‘);
}
معرفة درجة صحة الحديث
تخريج الحديث
توجد العديد من الطُرق التي يُمكن من خلالها تخريج الأحاديث النبويّة، ونذكرها فيما يأتي:[١][٢]
- الطريقة الأولى: معرفة راوي الحديث من الصحابة، وعند التخريج بهذه الطريقة يتمّ الرجوع إلى كُتب المسانيد؛ وهي كُتب الحديث التي تَجمع أحاديث كُلّ صحابي لوحده؛ كمُسند الإمام أحمد، والحُميدي، وكِتاب مُعجم الطبرانيّ الكبير، وكُتب الأطراف مثل: تُحفة الأشراف.
- الطريقة الثانيّة: معرفة أول لفظٍ من متن الحديث، وعند التخريج بهذه الطريقة يتمّ الرجوع إلى كتاب موسوعة أطراف الحديث، والكُتب التي تحتوي على فهارس، والكُتب حديثة الطِباعة، ومن الكُتب المؤلفة في هذه الطريقة: صحيح الجامع الصغير، وضعيف الجامع الصغير، وكشف الخفاء.
- الطريقة الثالثة: معرفة المُشتقّ الثُلاثي من الكلمة، فمثلاً: حيث “إنّما الأعمال بالنيّات”، والأعمال أصلها عمل، ويتمّ الرجوع في تخريج الحديث بهذه الطريقة إلى كتاب المُعجم المُفهرس لألفاظ الحديث، وفهارس صحيح مُسلم للمرصفي.
- الطريقة الرابعة: معرفة موضوع الحديث: ويتمّ البحث عن الحديث في الأبواب الفقهيّة، ويتمّ الرجوع عند التخريج بهذه الطريقة إلى الكُتب المؤلّفة حسب الموضوع، مثل: كُتب الجوامع، والمُستخرجات، والسُنن، والموطّآت، كما يُمكن الرُّجوع إلى الكُتب المُشتملة على عدّة كُتب؛ ككتاب جامع الأُصول، ومجمع الزوائد.
- الطريقة الخامسة: معرفة نوع الحديث، فإن كان الحديث صحيحاً؛ فيتمّ الرجوع إلى كُتب الصِّحاح، وإن كان الحديث مُرسلاً؛ فيُرجع إلى كُتب المراسيل، وهكذا.
- الطريقة السادسة: معرفة صفات السند؛ كالمُتواتر، أو القُدسيّ، أو الضّعيف، وغير ذلك، والرجوع إلى الكتب التي اهتمّت بجمع الأحاديث فيها حسب الإسناد.
- الطريقة السابعة: التخريج عن طريق الأجهزة الحديثة؛ كالحاسوب، ومن البرامج المُتوفّرة في تخريج الحديث: برنامج مكتبة الحديث الشريف، وتحتوي على ثلاثة آلاف ومئتان كِتابٍ ومُجلّد، ويُمكن تخريج الحديث من خلالها؛ وذلك بوضع بحثٍ حُرٍ من خلال جُزءٍ من الحديث، أو كلمة من كلماته، أو جذره اللُّغويّ، أو موضوعه، أو راويه.
- وكذلك برنامج موسوعة الحديث الشريف، ويوجد فيها الكتب التسعة الموجودة في المُعجم المُفهرس لألفاظ الحديث، ويزيد عدد الأحاديث فيها على اثنين وستّين ألف حديث، وكذلك برنامج المُحدث؛ ويحتوي على ستّة كُتب، والغاية من البرنامج هو إعلام الباحث بوجود الحديث في البرنامج، وغير ذلك من البرامج الحديثة التي تُساعد على معرفة درجة صحة الحديث.
