هل عجزت الولايات المتحدة عن استضافة 50 ألف متعاون أفغاني على أراضيها.. أم أن هناك مؤامرة أمريكية-إسرائيلية؟ ولماذا الإصرار على توطينهم في الكويت وقطر؟

 

د. حامد أبو العز

يبدو بأنّ موضوع المترجمين والمتعاونين الأفغان بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة للغاية، وتحول النقاش حول هذا الموضوع إلى نقاس حول الأمن القومي والاستراتيجي. ولا بد هنا في بداية هذه المقالة، من توجيه الشكر إلى صحيفة رأي اليوم والتي منحتني مساحة للكتابة، حيث كانت صحيفة رأي اليوم الصحيفة الأولى (كعادتها) في العالم العربي التي تتطرق إلى موضوع المترجمين الأفغان والمحاولات الأمريكية لتوطينهم في الكويت وقطر.  وذلك من خلال نشرها لمقالنا السابق المعنون ب “الضربات الجوية الأمريكية تعقيد للمفاوضات الأفغانية.. ولا يجب الوثوق بالولايات المتحدة في ملف المترجمين”.

وتكملة لما تمّ قوله، فالقضية أخذت أبعاداً خطيرة وكان ينبغي لها ذلك، لما لهذا المشروع الصهيوأمريكي من مخاطر على الأمن القومي في بلدان الشرق الأوسط. حيث رفض نواب في البرلمان الكويتي طلب أمريكي تقدم به وزير الخارجية الأمريكي “أنطوني بلينكين” إلى السلطات الكويتية طالبا توطين الآلاف من المترجمين والمتعاونين على الأراضي الكويتية. إذ وصف النائب في مجلس الأمة أحمد مطيع العازمي هذا الطلب بأنه تهديد صريح للأمن القومي والاستراتيجي الكويتي. كما حذر بدر الحميدي من استضافة هؤلاء على الأراضي الكويتية لإن فيه خطرا على التركيبة السكانية في الكويت.

كل هذه التصريحات إن دلت على شيء فهي تدل على مدى خطورة المؤامرة والمشروع الذي يحاك ضد الدول العربية، فالقصد هو تحويلها إلى ساحة للصراع ومرتع للعمليات الاستخباراتية.

يجب القول بأن المتعاونين الأفغان مع الحكومة الأمريكية ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: هم من تدرّب على أيدي القوات الأمريكية تدريباً خاصاً. وأصبحوا أدوات أمريكية بامتياز. يُطلق على هؤلاء اسم “المتعاونين”، هؤلاء تخطط الحكومة الأمريكية لنقلهم مباشرة إلى الولايات المتحدة وهم يمثلون النسبة الأقل من المتعاونين الأفغان مع الحكومة الأمريكية. وهم بالطبع كنز استخباراتي لا تفرط به الولايات المتحدة لا في أفغانستان ولا في الدول الإقليمية. إنما تود الاستفادة منهم في عمليات قادمة خارج الولايات المتحدة. وهؤلاء بالفعل وصل ما يقارب 200 شخص منهم إلى الولايات المتحدة لإعادة توطينهم هناك.

القسم الثاني: هؤلاء لم يتلقوا تدريبات خاصة ولا يمتلكون معلومات استخباراتية هامة ضد الولايات المتحدة ووزارة دفاعها. وعليه فإن الولايات المتحدة غير معنية أبداً بإجلائهم من أفغانستان، إنما ستقدم لهم الدعم المادي ليصبحوا أدوات نفوذ لها في الداخل الأفغاني.

القسم الثالث: هؤلاء تلقوا تدريبا عاديا وكانت المعلومات الاستخباراتية التي يمتلكونها من المستوى المتوسط. هؤلاء هم من تسعى الولايات المتحدة لتوطينهم في الكويت وقطر. هؤلاء لديهم مهمات محددة وواضحة وهي عمليات تستهدف الأمن القومي في البلدان المضيفة، وبالطبع سيقدمون معلومات استخباراتية إلى كل من إسرائيل والولايات المتحدة.

ومن يدّعي بأنه لا دليل على قلناه، فعلينا تذكيره بأنّ العدد الإجمالي الذي تحدثت عنه الولايات المتحدة من المتعاونين هو ما يقارب 50 ألف شخص. الولايات المتحدة تجري كل عام قرعة للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أو ما يُعرف ب”غرين كارت”. يحصل على هذه الإقامة سنوياً ما يقارب ال50 ألف شخص حول العالم. هذا بالإضافة إلى 125 ألف لاجئ يدخل إلى الولايات المتحدة سنوياً. وعليه فهل 50 ألف متعاون أفغاني سيكونون عبئاً على الولايات المتحدة؟ الإجابة لا بالطبع. إلا أن الولايات المتحدة تريد توطينهم في دول الشرق الأوسط لتحقيق مجموعة من الأهداف. وستكون نتائج هذا التوطين كالتالي:

  • سيكون هؤلاء رأس حربة في عمليات استخباراتية لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

  • سيكون لهؤلاء خطر على التركيبة السكانية في البلدان المستضيفة كما سيكون له تأثير على الطبيعة الديمغرافية لهذه البلدان.

  • تعتبر حركة طالبان هؤلاء المتعاونين مع الولايات المتحدة “خونة” وهي لذلك ستبذل قصارى جهدها للوصول إليهم. وهذا بالطبع سيجعل الدول المضيفة ساحة صراع ساخنة بين هذه الأطراف كما ستصبح هذه البلدان محلاً لتصفية الحسابات.

أخيراً، النقاش الحاد الذي جرى خلال الأيام الماضية حول ملف المترجمين والمتعاونين الأفغان في الشارع الكويتي يدلل على خطورة هذا الملف من الناحية الأمنية والاستخباراتية. إذ يفهم الجميع بأن عدد 50 ألف مترجم ليس عدداً كبيراً لا تستطيع الولايات المتحدة استيعابه داخل أراضيها. وهذا يقودنا بالطبع إلى التفكير بالمخاطر والمؤامرات التي تحكيها الولايات المتحدة وإسرائيل كعادتهما في المنطقة. يبدو بأن الجميع تنبّه لهذه المؤامرة والجميع يدعو إلى عدم الانخراط فيها.

باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية

                                                                                                            كاتب فلسطيني

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *