أمريكا .. والحرب على الإرهاب

أمريكا والحرب على الإرهاب حوار مع أحمد موفق زيدانالأحداث الأخيرة والتي سميت الحرب على الإرهاب أثارت ولا تزال الكثير من الإشكاليات في مختلف المجالات السياسية والقانونية والمفاهيمية والإعلامية وغيرهافي هذا الحوار نثير بعض تلك الإشكاليات مع الصحفي والإعلامي المعروف أحمد موفق زيدان مراسل صحيفة الحياة..

حوار مع أحمد موفق زيدانsize=3>

الأحداث الأخيرة ، والتي سميت ” الحرب على الإرهاب ” أثارت ، ولا تزال ، الكثير من الإشكاليات في مختلف المجالات السياسية والقانونية والمفاهيمية والإعلامية وغيرها.
في هذا الحوار نثير بعض تلك الإشكاليات مع الصحفي والإعلامي المعروف أحمد موفق زيدان مراسل صحيفة الحياة اللندنية في باكستان.

** معتز : ألا ترون أن الحرب الأخيرة المسماة ” الحرب على الإرهاب ” أحدثت إشكاليات في حقول مختلفة ، ولعل من أبرزها حقل ” المفاهيم ” فأصبحنا أمام سيل من المفاهيم كنا نراها واضحة – إلى حد ما – قبل الحرب ، وهو ما سميته في مقال لي في الحياة ” حرب صور وأفكار على مستوى رفيع ” ، يعني خذ مثلاً الإرهاب – العدالة – العالم الحر – السيادة وغيرها ، كيف ترون ذلك ؟***

* أحمد : الحرب في أفغانستان أفرزت واقعًا جديدًا جدًا في عالم التصورات ، عالم الأفكار ، عالم الإعلام ، عالم الاتصال ، عالم السياسة ، حتى من الناحية الشرعية ، والحقيقة هذه حلقة في سلسلة متواصلة بدأت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، وانتصار ما يسمى الرأسمالية والقيم الحرة ، والقيم الغربية على القيم الشرقية والاتحاد السوفياتي ، وبذلك خرج لنا صمويل هنتنغتون بنظرية صدام الحضارات ، وخرج لنا فرانسيس فوكوياما بنظرية نهاية التاريخ ، وكأن التاريخ قد توقفت عجلته بعد انتصار ما سمي ” الليبرالية ” على الاتحاد السوفياتي ، أو امبراطورية الشرق كما كان يصفها الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغن.
هنالك الآن ضحايا كثر لهذه الحرب ، على رأسها – باعتباري إعلاميًا – الإعلام ، فنحن نشهد ، لأول مرة ربما في تاريخ الحروب ، تغطية من جانب واحد ، هذا الواقع الذي أفرز الضربة التي استهدفت مكتب قناة الجزيرة في كابول ، واستهدف كل الإعلاميين الأحرار الذي حاولوا أن يكتبوا ، نعرف أن الكاتب اليهودي الأصل نعوم تشومسكي حورب ، فهو لا يستطيع أن يكتب كتابات بشكل حر في بلده أمريكا!
الآن على مستوى التغطية الإعلامية في أفغانستان لا توجد هناك مصادر أخرى ، ربما يكون لأول مرة في تاريخ البشرية يؤسس مكتب إعلامي للحلفاء خارج بلدهم ، أسس في باكستان مكتب إعلامي ، ويريدون أن يوصلوا رسالة بأن التدخل الإعلامي يجب أن يكون من طرف واحد.

** معتز : إسرائيل تمارس هذا الآن من خلال المركز الإعلامي الإسرائيلي الذي أنشأته في القدس ، ويقوم بحملة إعلامية كبيرة لكسب التأييد لمواقفها بين الصحفيين الأجانب الموجودين في القدس البالغ عددهم نحو _(1700) من خلال بث الأكاذيب الإسرائيلية بكل الوسائل المتاحة ، واستغرق التخطيط لهذا المركز عدة أشهر.***
* أحمد : بالضبط ، ولذلك نقل عن كسينجر قوله : إذا أردتم أن تئدوا الانتفاضة فعلكيم ألا تظهر الصورة على شاشات التلفزيون.
أعود فأقول : حركة طالبان الأفغانية ، تتفق أو تختلف معها ، هذا شيء آخر ،
لكن حركة طالبان كان لها ممثل في باكستان وكان لها سفير، وكان السفير يجري مؤتمرات صحفية بين الفينة والأخرى ، ومورست حرب إعلامية ضده ، وتم إيقافه عن هذه المؤتمرات الإعلامية ، ولم تكتفِ واشنطن بكل الآلة الإعلامية الضخمة التي تملكها ، ولم تكتف الدول الغربية بكل هذه الآلة الإعلامية الضخمة التي تملكها من فضائيات ، إذاعات ، وكالات أنباء … لم تكتف بذلك ، وإنما أوجدت مكتبًا لها في إسلام أباد ليعقد ندوة صحفية كل يوم ، وللتأكيد على أنه لا يوجد حرية ، لا يوجد ديمقراطية كما تسمى ، لا يوجد وسيلة متبادلة لنقل معلومات ، هناك اتجاه واحد هو خط الاتجاه الأمريكي من أجل التأثير على الرأي العام.
الحرب الحقيقية باعتقادي هي حرب أفكار ، حرب تصورات ، حرب إعلامية بالدرجة الأولى ، حرب الأفكار والتصورات لا يمكن أن تتم إلا من خلال الناقل ، والناقل الأساسي هو الإعلام ، ولذلك باعتقادي أنا أن الضحية الأولى في أفغانستان كانت الإعلام ، ولذلك لا تستطيع أن تحمّل الشعب الأمريكي والشعوب الغربية مسؤولية ما يحصل ؛ لأنهم ضحية مثلما نحن ضحية ، وبالتالي ما يكتب في الصحف الأمريكية ليس انعكاسًا لما يجري في الواقع في أفغانستان وفي غير أفغانستان.
مثال بسيط جدًا ، في 5 ديسمبر كان هنالك ضربة أمريكية على أفغانستان ، الكل تحدث عن ضربة أمريكية في أفغانستان ، وأنه حصل ضحايا في الصفوف الأمريكية ، ولكن الأمريكيين تكتموا على هذا الخبر ، فجأة قبل أيام نقرأ في اللوس أنجلس تتحدث أنه حصل ضربة في 5 ديسمبر ، وأنه كان حوالي 62 أمريكيًا وغير أمريكي قتلى من جراء هذه الضربة ، لماذا لم يتحدث الإعلام الأمريكي عن هذه الواقعة ؟ حدث وقع في قندهار ، لماذا يخرج الناطق الرسمي في واشنطن ليقول : إنه حصل كذا وكذا في قندهار ؟ لماذا لا يتكلم الموجود في قندهار بهذا الموضوع ؟ إذن هنالك سيطرة خطيرة على عقول البشر ، والسيطرة على عقول البشر لا تتم إلا من خلال السيطرة على الإعلام.

** معتز : في هذا السياق نحن نقع فريسة هذا الإعلام والتصورات حتى على مستوى المؤسسات ، ومن المفيد استدعاء الندوات الكثيرة التي عقدت بعد 11 سبتمبر حول “حوار الحضارات ” و” الإرهاب والإسٍلام” ، ولحظت أن معظمها كان مسيَّسًا.***
* أحمد : أنا أرى أن أي تعريف للإرهاب هو في صالحنا ، جَعل الإرهاب كلمة مائعة كمادة زئبقية في هواء ساخن مشكلة كبيرة جدًا ، هل يريدون بالإرهاب ما يكون ضد المدنيين ؟ طيب ما يجري في فلسطين الآن ، وما يجري في العالم الإسلامي ، ما يجري في العراق ، مليون عراقي يقتلون بشكل بطيء ، مسؤولية من هذا ؟ لماذا قَتل مليون طفل عراقي مبرر ، وقتل مدنيين آخرين غير مبرر ؟! لماذا خَطف وانتهاك أعراض في منطقة مبرر وانتهاك أعراض في منطقة أخرى غير مبرر ؟!
إذن فأي تعريف للإرهاب حتى لو كان ظالمًا لنا سيخفف – في اعتقادي – من المعاناة التي نعانيها كمسلمين بشكل يومي.
ولكن أقول لك شيئًا : إن أمريكا لا تريد أبدًا وقطعًا تحديد مفهوم للإرهاب . تريد أن تجعله مائعًا تضرب ما تشاء ؛ لأن التعريف يعني تقليص وتحديد الحركة ، والأمريكان لا يقبلون هذا.
وكما تعرف أن الأمريكيين هم الذين يعارضون تعريف الإرهاب ، هم الذين انسحبوا من اتفاقية كيوتو من أجل التلوث البيئي ، هم الذين رفضوا حتى الآن الدخول في اتفاقية تسليم ومطاردة مجرمي الحرب ؛ لأنهم – وكما تعرف – قبل أيام طلب هنري كيسنجر لأدواره في أفريقيا وغيرها في الانقلابات والمجازر..

** معتز : وكذلك معارضة أمريكا للانضمام والاعتراف بمحكمة العدل الدولية مؤخرًا.***
* أحمد : نعم ، قضايا كثيرة ، هم يريدون أن يكونوا فوق القانون ، هم يريدون أن يكونوا القانون ، هم يريدون أن يكونوا المرجعية لهذا العالم كله ببيئته وبأجوائه وبفضائه وبإعلامه ، وبأفكاره وبتصوراته ، أنا في اعتقادي أن الذي يصل إلى القمة ولا يحافظ عليها ، لا يستطيع أن يحمي نفسه من التآكل ، وقد بدا الآن واضحًا في أحداث أفغانستان ، ونسمع الآن أن استراليا بدأت تقلص وجودها في أفغانستان ، والفرنسيون بدؤوا ينسحبون من شمال أفغانستان ، والأحداث في فلسطين كشفت الكثير وعرَّت الكثير من السياسة الأمريكية ، وأحرجت الكثير من الأنظمة العربية التي كانت تعتبر صديقة للولايات المتحدة الأمريكية ، وبدأت تخرج عن صمتها مجاراة لشارعها ، مجاراة لأي شيء ، ولكن المهم في اعتقادي أن الولايات المتحدة وضعت نفسها في مأزق حقيقي ووضعت الأنظمة الموالية لها في مأزق حقيقي بعد هذه الأحداث كلها.

** معتز : إلى أي مدى فقدت الولايات المتحدة صدقيتها على المستوى الدولي ؟***
* أحمد : أنا أعتقد أن الولايات المتحدة فقدت صدقيتها تمامًا ، لا يوجد هناك صدقية لها ، فالولايات المتحدة مثل الاتحاد السوفياتي ، الذي كان يستمد مصدر قوته من القوة العسكرية ، وأنا أعتقد أن الضربة القاضية للولايات المتحدة ستكون في ضرب هيبتها العسكرية ، وضرب هيبتها العسكرية ستكون هي الضربة القاضية كما كان يحصل للاتحاد السوفياتي ، الاتحاد السوفياتي كان عملاقًا كبيرًا على أرجل خفيفة جدًا من الاقتصاد ونحو ذلك.
الولايات المتحدة الآن أعداؤها كثر جدًا ، ولأول مرة منذ القرن الثامن عشر تضرب في عقر دارها ، ولأول مرة في تاريخ أمريكا نسمع الآن عن تشكيل قوات للدفاع عن الولايات المتحدة ، (الفيلق الشمالي) من أجل حماية الولايات المتحدة.
إذن باعتقادي أن الولايات المتحدة بدأت تنكمش من الداخل ، لكن لا تريد أن تقول : نحن ننكمش إلى أمريكا والدفاع عن أمريكا ، ولكن هذا هو الواقع . ولذلك أعتقد أنه في حال تمكنت طالبان وتمكن الأفغان ، وتمكنت الجهات المتعاونة معها من ضرب الولايات المتحدة في أفغانستان أعتقد أن الولايات المتحدة ستنكمش بطريقة خطيرة جدًا ، وسيكون هنالك سحب حقيقي من الخارج إلى داخل أمريكا ، وأعتقد أن القضية الآن مرتبطة بالوجود الأمريكي في أفغانستان ؛ لأنه هو المكان الذي يمكن أن يوقع بالولايات المتحدة هزيمة.
وهناك قضية خطيرة ، هنالك تراجع على المستوى الأخلاقي ، الأرضية الأخلاقية للولايات المتحدة هشة ، لا تستطيع أن تقنع حلفاءها الأوروبيين ، والصينيين ، ولو سألت الآن أي حليف للولايات المتحدة لماذا هو حليف ؟ حليف لأنه مرعوب ، لأنها أخذت الناس بالعصا ، وهذا الحليف لا يستطيع أن يمشي معك إلى فترة طويلة.
ولو نظرنا إلى الولايات المتحدة من ناحية اقتصادية ، هنالك حديث الآن عن 37 مليون دولار سحبت من الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر ، وهنالك تفكير حقيقي لكثير من الناس بألا يحتفظوا بالدولار في بنوكهم ، وهنالك ما سمي اقتصاديا “تعزيز” ؛ فبعد أحداث 11 سبتمبر بدأ تعزيز كثير من العملات الوطنية في العالم العربي وغير العالم العربي ، أصبح كل واحد يستطيع أن يحتفظ بعملته المحلية بشكل أقوى من أن يحتفظ به بالدولار.

** معتز : يعني إذن ، أنه ليست الأرضية الأخلاقية التي أصبحت هشة في الولايات المتحدة ، وإنما الأرضية السياسية والاقتصادية أيضًا ، يعني حتى المصالح.***
* أحمد : نعم أنا أرى أن الأرضيات كلها انهارت أمام الولايات المتحدة ؛ الأرضية الأخلاقية ، الأرضية الثقافية ، والأرضية الوحيدة التي تبقى متماسكة إلى حد ما ، رغم أنها اهتزت بكل معنى الكلمة بضرب مركز التجارة العالمي والبنتاجون ووصول هذه الأهداف إلى عمق الأراضي الأمريكية رغم أن ميزانية الاستخبارات الأمريكية 25 مليار دولار إذا لم تخني الذاكرة ، وربما تكون أقوى من ميزانيات كثير من الدول ، لم تستطع هذه الاستخبارات مسبقًا أن تعرف أي شيء عن هذه العملية ، وبالتالي السؤال الذي يطرحه كل أمريكي : أين كانت تُصرف هذه الأموال ؟ وبالتالي حتى الأرضية العسكرية تمادت قليلاً ، ولكن لم تتمادَ بحيث تنهار ، وربما كثيرون بدؤوا يفكرون الآن لماذا نأخذ الصناعة العسكرية الأمريكية ما دام الذي يصنع صواريخ عابرة للقارات لا يستطيع أن يحافظ على البنتاجون ، وبالتالي من الممكن أن يفكروا بمصادر سلاح أخرى ، أضف إلى ذلك أن الازدواجية في تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها وغير حلفائها ، فمثلاً دولة مثل باكستان تدفع ثمن طائرات F 16 منذ عشر سنوات ، والولايات المتحدة غير مستعدة لأن تسلم هذه الطائرات لباكستان ، وليست مستعدة حتى لإعادة ثمن هذه الطائرات !!
هذه الأشياء الكثيرة جعلت الكثير من الدول تفكر بأسواق عسكرية أخرى ، صينية أو فرنسية أو باكستانية ، أو أي أسواق أخرى ، وأنت تعرف أن قطع الغيار أهم من السلاح أيضًا.

** معتز : هل من شأن هذه التغيرات أن تحدث شرخًا أو تقويضًا للعولمة التي أخذت من البداية شكل ” الأمركة ” ؟***
* أحمد : لا شك أن العولمة من البداية كانت أمركة ، هم يريدون لنا أن نأكل الهامبورغر والكنتاكي والماكدونالدز ، ويريدوننا أن نسمع موسيقا الروك والجاز، ويريدونا أن نركب السيارات الأمريكية ونستخدم السلاح الأمريكي ، وربما نصبح أشخاصًا مستنسخين أمريكيًا ، وبالتالي : العالم متعدد الثقافات والرؤى والأفكار ، وهذا موجود في العائلة الواحدة فتجد مستوى التفكير ليس متقاربًا ، والمستوى الحضاري غير متقارب ، وبالتالي إن كانت الولايات المتحدة تفكر أنها تريد أن تصنع عالمًا مستنسخًا من القيم الأمريكية فهذا غير مقبول أبدًا .
وبالتالي لا شك أنه بعد أحداث 11 سبتمبر اهتزت الصورة بشكل كبير جدًا ؛ فلم يعد العالم الذي كنا نعرفه قبل 11 سبتمبر هو نفس العالم الذي نشهده الآن ، وربما العالم الذي سنعيشه في سنة 2003م أو 2004م سيكون مختلفًا عن العالم الذي نعيشه الآن.