‘);
}
- الطريقة الثامنة: التخريج من خلال مواقع الإنترنت الموثوقة؛ وأهمّها موقع الدرر السنيّة، حيث يحتوي على مئات الآلاف من الأحاديث، مع تخريجها والحكم على صحّتها؛ سواء من قِبَل العلماء المتقدّمين أو المتأخرين أو المعاصرين، ويتمّ البحث فيه عن درجة صحة الحديث بسهولة كبيرة، وذلك من خلال استخدام محركات البحث الموجودة فيه.[٣]
الحكم على الحديث
يكون الحُكم على الحديث باعتبارين، نبيّنهما فيما يأتي:[٤][٥]
- باعتبار سنده: فالحديث الذي تتوفّر فيه شُروط الصحة يكون صحيحاً، وسوف نذكر هذه الشروط في المبحث الأخير، فمثلاً إن كان الحديث في الصحيح وفي سُنن ابن ماجه، فإنّه يُنظر في السّند والمتن، وفي حال التّوافق كان الحديث في السُّنن صحيحاً، وإن لم يتوافقا في السند فيُحكم عليه بحسب الجرح والتعديل، وإن كان عدم التوافق في المتن فيُدرس الإسناد ويُحكم على ضوء ذلك.
- باعتبار طرقه الأخرى: أي باعتبار متابعاته وشواهده، فالمُتابع يقوّي السند والمتن، والشاهد يقوّي المتن فقط، فمثلاً إن كان هناك حديث مُعيّن إسناده غير مُتّصل، ولكنّ رجاله رجال الصحيح، فإن لم يكن له طُرقٌ أُخرى فيُقال عنه: حديث صحيح لكنّه فرداً أو غريباً، كما يفعل الترمذي وغيره من العلماء.
- وإن كان للحديث أكثر من طريق، ورواة هذه الطرق في درجة الرواة أو أقل، فهي مُتابعة، فينتقل الحديث من الغريب إلى العزيز، ومن العزيز إلى المشهور، ثم إلى المستفيض، ثم إلى المتواتر، بحسب طرقه، فكلما زادت طرق الحديث زاد الوثوق بصحته، وإن كان الراوي ضعيفاً وضعفه يُجبر وتفرّد بحديث، فيُقال: حديثٌ ضعيف صالحُ للاعتبار، وإن رُوي الحديث من طريقٍ آخر فيه ضعفٍ كضعفه؛ يرتقي إلى درجة الحديث الحسن لغيره.
وتكون دراسة السند بدراسة جميع رواته من حيث العدالة والضبط، ويجب على الباحث معرفة طبقات الرّواة وتاريخ وفاتهم، فإن كان الراوي يذكر اسم أبيه وجدّه فيكون من السهل البحث عنه، وإن كان مُبهماً؛ كقول المُصنِّف: حدثني رجل، أو أخبرني جار، فيُمكن معرفة الراوي من خلال جمع طُرق الحديث وتتبّع أقوال العُلماء فيها، ثُمّ يكون البحث في اتّصال السند وخُلوّه من الانقطاع، بالرُّجوع إلى كُتب التراجم والتي تهتمُّ بذكر شيوخ الرّاوي وتلامذته؛ ككتاب تهذيب الكمال للمزي، وكذلك الكُتب المؤلّفة في المراسيل، أو المُدلّسين، ثُمّ البحث عن خُلوّ السند والمتن من الشُّذوذ والعِلل، ثُمّ بعد ذلك يكون الحُكم على الحديث من حيث صحته أو ضعفه.[٤]
كما يُحكم على الحديث بالصّحة إذا توافرت فيه شُروط الحديث الصحيح، وبالحسن إذا كان في إسناده من هو أقلّ من رُتبة من الثّقة؛ كالصّدوق الذي لم يُتابع، أو سيء الحفظ، وبالضعف إذا كان في سنده من وُصف بالضعف، وبالضعيف جداً إذا كان في سنده أحد المُتّهمين بالكذب أو المتروكين،[٦] ويكون الحُكم على الحديث أيضاً من خلال نقل الحُكم عليه بالصحة أو الضعف من الأئمة الكِبار؛ كالإمام مالك، والبُخاريّ، ومُسلم، والترمذيّ، وغيرهم، فمثلاً توجد بعض الكُتب التي اشترط مؤلّفوها الصحة؛ كموطأ مالك، وصحيح البُخاريّ، وصحيح مُسلم، فالحُكم عليها يكون بالصّحة، والحديث الموجود في الصحيحين يُحكم عليه بالصحة، وأمّا كُتب السُنن؛ فسُنن أبي داود مثلاً قد وضّح فيه ما كان فيه من ضعف في الحديث، وبين ما كان فيه صالحاً.[٧][٨][٩]
شروط الحكم على الحديث
يُعدّ الحُكم على الحديث من أصعب العُلوم، ويجب على من تصدّى لهذا العلم أن تتوافر فيه العديد من الشُروط، ومنها ما يأتي:[٧]
- العلم بالسُّنة النبويّة، ومعرفة الكُتب وموضوعاتها، ومؤلّفيها، ومناهجهم.
