هوت العاصمة المصرية القاهرة
إلى مستوى جديد في قائمة المدن الأكثر أمانا على مؤشر وحدة المعلومات الاقتصادية بمجلة
“” البريطانية، لهذا العام 2021، بعد أن تراجعت مركزين حيث جاءت
في المركز 57 من أصل 60 دولة شملها المؤشر.
إلى جانب القاهرة، تم تصنيف
خمس مدن عربية أخرى، بما في ذلك أبو ظبي ودبي والرياض ومدينة الكويت والدار البيضاء
ولكنها جميعا في مراكز أكثر تقدما، بينما جاءت بعد القاهرة، العاصمة الفنزويلية كاراكاس،
والعاصمة الباكستانية كراتشي، وأخيرا يانجون عاصمة ميانمار السابقة.
مؤشر المدن الآمنة 2021 هو تقرير
صادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية بمجلة الإيكونومست البريطانية، في نسخته الرابعة،
ويصنف 60 مدينة عبر 76 مؤشرا يغطي الأمن الرقمي، والصحة، والبنية التحتية، والأمن
الشخصي والبيئي.
وتذيلت القاهرة القائمة وقبعت
في مراكز متخلفة في المعايير الخمسة التي تتكون من 100 درجة؛ حيث جاءت في المركز
54 في الأمان الرقمي بحصولها على 43.6 درجة، وفي المركز 57 في الأمن الصحي وحصلت على
45.6 درجة، وفي المركز 56 في البنية التحتية وحصلت على 47.2 درجة، وفي المركز 51 في الأمن
الشخصي بـ 48.1 درجة، وفي المركز 59 قبل الأخير في الأمن البيئي بعد حصولها على
33.8 درجة من 100.
وتخضع هذه المقاييس وفقا لمعايير
معينة، منها معدل وفيات فيروس كورونا بالنسبة لعدد السكان، مدى انتشار جرائم العنف
بالمدينة، معدل الأشجار بها، وجود إدارة لإدارة الكوارث ومدى تأثيرها وفعاليتها، نسبة
السكان الذين يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، معدل الإنفاق على برامج المساعدة الاجتماعية
وغيرها.
من سيء إلى أسوأ
وفي تعليقه، يقول البرلماني
المصري، محمد عماد صابر، إن وصول الفقر إلى 30 بالمئة من المجتمع المصري، وسوء توزيع الثروة، وهيمنة المؤسسة العسكرية
وحدها دون غيرها على مقدرات الشعب المصري، أدى إلى اتساع رقعة الاقتصاد الأسود، ما
أدى إلى تراجع الأمان في القاهرة، ناهيك عن فساد جهاز الشرطة بكل مكوناته والأمن الوطني.
وأضاف في حديثه إلى “عربي21”:
“لا يشعر الناس في القاهرة بوجود سيادة دولة القانون، فكثير من الناس يتعرضون
يوميا لاعتداء على حقوقهم، فضلا عن فرض الإتاوات عليهم تقريبا في غالبية مصالحهم في
التراخيص والمرور والشوارع وأعمال النصب والاحتيال عليهم من خلال ضباط المؤسسة العسكرية
على أعين أجهزة الدولة، ولكنهم غير قادرين على رد المظالم، ويشعرون أن السلطة لن تنصفهم”.
وتابع: “ناهيك عن سيطرته
(الجيش) على الاقتصاد غير المنظم والذي يستحوذ على أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، حيث
لا حقوق للعمال في مجالات الأجر أو التأمين الصحي أو التأمين الاجتماعي، وتوفير فرص
العمل الملائمة – في ما يسمى بالعمل اللائق – شبه نادر في مصر في ظل أجواء النشاط الاقتصادي
غير المنظم، كل ذلك وغيره الكثير سبب انعدام الأمان في القاهرة أو غيرها من المدن”.
مدينة المؤشرات السلبية
على المستوى الأمني، أوضح رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري ، عمرو عادل، أن التصنيف لا يحمل أي مفاجأة، قائلا: “أعتقد أن هذا
أمر طبيعي (..)، وربما العامل المشترك بين النقاط الخمس للتقييم هو الفساد المتجذر
في كافة المؤسسات المصرية”.
وأوضح لـ”عربي21″:
“البنية التحتية في القاهرة الجميع يعلمها وأجهزة الأمن غير كفؤة وغير مدربة إلا
على ملاحقة المعارضين بل وتشارك في الجريمة المنظمة التي ازدادت شراستها في العقد الأخير،
والقاهرة منذ زمن بعيد من أكثر المدن تلوثا وأقلها في المساحات الخضراء”.
وأكد عادل وهو ضابط سابق بالجيش
المصري أنه “لا جديد ولا مفاجأة، وسط غابة الفساد والاستبداد يصبح كل انهيار طبيعيا ومنطقيا، وأعتقد أن خروج أصحاب السلطة والثروة من القاهرة إلى مجتمعاتهم الجديدة وهي
مناطق خضراء لهم سيزيد الأمر سوءا ويصبح الوادي وليس القاهرة فقط مرتعا للفساد والجريمة
والفشل التام”.
فجوة في الواقع
يحمل التصنيف العديد من الدلالات
المتعلقة بالكثير من سياسات نظام السيسي ويفندها بشكل قوي، بحسب خبير الاقتصاد السياسي،
الدكتور مصطفى يوسف، بداية من ادعاءات الإنفاق على البنى التحتية ما يؤكد أنها غير
ذي جدوى اقتصادية حقيقية.
ويضيف في حديثه لـ”عربي21″: “كما أن الأمان الصحي والبيئي والرقمي في درجة متأخرة، وهو يؤكد أن هناك فجوة بين الواقع
وبين ما تدعيه الحكومة المصرية، وبيانات المواطنين غير محمية على الإطلاق ومستباحة،
بل هي من تقوم بقرصنتها”.
وأكد أن “الوضع الصحي في
مصر لا يخفى على أحد، ويعاني من انهيار في مرافق الصحة، وهو ما أشارت إليه منظمة الصحة
العالمية أيضا خاصة خلال موجات كورونا السابقة، أما فيما يتعلق بالبيئة فرجال النظام
هم أول من يخترقون معايير البيئة”.
انهيار أمني واجتماعي
الباحث المصري والمدير الإقليمي
للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، مصطفى عزب، أكد بدوره أن كافة المؤشرات التي تقيس معدلات
الأمان أو الحرية أو الديمقراطية تعكس مدى الانهيار الأمني والاجتماعي وكل ما يتعلق
بحقوق الإنسان الأساسية، والناتجة بشكل طبيعي عن غياب المنظومة القانونية واختلال ميزان
أولويات مؤسسات الدولة لتوجه كل أدواتها إلى حماية وجود وبقاء النظام الحاكم، وفي سبيل
ذلك هي مستعدة لارتكاب أبشع أنواع الانتهاكات”.
وتابع لـ”عربي21″:
“بالتالي لا تكون العدالة أولوية للأجهزة القضائية المسيسة التي تكتظ محاكمها
بقضايا المعارضين، ولا الأجهزة الأمنية حريصة على بذل الجهد اللازم لضبط الأمن وكبح
الجريمة، على عكس أدائها في ملاحقة المعارضين واعتقالهم وتلفيق عشرات القضايا لهم”.