** معتز : حقًا لقد أصبح 11 سبتمبر تقويمًا جديدًا بكل المقاييس . الحديث عن التغييرات على المستوى الداخلي في أمريكا يستدعيني لأن أعيد التفكير في طرح قضية من الفاعل ؟ في سياق تعرضك لقضية أن أمريكا تعيد التفكير الآن في تعزيز الدفاع عن نفسها لأول مرة في تاريخها . التباسات كثيرة حدثت بشأن التفسيرات ، وكان هنالك احتمالات متعددة بشأن الفاعل كما تعلمون ، وكان الإعلام الأمريكي بارعًا جدًا في تذويب كل الاحتمالات في القاعدة ، ثم بن لادن ، ثم ضرب الإسلام السياسي في العالم ، ومن ثم تقويض الجمعيات الخيرية الإسلامية في العالمين الغربي والإسلامي . ما يجعلني أعيد طرح الموضوع “من الفاعل” هو ما طرح مؤخرًا في الكتاب الفرنسي الذي أثاره أحد الكتاب الفرنسيين وسماه ” الخدعة المخيفة ” ، وأنا كنت كتبت مقالاً في الحياة في 30/9/2001م تحدثت فيه عن احتمال طوي في دائرة المسكوت عنه وهو احتمال أن الفاعل من داخل الولايات المتحدة ، ومنها نفسها ، ومؤخرًا طرح محققون أمريكيون خاصون قضية أن الطائرات اختطفت إلكترونيًا ، ونشرت تفاصيل الخبر صحيفة القدس في لندن . كيف ترون ذلك؟***
* أحمد : أنا أميل – كصحفي – إلى أن الذي نفذ التفجيرات هو القاعدة ، والأدلة التي ظهرت مؤخرًا ، والبيانات ، والكلام الذي صدر عن بن لادن ، والأشخاص المعروفون بأنهم من جماعة بن لادن ، وأنهم تدربوا في أفغانستان ، إضافة إلى الشريط الذي بثته قناة الجزيرة ، إضافة إلى التهديدات التي سبقت قضية 11 سبتمبر ، كل ذلك يجعلني أميل إلى أن القاعدة هي وراء ذلك.

** معتز : لكن هذه الدلائل ليست يقينية.***
* أحمد : طبعًا ليست يقينية ، لكن أنا أميل بدرجة كبيرة إلى أن القاعدة هي التي نفذت ، وللأسف الشديد أن هنالك اعتقادًا لدى بعض المسلمين بأن المسلمين ليس لديهم تلك الثقة الكبيرة بأنفسهم ، وأن باستطاعتهم الوصول إلى هذه الأهداف لضرب العمق الأمريكي .
ومع أن بلادنا محكومة للأسف الشديد ليس من شعوبها ، وليست مدارة من قبل إدارة حرة وبمحض إرادتها ، ممكن أؤيد نظرية المؤامرة في كثير من الشؤون ، لكن أنا باعتقادي يصعب تصديق نظرية المؤامرة في هذه القضية . وأنا لا أستطيع أن أتفهم أنه يمكن للولايات المتحدة أن تضرب نفسها.
تقول لي : إن هذه الحملة التي قامت بها الولايات المتحدة ضد جمعيات خيرية وغيرها ؟ أقول : نحن نفهم في القانون وفي الشريعة أنه لا تزر وازرة وزر أخرى . وإذا كانت القاعدة نفذت هذه العملية فكثير من المنظمات الإسلامية أدانت هذه الأعمال . هل يريدون أن يجعلوا من هذه الأعمال كمحرقة ويبتزوا العالم من خلال المحرقة الجديدة ، وبالتالي ينبغي على العالم وكل زعيم عربي وكل شخصية إسلامية أن يقول : أولاً أستغفر الله العظيم عما حدث في 11 سبتمبر ثم يبدأ حديثه الذي جاء من أجله ؟!
هذه إشكالية في الحضارة الأمريكية والحضارة الغربية ، وبالتالي هم الآن بدؤوا يطبقون حرفيًا نظرية صدام الحضارات ، ويريدون أن يجعلوا منها حقيقة واقعية ولذلك بدؤوا في أفغانستان ، في فلسطين ، في العراق ، في سوريا ، في ليبيا ، وكل الأهداف المستهدفة الآن هي أهداف إسلامية ، وإدخال كوريا كان عبارة عن ذر الرماد في العيون .
وإذا كان بوش يقول : إن بن لادن قسم العالم إلى فسطاطين فإن بوش نفسه قسم العالم إلى فسطاطين أيضًا (محور خير ومحور شر).