- الإحاطة بعلم الرّواية، وقراءة المُتون والشُّروح والتعقيبات، مع العلم بِكُتب الرّجال، وقواعد الجرح والتّعديل.
- العلم بالكُتب المُختصّة في التخريج والحُكم على الحديث، وأن يكون الباحث ذو منهجٍ علميّ، وذو خبرة في استنباط الأحكام، وطويل النفس في البحث.
شروط الحديث الصحيح
توجد العديد من الشُروط التي يجب توافُرها في الحديث الصحيح، وهي كما يأتي:[١٠][١١]
- اتّصال السند، وذلك بأن يكون الحديث مرفوعاً ومُسنداً إلى النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-، فيخرُج بذلك الحديث المُنقطع، والمُرسل، والمُعضل، والمُعلّق، والاتصال يكون: برواية التلميذ عن شيخه بأحد طُرق تحمل الحديث.
- عدالة جميع الرّواة، والعدالة هي الملكة الدّافعة لِمُلازمة الشخص للتّقوى والمروءة، والبُعد عن المعاصي، وكُلّ ما يُمكن أن يُخلّ بالمروءة، وأمّا ارتكابه للصّغائر فلا تُسقط من مروءة الراوي.
- ضبط الرّواة، وذلك بأن يكون الرّاوي واعياً لما سمعه ويُتقنه، بالإضافة إلى قُدرته على استدعاء الحديث عند طلبه منه، وألا يُسقط منه حرفاً، ويكون الضبط إمّا في الصدر والحفظ، أو في الكِتابة، ويُعرف ضبط الراوي بأمور ثلاثة:
- الأول: الاختبار بالقلب؛ من خلال قلب الأسانيد والمُتون له، واكتشافه للخطأ فيها.
- الثاني: طريقة المُذاكرة؛ كأن يأتي المُحدّث إليه فيُذاكره لينظر أيعرف أم لا يعرف.
- الثالث: طريقة التلقين، وهو إدخال حديث للرّجل ليس بحديثه لينظر أيعرف أنّه ليس بحديثه أم لا يعرف.
- السلامة من العِلل والشُّذوذ، فالشُّذوذ هو مُخالفة الثّقة لمن هو أحفظ وأوثق منه، وأمّا العلّة فهي من الأُمور الغامضة التي تقدح في صحّة الحديث مع أنّ الظاهر منه الصحة، فيخرُج بذلك الحديث المُعلل.[١٢]
المراجع
- ↑ماهر ياسين الفحل، محاضرات في علوم الحديث، صفحة 15-16. بتصرّف.
- ↑عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 93، 98، 110-113. بتصرّف.
- ↑“الدرر السنية”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2021. بتصرّف.
- ^أبعبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 122-135. بتصرّف.
- ↑محمد محمود بكار، علم التخريج ودوره في حفظ السنة النبوية، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 59-63. بتصرّف.
- ↑ماهر ياسين الفحل، محاضرات في علوم الحديث، صفحة 17. بتصرّف.
- ^أبعبد المهدي عبد القادر عبد الهادي (2014)، طُرق الحُكم على الحديث بالصحة أو الضعف (الطبعة الثانية)، المجوزة: مكتبة الإيمان ، صفحة 44، 48-56. بتصرّف.
- ↑مجموعة من المؤلفين (1424 هـ )، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، صفحة 16، جزء 1. بتصرّف.
- ↑عبد الله بن يوسف الجديع (2003)، تحرير علوم الحديث (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 835، جزء 2. بتصرّف.
- ↑عبد الله بن يوسف الجديع (2003)، تحرير علوم الحديث (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 791، جزء 2. بتصرّف.
- ↑محمد حسن عبد الغفار ، شرح المنظومة البيقونية، صفحة 4-10، جزء 3. بتصرّف.
- ↑نور الدين عتر (1981)، منهج النقد في علوم الحديث (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 242-243. بتصرّف.