سوريون التقوا الشهر الماضي العديد من القادة العرب بالجمعية العامة للأمم المتحدة. وبعد ذلك تعهد وزير الخارجية المصري بالمساعدة في “استعادة مكانة سوريا في العالم العربي”.
وأورد أن مؤيدي التطبيع يجادلون بأن 10 سنوات من العزلة والضغط على الأسد لم تسفر عن أي تقدم في التسوية السياسية، بينما العقوبات أدت إلى تفاقم معاناة السوريين. كما يجادلون بأن الانخراط العربي يمكن أن يضعف القوة الإيرانية في سوريا.
حجة المؤيدين للتطبيع
وأشار المقال إلى أن بريت ماكغورك كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط وأحد المؤيدين الرئيسيين لمثل هذا النهج على مر السنين نشر مقالا عام 2019 بعنوان “حقائق صعبة في سوريا” قال فيه إن الولايات المتحدة يجب أن تكف عن معارضة الجهود التي يبذلها شركاؤها العرب للتطبيع مع الأسد.
وكتب ماكغورك أيضا أن على الولايات المتحدة تشجيع شركائها داخل سوريا، مثل قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد، على إبرام صفقة مع نظام الأسد حتى تتمكن القوات الأميركية من المغادرة ويمكن لروسيا والنظام تولي المسؤولية هناك.
وحسب المقال فإن المشكلة الصارخة في هذا النهج أن نظام الأسد وروسيا انتهكا كل صفقة أبرماها مع الجماعات المحلية، مما يعرضهما لقسوة ومعاناة جديدة، وستكون النتيجة على المدى الطويل المزيد من التطرف واللاجئين وزعزعة الاستقرار.
التطبيع يسمح بمواصلة زعزعة الاستقرار
وأوضح المقال أن الصراع في سوريا أدى إلى زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها، مشيرا إلى أن كبار الجمهوريين في لجنتي الشؤون الخارجية والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي قالوا في بيان إن تطبيع العلاقات الآن سيسمح فقط بمواصلة زعزعة الاستقرار.
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن الأمل الوحيد في تحقيق سلام واستقرار وعدالة حقيقيين في سوريا هو أن تعاود أميركا الانخراط دبلوماسيا وتعمل على إحياء العملية السياسية الدولية وقيادتها. وفي غضون ذلك، يجب على واشنطن أن تساعد في تحسين حياة السوريين الذين يعيشون خارج سيطرة الأسد، بدلا من نصحهم بعقد صفقات مع مضطهدهم.
وختم مقاله بالقول إنه لا توجد خيارات جيدة في سوريا، لكن الترحيب ضمنيا لقاتل جماعي بالعودة إلى “الحظيرة الدبلوماسية” ليس مقبولا، والتطبيع مع الأسد لن ينهي الحرب، والنظر في الاتجاه الآخر إفلاس أخلاقي وإستراتيجي.