** معتز : (المرأة الأفغانية) قضية ألحت عليها أمريكا كثيرًا خلال الحرب ، حتى إن لورا بوش صرحت بأن الحرب على الإرهاب هي ” حرب من أجل تحرير نساء أفغانستان ” لماذا هذا الحضور القوي جدًا للمرأة الأفغانية في الإعلام وفي الخطاب السياسي الأمريكي؟***
* أحمد : بداية أجد من الصعب أن أتفق مع حركة طالبان في قضية التعامل مع المرأة ، وأنا أعتقد بأن طالبان لم تنطلق في قضية تعاملها مع المرأة من منطلق ديني ، وإنما من منطلق بشتوني قبلي ، النقطة الثانية : أن تصوير المرأة الأفغانية مضطهدة بهذه الطريقة الخنفشارية كلام فارغ ؛ لأن 95% من النساء الأفغانيات جاهلات غير متعلمات ، من الممكن أن يكون هناك من الـ 5% 2 أو 1% تضرروا من طالبان لأنهم يريدون أن يكونوا على الطريقة الأمريكية . ولو تابعت الفضائيات كلها لوجدت أن المرأة الأفغانية تذهب إلى الجامعة وغيرها بالبرقع الأفغاني ؛ لأنها تخشى على نفسها من الفوضى المنتشرة في أفغانستان بينما كانت في حكم طالبان آمنة.
المشكلة التي لا يريد أن يفهمها الإعلام الأمريكي هي أن ثقافتنا غير ثقافته فليس كل نساء أفغانستان يردن أن يعشن على الطريقة الأمريكية ؛ فبعد طالبان وقبل طالبان وخلال طالبان كل النساء يلبسن البرقع ، ما تغير شيء.
أما لماذا يركز الإعلام الأمريكي على المرأة ؟ فهناك سببان : الأول : أنه يريد أن يشوه صورة الإسلام والمسلمين بأن هذا هو الإسلام الذي تريده طالبان والمسلمون عامة ؛ فأمريكا تخشى من انتشار المد الإسلامي في العالم الغربي.
الثاني : أن مجموعات الضغط في الولايات المتحدة بعد اللوبي اليهودي ، تنظيمات المرأة ، وصوت المرأة يلعب دورًا كبيرًا جدًا في تقرير مصير الرئيس الأمريكي ، وبالتالي : المشكلة التي تحصل الآن من ضرب أفغانستان ، والاستعداد لضرب العراق ؛ لأن الرئيس الأمريكي يعيش عقدة فارق الأصوات البسيط الذي نجح به ، وبالتالي يريد أن يزيد من شعبيته ، وللأسف الشديد في أمريكا لا تستطيع أن تزيد شعبيتك إذا لم تذبح وتدمر وتسفك الدماء على طريقة هوليوود أو على طريقة إبادة الهنود الحمر التي حصلت في القرن الثامن عشر.

** معتز : هل ترى أن أمريكا استثمرت الأحداث بشكل متناه جدًا ؟***
* أحمد : أنا اعتقد العكس ، لم تستثمر الأحداث ، والنتائج بخواتيمها ، وكما ينقل عن المسيح عليه السلام : من ثمارهم تعرفونهم ، أنا أعتقد أنها جنت وبالاً عليها ، ربما هي ظنت أنها استثمرتها بطريقة رهيبة ، وابتزت العالم ، هذا صحيح وقد حصل بالفعل ، ابتزت ، وسادت ومادت ، وتكبرت وتجبرت وتغطرست ، وتعجرفت وتبلطجت ، لكن القضية بالمآل ، ماذا سيكون مآل هذا الأمر ؟ أنا باعتقادي بأنه سيكون وبالاً على الولايات المتحدة ، والصديق الحقيقي للولايات المتحدة هو الذي يقول لها : إن هذه السياسات ستجعل النتائج وخيمة جدًا على المدى

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!