مؤرخ مصري: لحظة المصالحة بين القاهرة وأنقرة باتت قريبة

مؤرخ مصري: لحظة المصالحة بين القاهرة وأنقرة باتت قريبة
البروفيسور محمد حرب قال إن عام 2023 سيكون عاما مختلفا وفارقا على كل الصُعد بالنسبة لتركيا- عربي21

قال
المؤرخ المصري، البروفيسور محمد حرب، إن “لحظة المصالحة بين القاهرة وأنقرة باتت قريبة؛ وهو ما
سيعود بالنفع على الجميع”، لافتا إلى أنه من أنصار إعادة العلاقات الكاملة بين
مصر وتركيا في أقرب وقت، لتحقيق استفادة متبادلة بين الطرفين.

وأشار
حرب، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أنهم وضعوا في جامعة صباح الدين زعيم التركية “برامج متكاملة
لإقامة برامج وندوات وورش عمل ومؤتمرات بين المصريين والأتراك”، مضيفا:
“بالفعل نسعى جاهدين لتقريب العلاقات بين البلدين، وقمنا بتأسيس مركز خاص
بهذه الخطوة المهمة، ونحاول البحث في كيفية إعادة العلاقات الكاملة والطبيعية بينهما”.

وأكد البروفيسور في التاريخ
العثماني أن “عام 2023،
أي عقب انتهاء معاهدة لوزان، سيكون عاما مختلفا وفارقا
على كل الصُعد بالنسبة لتركيا بشكل عام ولحزب العدالة والتنمية بشكل خاص”،
منوها إلى أن تجربة حزب العدالة والتنمية تتطور وتنضج من فترة لأخرى، وستحقق
طفرة جديدة، خاصة عقب اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في تاريخهم”.

يُذكر
أن تركيا منحت البروفيسور محمد حرب، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، جائزة الأديب
التركي “نجيب فاضل للثقافة”، بحضور الرئيس رجب طيب أردوغان، في حفل
لكبار المثقفين ورجال الدولة الأتراك.

 

بدأت القطيعة بين العرب والأتراك حينما قام الشريف الحسين
بن علي الهاشمي بما يُعرف بالحركة العربية القومية، وكان أول من نادى باستقلال
العرب عن حكم الدولة العثمانية، رغم أن أغلب القبائل العربية، والدولة المصرية،
كانوا يؤيدون العثمانيين في ذلك الوقت، بل كانت هناك مظاهرات قوية في شوارع
القاهرة لمناصرة الدولة العثمانية، ثم تدرج الأمر إلى أن حدثت قطيعة كبرى بين
العرب والأتراك، حيث قال الأتراك إن العرب قاموا بخيانتنا، رغم أن هذا لم يكن
حقيقيا، لأن أغلب العرب وشمال أفريقيا بالكامل ناصروا العثمانيين، وكان هناك تمرد على نظام الدولة، وقام به الشريف حسين وأتباعه.

وظل العرب والأتراك في قطيعة إلى أن ظهر مؤسس الحركة
الإسلامية الفكرية بتركيا نجم الدين أربكان، وتلامذته ومنهم رجب طيب أردوغان و عبد
الله غل وغيرهما، حيث نادوا بحب العروبة، كما أن نجيب فاضل مفكر الحركة الإسلامية بتركيا
كان مُحبّا للعرب، كما صرح لي بذلك، فأصبح العرب محبوبين جدا في تركيا، وبات
الأتراك محبوبين جدا في البلاد العربية.  

لا، هذا التوتر لم ولن يصل إلى مستوى الشعوب، لكنه
بالتأكيد موجود على مستوى الحكومات بسبب الخلافات والصراعات السياسية.

بكل تأكيد، فلا أحد يستفيد من هذه الهوّة إلا الحاقدون
على ثقافة وحضارة هذه البلدان.

كوني متخصصا في الشؤون التركية منذ سنوات طويلة، أنا لا
أرى هذا على الإطلاق، وإن كان هناك مجرد حنين للخلافة لدى الأتراك. إلا أنني آمل
أن تكون هناك سوق مشتركة بين جميع الدول الإسلامية التي ينبغي أن يجمعهم إطار
تنسيقي ما على غرار الاتحاد الأوروبي.  

بالطبع، من ناحية القوى العسكرية والاقتصادية والموقع
الجغرافي، ولك أن تتخيل وضع تركيا بعد عام 2023 حينما تملك زمام حق التنقيب عن
البترول وغيره في أراضيها، بعد انتهاء معاهدة لوزان.

على الإطلاق؛ فتركيا دولة إسلامية علمانية، وهذا نموذج
فريد من نوعه، ولا نرى مشكلة في ذلك، ولا يوجد لديها حيرة أو تخبط بين هذا وذاك.

كثير من العرب يعتقدون أن العلماني شخص
“كافر”، بينما هنا هو شخص مسلم طبيعي، له مفهومه الخاص بالعلمانية التي
لا تتناقض مع دينه.

لا. لأن أتاتورك كان يود إحداث قطيعة تامة مع
العثمانيين، وأخذ تركيا نحو الغرب في كل شيء، فتركيا الآن دولة غربية بالكامل على
مستوى الدولة، ولكن ليس على مستوى الشعب التركي.    

لأن العسكر طردوا خليفة المسلمين وسجنوه، وأقاموا حكما
عسكريا أسموه حزب “الاتحاد والترقي”، وقاموا بطي صفحة الدولة العثمانية، وأسّسوا للعلمانية في تركيا وواقعها الجديد.

