‘);
}

الصحابيّ أبو هريرة

أبو هريرة -رضي الله عنه- من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أسلم في السنة السابعة للهجرة، وشهد خيبراً مع النبي عليه الصلاة والسلام، هاجر إلى المدينة المنورة في عمر ثمانٍ وعشرين سنةً، مع أصحابٍ له من دوسٍ التي ينسب لها؛ وهي قبيلةٌ من دوسٍ اليمانية، فما إن وصلوا المدينة، حتى كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد غادرها إلى خيبرٍ، فلحق به أبو هريرة، فكانت أول غزوةٍ يغزوها مع رسول الله، وقد حصل أن افتقد أبو هريرة غلاماً له، في طريقه مهاجراً، وبينما هو بين يدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يبايعه، إذ نادى فيه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قائلاً: (يا أبا هريرة هذا غلامك)، فأعتقه أبو هريرة في ذات اللحظة، لوجه الله تعالى، ولقد رُوي كذلك عن أبي هريرة أنّ أمّه كانت مشركةً، أصرّت على شركها، وهو يلحّ عليها الطلب أن تدخل الإسلام، وهي ترفض ذلك، فجاء أبو هريرة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وطلب منه أن يدعو لها بالهداية، فدعا لها النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا عاد أبو هريرة إلى والدته، فإذا هي مغتسلةً تشهد أنّ لا إله إلّا الله، ففرح بذلك أبو هريرة فرحاً عظيماً، وبشّر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بإسلام والدته.[١]

اشتُهر أبو هريرة -رضي الله عنه- بحفظ ورواية حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى كان حفظه أقرب للمعجزات، وفي حفظه روى الصحابة والتابعون أحاديثهم، فذات يومٍ أرسل مروان إلى أبي هريرة، فأقعده يذكر لهم أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأحد الرجال يقف خلف حجابٍ، يكتب ما يذكر أبو هريرة، ثم بعد عامٍ كاملٍ دعاه مروان مرةً أخرى؛ ليسأله أن يقرأ عليه الأحاديث، فما بدّل شيئاً ممّا قال قبل عامٍ مضى، ولقد قال أبو هريرة أنّه ما كان أحدٌ أحفظ منه لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى أخبر الذهبي بأنّ البخاري روى عن أبي هريرة ثلاثةٍ وتسعين حديثاً منفرداً، وروى عنه مسلم ثمانيةٍ وتسعين حديثاً، واتّفقا على ثلاثمئةٍ وستةٍ وعشرين حديثاً، ولقد ذكر في كتب تحقيق أحاديث أبي هريرة، أنّه روي عنه نحو ألف حديثٍ من غير تكرارٍ، ولقد ورد أنّ أبا هريرة كان إذا جلس يحدّث بأحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يستهلّ كلامه بحديثٍ عن نبي الله، فيقول: (من كذبَ عليَّ متعمداً، فليتبوَّأْ مقعدَهُ من النارِ)،[٢] ثم يبدأ برواية أحاديث رسول الله.[١]