أحمد الشوابكة

مادبا- تشكل محمية متنزه مادبا الأثرية، التي تقع بالقرب من مركز الزوار في قاع المدينة، التي تحتوي على ستة معالم أثرية، نقطة جذب للسياح الذين يتوافدون بالآلاف سنويا إلى مدينة مادبا لمعرفة تاريخها الحضاري والإنساني.
وأنشئت المحمية العام 1991 واستمر بناؤها حتى العام 1995، بتمويل من الوكالة الأميركية للإنماء الدولي، وبالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، فيما أشرف على عملية البناء، المركز الأميركي للأبحاث الشرقية والمعهد الفرنسيكاني للآثار، وفق مدير آثار مادبا خالد الهواري.
وعند الدخول إلى المتنزه يرى زائره في الواجهة الأمامية، أقدم لوحة فسيفسائية في الأردن، وهي كذلك أقدم لوحة في العالم يعود تاريخها للقرن الأول الميلادي، وعلى اليسار يوجد لوحات فسيفسائية معروضة على الجدران، وتضم قطعا فسيفسائية رائعة الجمال والإتقان، إضافة إلى الفسيفساء العليا في كنيسة المسرح (القرن السادس الميلادي)، وفسيفساء الآكرويوليس في ماعين، ويعود تاريخها إلى سنة (719-720) ميلادية، وبنيت أروقة المعرض على الطراز الإسلامي الذي كان يتبع في العصر الأموي، وهو عبارة عن أقواس كبيرة، يستطيع الزائر النظر بحرية.
وبمحض الصدفة، وأثناء مسيره وزوجته سيراً على الأقدام، أكد السائح الروماني فرانسيسكو أن هذه المدينة متحف تاريخي وحضاري، فأينما تذهب تجد مواقع أثرية وسياحية، كما أن سكانها يحسنون التعامل، ما يعطي دلالة أكيدة على عظمة هذا الشعب وتاريخيه الإنساني والحضاري؛ لكنه انتقد “انغمار” هذه المواقع وعدم ترويجها وتسويقها بالشكل الذي يتواءم مع قيمتها.
ويقول الهواري، إن المحمية فتحت بشكل رسمي العام 1995، أثناء الاحتفالات بعيد ميلاد الملك الحسين طيب الله ثراه؛ حيث تحتوي على ستة معالم أثرية هي: (الشارع الروماني، وقاعة هيبوليتس، وكنيسة النبي إلياس، وسرداب القديس اليانوس، وكنيسة العذراء، ومعرض الفسيفساء).
ويفتح متنزه مادبا الأثري أبوابه لاستقبال زائريه على مدار أيام الأسبوع. كما يستخدم المتنزه لإقامة الندوات والمحاضرات والحفلات الفنية على مسرحه، الذي بني على الطراز الحديث، ويوجد له مدرجات للجمهور.
ولعل قرب المحمية من مركز زوار مادبا، أسهم بشكل لافت باندفاع السياح الوافدين نحو معرفة ما تحتويه المحمية من معالم أثرية، شكلت المنظومة الاجتماعية والسياسية لتاريخ هذه المدينة، وفق السائح الإيطالي فرانكو، الذي انتابه شعور بسحر المكان وربطه بالماضي لآلاف السنين، داعياً لترويج الموقع بطرق عصرية حديثة من أجل استقطاب السياح إليه.
وسرد الهواري محتوى معالم المحمية؛ حيث قال “إن الشارع الروماني يقطع مدينة مادبا من الشرق إلى الغرب ويقود إلى بوابات وأسوار تحيط بالمدينة التي تلاشت قديماً، والشارع مرصوف بحجارة كبيرة، تحيطه قواعد أعمدة على جانبيه، إضافة الى أن الشارع مغطى بطبقة من التراب المدكوك خلال الفترتين البيزنطية والأموية، وأعيد استخدام العديد من الأعمدة في مبان لاحقة، فيما لم يبق حالياً من الشارع الروماني سوى جزء في المتنزه الأثري والقصر المحترق”.
أما قاعة هيبوليتس، فقد تم بناء كنيسة العذراء فوق قاعة منزل يعود إلى أوائل القرن السادس الميلادي؛ حيث تم اكتشاف جزء كبير منها، وتصور حاشية من المخطوطات أوراق الأقنثا المسننة، التي تحتوي على مناظر ريفية للفصول الأربعة، وذلك في الزوايا، وفي الجزء المركزي من الفسيفساء الذي يقسم إلى ثلاث لوحات؛ اللوحة الغربية مملوءة بصور الطيور مرئية بشكل متبادل مع نباتات وزهور، والجزء المركز الذي كان قد دمر جزئياً عندما قسمت القاعة إلى غرفتين في الماضي، فيظهر شخصيات من خرافة فيدرا زوجة هيبوليتس، التي وقعت بجنون في غرام ابن زوجها، وما تبع ذلك من عواقب مأساوية.
وفي اللوحة الثالثة، يظهر تمثال ما يسمى آلهة الجمال “أفروديت” جالسة بالقرب من “أدونيس” الذي يحمل رمحاً، وهي تهدد “كيوبيد” المجنح، ويظهر مشهد يجري في الريف؛ حيث توجد فتاة قروية تحمل سلة فواكه وطائر الحجل، أما الأشكال الأخرى، فتمثل صور آلهة الحب “كيوبيد”، ويوجد بجانب مدخل القاعة ميدالية كبيرة تتكون من زوج الأحذية “الأخفاف”، داخل إطار الطيور، وتجد على طول الجدار الشرقي أشكالاً تجسد مدن روما وغريغرويا ومادبا.
ويضيف الهواري “أن كنيسة النبي إلياس التي يوجد تحتها سرداب القديس اليانوس، تقع في الجهة الجنوبية من الشارع الروماني، وقد تم بناء ورصف السرداب بالفسيفساء أيام الأسقف سرجيوس العام (595-596) ميلادي”.
ويشير إلى أن كنيسة العذراء بنيت في نهاية القرن السادس الميلادي، على بقايا المعبد الروماني، والبناء البيزنطي، وما يزال قسم من أرضية الفسيفساء التي كانت تغطي أرضيتها محفوظا، وأعيد رصفه في الفترة العباسية وتلف قسم من الفسيفساء الأولى وبقيت أجزاء منها. أما الفسيفساء الثانية، فهي تتألف من مربع وسطي عليه دوائر معقودة وكتابة يونانية. وهناك نقش طويل وإهداء مرفق بتاريخه أمام حاجز الهيك عند الدخول إلى المتنزه، يرى زائره في الواجهة الأمامية، أقدم لوحة فسيفسائية في الأردن، والتي تعد أقدم لوحة في العالم يعود تاريخها للقرن الأول الميلادي، وعلى اليسار يوجد لوحات فسيفسائية معروضة على الجدران، وتضم قطعا فسيفسائية رائعة الجمال والإتقان، إضافة إلى الفسيفساء العليا في كنيسة المسرح (القرن السادس الميلادي) وفسيفساء الآكرويوليس في ماعين، ويعود تاريخها إلى العام (719-720) ميلادي، وبنيت أروقة المعرض على الطراز الإسلامي الذي كان يتبع في العصر الأموي، وهي عبارة عن أقواس كبيرة، ليستطيع الزائر النظر بحرية، وفقاً للهواري.