م. جريس دبابنه*

تخلط العامة بين أنظمة تصريف المياه العادمة ( المياة السوداء او المجاري) وبين أنظمة تصريف مياه الأمطار او ما يتم الاصطلاح على تسميتها علميا بمياه الفيضان، وللوصول الى مفهوم سهل الهضم بالخصوص وبسبب عدم الخوض في هذا الموضوع سابقاً بطريقة مبسطة، وددت من خلال هذه العجالة إلقاء الضوء على هذا الموضوع.
تتبنى الدول الفقيرة بالمياه والتساقطات المطرية، الى اعتماد نظام منفصل لكل نوع من انواع المياه حيث يتوفر في العادة نظام لتصريف المياه العادمة ( المجاري) ونظام لتصريف مياه الأمطار، حيث تذهب المياه العادمة الى محطات تنقية المياه العادمة لتتم معالجتها وخروجها بمواصفات محددة تصلح في أغلب الأحيان للزراعة وفي أحيان أخرى للزراعة المقيدة (الشجرية المثمرة والحرجية والمنتوجات التي يتم طهيها قبل استهلاكها) اما في انظمة تصريف مياه الري فيتم تصريف المياه بالانسياب الطبيعي من خلال شبكات مياه الأمطار الى اخفض نقطة في النظام ومن ثم الى اودية التصريف الطبيعية والجداول والأنهار والسدود ان توفرت، ولا تختلط المياه نظريا في هذين النظامين، كما تعتبر مياه الأمطار أحد المصادر المهمة لمياه الشرب والزراعة وكافة الأنشطة الحياتية بعد معالجتها بالدرجة التي تناسب طبيعة استهلاكها.
في دول العالم الثالث بالمجمل وحيث لا تتوفر الاستثمارات الرأسمالية الضخمة فإن النسبة الاعلى لشبكات وأنظمة تصريف مياه الامطار، تتوفر في المدن الرئيسة المكتظة ولا تغطي كامل المساحة ولا تتوفر في المدن الصغيرة او القرى او البادية حيث تنساب مياه الأمطار فيها بالشكل الطبيعي وحسب تدرجات الارتفاع الى اخفض نقطة والتي تمثل غالبا نهرا او جدولا او اي مسطح مائي طبيعي او الى السدود كما اسلفنا.
أما أنظمة الصرف الصحي وبسبب تأثيرها البيئي والصحي السلبي فيما لو تركت، فلقد أعطيت الأولوية من قبل الدول النامية لرفع نسبة تغطية خدمة إيصال الصرف الصحي حيث يجري الاستثمار بزيادة اطوال شبكات الصرف الصحي ومحطات المعالجة وصيانة وتشغيل الانظمة القائمة.
لدينا في الأردن كما في اغلب الدول النامية، نظامان منفصلان، واحد لتصريف المياه العادمة وواحد لتصريف مياه الأمطار، حيث تذهب المياه العادمة الى محطات التنقية لتتم معالجتها، اما النظام الآخر فتذهب مياهه الى مجاري الأودية والمسطحات المائية والسدود والحفائر إن كانت طبيعية او من صنع الإنسان، وتستخدم المياه العادمة المُعالجة للزراعات العلفية والشجرية والزراعة المقيدة، بينما تستخدم مياه الأمطار المجمعة وبعد اعادة معالجتها لإنتاج مياه الشرب النظيفة.
يتم التعدي والاعتداء والاستخدام الخاطئ وغير المشروع على هذه الأنظمة بعدة أوجه أهمها:
1 – ربط مزاريب مياه الأمطار على شبكات الصرف الصحي تجنباً لتكاليف إنشاء شبكة تصريف مياه أمطار خاصة تربط على الشبكات العامة أو على الشوارع، وسلبيات هذه المخالفة أن المياه التي قد تصبح مياهاً للشرب تختلط مع المياه العادمة وتتلوث الأودية والأنهار والجداول والسدود وأي مسطحات مائية طبيعية.
2 – تصريف المياه العادمة المنزلية أو الصناعية على شبكات تصريف مياه الأمطار بالرغم من كونه مخالفة صريحة للأنظمة ووسيلة للتهرب من دفع رسوم الربط على شبكات الصرف الصحي وتهرب من دفع أجور الانتفاع، إلا أنه يشكل أثرا سلبياً بيئياً لتسببه باتساخ شبكات تصريف مياه الأمطار بالمياه العادمة وتلوث مياه الأمطار المارة بها ويؤدي بالتالي الى صعوبة او منع اعادة تدويرها او معالجتها واستخدامها
3 – الربط غير القانوني للمياه العادمة على شبكات المياه العادمة، والمقصود هُنا بالربط دون الرجوع للدوائر المختصة وبالتالي عدم مراعاة الأصول الفنية مما قد يتسبب بفيضان مناهل شبكة المياه العادمة في الشوارع الرئيسة والفرعية او على طوابق التسوية للبناء المخالف و/او للأبنية المجاورة، إضافة إلى أنه يشكل مخالفة للتهرب من دفع الرسوم.
إن جميع أشكال التعدي على شبكات المياه العادمة ومياه الأمطار تعتبر مخالفات يعاقب عليها القانون، إلا أن موضوع الرقابة على هذه المخالفة يشكل أرقاً دائماً لمزودي الخدمة من ناحية الكلفة المالية والإزعاجات الناتجة عنها، إلا أنه حسب قناعاتي أصبحت ملحة بسبب الزيادة المطردة لهذه التعديات ويتوجب اجراء حملات موسعة للكشف وإزالة هذه الاعتداءات
وقد يكون لهذا النشاط اللاقانوني مبرر غير مستساغ عند المواطنين، وهو عدم توفر شبكات تصريف المياه العادمة، إلا ان جواب ذلك يأتي علمياً وصحياً بضرورة توفر الحفر الامتصاصية المصمتة، في الأماكن غير المخدومة بشبكات الصرف الصحي.
حسب قانون البلديات وقوانين سلطة المياه والأنظمة والتعليمات النافذة في الأردن يتوجب ان أذكر أن مسؤولية إنشاء وتشغيل وصيانة شبكات مياه الأمطار قد أنيطت بأمانة عمان والبلديات، بينما أنيطت مسؤولية انشاء وتشغيل وصيانة انظمة المياه العادمة ومعالجتها الى مزودي خدمة مياه الشرب في وزارة المياه والري / سلطة المياه والشركات التي تتبعها.
حاولت من التوضيح أعلاه إلقاء الضوء لبيان الفرق بين نظامين للمياه قد لا يتطرق الخبراء أو مزودو الخدمات الى عناء شرحه للعامة وكذلك الى الاساليب غير القانونية بالتعامل وانتهاك هذه الانظمة الحيوية لخدمة المجتمع املا برفع سوية التوعية بالخصوص.
*خبير مياه