الإسلام؛ لأن أوروبا تتخوف كثيرا من حالة الأسلمة التي
قد تقوم بها تركيا في حال الانضمام للاتحاد، حسب قناعتهم، خاصة أن بعض قادة أوروبا
قالوا سابقا إننا جميعا دول مسيحية فلا مكان لتركيا “المسلمة” بيننا، فضلا
عن الحقد الأوروبي القديم تجاه الدولة العثمانية، وقولا واحدا أوروبا لن تسمح
لتركيا بدخول السوق الأوروبية المشتركة.

لأن
أول شيء فعله مؤسسو حزب العدالة والتنمية أنهم سافروا لأوروبا وأمريكا، وأقنعوهم
بأنهم مسلمون معتدلون، ونجحوا في ذلك بالفعل.

بكل
تأكيد، وتلك التجربة تتطور وتنضج من فترة لأخرى؛ فقد أحدثوا نهضة متواصلة بالبلاد،
وأعتقد أنهم سيحققون طفرة جديدة ببلادهم، خاصة عقب اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي
في تاريخهم، الأمر الذي سيساهم في تنمية تركيا وتعزيز اقتصادها، فضلا عما سيحدث
عقب انتهاء معاهدة لوزان عام 2023، مع ملاحظة أن الرئيس التركي قد صرح عند الإعلان
بعد اكتشاف هذا الغاز أن بلاده ستنقب أيضا عن البترول، وأيضا لفت النظر إلى أن
تركيا تسعى بجدية تجاه اكتشاف مصادر الطاقة البديلة، مع الإشارة إلى أن وضع تركيا
قبل العدالة والتنمية مختلف تماما بعد هذه التجربة المزدهرة.

لا أتصور ذلك على الإطلاق، قد لا يستطيع هذا الحزب الفوز
في الانتخابات بنسبة الأغلبية والنتائج التي كان يحصل عليها في السابق، إلا أنه
بعد عام 2023 سيدرك الشعب التركي أنه كان مُحاصرا ومخنوقا أوروبيا، لكنه أخيرا
استطاع التحرر على أيدي حزب “العدالة والتنمية”؛ فقد يكون انتهاء “معاهدة
لوزان” وتداعياتها سببا في إعادة الرصيد الشعبي الكبير الذي كان يتمتع به
العدالة والتنمية مرة أخرى. حيث سيكون عام 2023 عاما مختلفا وفارقا على كل الصُعد بالنسبة
لتركيا بشكل عام و”العدالة والتنمية” بشكل خاص.       

لا أتصور مطلقا أن شعبية الرئيس أردوغان قد تراجعت أو
اهتزت كما يدعي البعض، بل على العكس؛ الرجل مازال يحتفظ بتلك الشعبية التي أرى أنها
ستزيد مستقبلا؛ فتلك الشعبية لها وضع خاص بخلاف شعبية “العدالة
والتنمية” التي قد تتراجع أحيانا، لكنها لاتؤثر على شعبية أردوغان، وهذا قد
يكون تناقضا غريبا.

أنا من أنصار إعادة العلاقات الكاملة
بين القاهرة وأنقرة في أقرب وقت، لتحقيق استفادة متبادلة بين الطرفين، ومن يدعي
غير ذلك فعليه مراجعة أفكاره، إلا أن موقف الرئيس أردوغان بعدم مقابلة المسؤولين
المصريين فهذا قراره الخاص، إلا أن التجارة بين البلدين والعلاقات الأخرى كافة مستمرة ولم تنقطع، وليست هناك أي إشكالية في العلاقات سوى على المستوى الرئاسي فقط.

وأنا كمسؤول في جامعة صباح
الدين زعيم، وضعنا برامج متكاملة لإقامة برامج وندوات وورش عمل ومؤتمرات بين
المصريين والأتراك، وبالفعل نسعى جاهدين لتقريب العلاقات بين البلدين، وقمنا بتأسيس
مركز خاص بهذه الخطوة المهمة، ونحاول البحث في كيفية إعادة العلاقات الكاملة
والطبيعية بين مصر وتركيا، لتصل إلى الحالة التي كانت عليها في السابق. وسيكون ضمن
برنامجنا تبادل طلابي وأكاديمي وثقافي ومعرفي، لتعزيز وتطوير العلاقات بين
الجانبين، وسنركز على الحضارة المصرية والتركية في المركز الجديد.

وبشكل مُجمل أعتقد أن لحظة
المصالحة بين مصر وتركيا باتت قريبة؛ وهو ما سيعود بالنفع على الجميع.

تم ترشيحي كأول رئيس للمركز
الثقافي المصري في إسطنبول خلال فترة التسعينيات بعهد الرئيس الراحل محمد حسني
مبارك، حينما كان في زيارة لتركيا وقام بزيارة صديقه رئيس تركيا الأسبق، سليمان
دميرل. وخلال مؤتمر صحفي له في أنقرة سأله بعض الصحفيين عن سبب غياب أي هيئة أو
مركز مصري معني بالثقافة التركية والعربية، ووقتها سأل مبارك السفير المصري بتركيا:
“ما العمل؟”، فاقترح عليه إنشاء مركز ثقافي، فسأله: “ومَن سيكون
مدير هذا المركز؟”، فأجابه بأن الدكتور محمد حرب يمكنه تولي هذا المنصب.

أنا لم أقابل أي مسؤول تركي إلا ويسألني عن هذه المذكرات،
وأتمنى أن أجد وقتا وأتفرغ لكتابتها، وللأسف لم أبدأ في كتابتها حتى الآن، وكثير
من الأتراك يعتبون عليّ لأنني لم أكتب هذه المذكرات التي يؤكدون أنها ستكون جزءا
من تاريخ تركيا.

Source: Arabi21.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *