‘);
}

أبو بكر الصّديق

هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب، وينتهي نسبه إلى جدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مرّة بن كعب بن لؤي، ولقّبه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصديّق، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- صعِدَ أحداً، ومعه أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، فرَجَفَ بهم، فقال: (اثبُتْ أُحُدُ، فإنما عليكَ نبيٌّ، وصِدِّيقٌ، شَهيدانِ)،[١] ومن الجدير بالذكر أنّ لأبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- العديد من الفضائل، فهو خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وممّا يدلّ على ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أبو بكرٍ سَيِّدُنا وخَيْرُنا وأَحَبُّنا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم)،[٢] وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ مِن أمَنِّ الناسِ علَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بكرٍ، ولو كنتُ مُتَّخِذاً خَليلاً غيرَ رَبِّي لا تَّخَذْتُ أبا بكرٍ، ولكِنْ أُخوَّةُ الإسْلامِ ومَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ في المسجِدِ بابٌ إلّا سُدَّ إلا بابَ أبي بكرٍ)،[٣] بالإضافة إلى أنّ الصدّيق -رضي الله عنه- من العشرة المبشرين بالجنة، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (النبيُّ في الجنةِ، وأبو بكرٍ في الجنةِ، وعمرُ في الجنةِ)،[٤][٥] ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ أبا بكر الصدّيق -رضي الله عنه- كان صاحب مكانةٍ رفيعةٍ في قريش قبل الإسلام، فقد كان من أعلمهم في الأنساب، وكانوا كثيراً ما يجالسونه ويستمعون إليه، وعندما بُعث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالرسالة كان الصدّيق من أوائل الناس إسلاماً، ثم سخّر كلّ طاقته للدعوة إلى الإسلام، فأسلم على يديه من خيرة الصحابة رضي الله عنهم، كأمثال طلحة بن عُبيد الله، والزبير بن العوّام، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.[٦]

عصر أبي بكر الصّديق

قتال المرتدين

بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تولّى أبو بكر الصدّيق -رضي الله عنه- الخلافة، وفي ذلك الوقت كانت الجزيرة العربية تموج بالفتن، حيث إنّ الكثير من العرب ارتدّوا عن الإسلام، ومنهم: بنو أسد، بزعامة طليحة بن خويلد الذي ادّعى النبوة، وبنو فزارة بقيادة عيينة بن حصن الفزاري، وقبائل غطفان وبني عامر بزعامة قرّة بن سلمة القشيري، وبنو بكر بن وائل بزعامة الحكم بن زياد، وبنو حنيفة بقيادة مسيلمة الكذّاب، ولم تكتفِ تلك القبائل بالردّة فقط، بل بدأت تحضّر للهجوم على المدينة المنورة وإنهاء حكم الإسلام، فلمّا بلغت الأخبار أبا بكر الصدّيق -رضي الله عنه- أثبت أنّه رجل المواقف الصعبة، واتخذ قراراً حاسماً، بالتصدّي للمرتدّين بالقوة والحزم، مستنداً بذلك إلى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(من بدل دينَة فاقتلوه)،[٧] بالإضافة إلى أنّ أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يرى أنّ الزكاة هي التجسيد المادي الوحيد لوحدة القبائل تحت راية الإسلام، ولذلك قال: (لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة)، وعلى الرغم من حاجة أبي بكر لوجود من يحمي المدينة المنورة من أي هجومٍ مباغتٍ من قِبَل المرتدين، إلّا أنّه أبى إلّا أن يُنفّذ وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ببعث جيش أسامة بن زيد -رضي الله عنه- لقتال القبائل الواقعة على طريق التجارة بين مكة وغزة، وبالرغم من إبداء بعض الصحابة -رضي الله عنهم- تحفظهم على خروج ذلك الجيش إلّا أنّ أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- أصرّ على تقديم أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على كلّ الحسابات، فكان في قراره كلّ الخير والتوفيق للأمة، إذ إنّ خروج جيش أسامة في ذلك التوقيت زاد هيبة الدولة في نفوس القبائل، ودلّ على قوة المدينة المنورة، وثقتها بنفسها، وبعد سبعين يوماً من خروجه عاد جيش أسامة رضي الله عنه، فجهّز الخليفة الكتائب والسرايا، وأرسلها لقتال المرتدين، فعادت القبائل إلى الإسلام، واستقرّت الأوضاع في الجزيرة العربية.[٨]