يعتبر الفصام أكثر الأمراض النفسية خطورة، على المريض وأسرة المريض والمجتمع وتشكل نسبته في المجتمع الأردني حوالي 1-4% من أفراد المجتمع ويسبب انفصام الشخصية إرباكاً شديداً لذوي المصاب وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة وتدمير للأسرة، من الناحية النفسية والمادية، لذلك يشغل الاعتناء بالمصابين بالفصام حيزاً كبيراً من خدمات الأمراض النفسية.

الإصابة بالفصام تكثر فيما بين 15 و 25 عاما ولكن يمكن أن تحدث قبل وبعد ذلك.

ما هو مرض انفصام الشخصية وما أعراضه

الفصام هو أحد الاضطرابات العقلية الذهانية التي تصيب الإنسان وتتضح في اضطراب بالأفكار والعواطف والتصرفات، وعندما يسمع أحدنا عن الفصام يعتقد أن المقصود به هو أن الشخص له شخصيتين وهذا مفهوم مغلوط لأنه عبارة عن اضطراب في الشخصية وتشوهات في التفكير والإدراك والوجدان، حيث يكون المريض متبلد وقليل الحركة، ولكن قد تكون إحدى علامات الفصام، وقد تصل خطورة المرض إلى حد إيذاء المريض نفسه والأخرين بسبب التشوهات الفكرية التي يعاني منها أو الهلوسات والضلالات.

ولاسيما انه في الأونة الأخيرة سمعنا عن ارتكاب جرائم وحوادث كثيرة في مجتمعنا قد يكون من أحد أسبابها الإصابة بهذا النوع من المرض النفسي ويتسم بالأعراض التالية:

المظهر والسلوك

كثيراً ما يكون مرضى الفصام طبيعيين في مظهرهم وسلوكهم، ولا يمكن تفريقهم عن أي شخص عادي في المظهر، لكن:

  • بعضهم يبدو منشغلاً ومنسحباً.
  • بعضهم قد يبتسم ويضحك بدون سبب ظاهر.
  • بعضهم كثير الحركة ويتصرف بشكل غير متوقع.
  • بعضهم يستلقي لمدة طويلة على سريره وبدون حركة ويظهر وكأنه غارق في التفكير.

التغيرات في المزاج

قد تأخذ أحد ثلاثة أشكال:

  1. تقلب في المزاج بين الكآبة والقلق، والتهيج والمرح غير المبرر.
  2. برود العواطف والانفعالات، حيث لا يبدو على المريض أي تعبير كالحزن أو الفرح أو القلق.
  3. عدم توافق بين المزاج والواقع حيث يفرح في موقف محزن أو العكس.

[wpcc-iframe src=”https://www.youtube.com/embed/UYbJ_jnVX9M” width=”560″ height=”314″ allowfullscreen=”allowfullscreen”]

الاضطراب في التفكير

هناك أنواع من الاضطراب يكثر حصولها في الفصام:

  • اضطراب في كمية الأفكار وسرعة تكونها أو ما يسمى جريان الأفكار.
  • اضطراب في شكل الأفكار أي الكيفية التي تُربط بها الأفكار.
  • اضطراب في الإحساس بملكية الأفكار والسيطرة عليها.

التوهمات (delusion)

هي نوع من اضطراب التفكير حيث يعتقد المريض اعتقاداً جازماً أن كلاماً أو تصرفات في التلفزيون أو الراديو يُقصد به الإشارة إليه، ومن التوهمات أيضاً توهمات السيطرة الخارجية، حيث يحصل اعتقاد جازم بأن شخصاً أو مؤسسة ما تسيطرعليه وتوجهه كما تريد، أو كما أسلفنا أن أفكاره تسحب أو تذاع أو توضع في عقله.

الاهتداء

في قليل من حالات الفصام الحادة والشديدة جداً قد يظهر خلل في الاهتداء (معرفة) بالنسبة للمكان والزمان والأشخاص في بدء المرض.

الاستبصار

عادة ما لا يكون المريض مدركاً أنه مريض أو أن تصرفاته ناتجة عن المرض.

تسمى أعراض اضطراب السلوك والهلاوس والتوهمات بالأعراض النشطة (positive symptoms)، أو الموجبة.

متلازمة الأعراض المزمنة للفصام

متلازمة الاعراض المزمنة للفصام تتمثل في:

  • نقص الدافعية
  • الانسحاب الاجتماعي
  • الجفاف العاطفي
  • اضطراب في التفكير
  • عادة ما يكون التعبير الانفعالي ضعيفاً أو معدوماً
  • اعراض متلازمة الأعراض المزمنة للفصام في سن المراهقة وأول الشباب تتضمن اضطراباً في التفكير واضطراباُ في السلوك والمزاج
  • مع تقدم العمر تقل الأعراض السابقة وتطغى الأعراض الزورية أو البارانوية.

تؤثر الطبعية الاجتماعية التي يعيشها المريض على محتوى الهلوسات والتوهمات فإذا كان المصاب من بيئة متدينة نجد أن هذا المحتوى غالباً ما يكون دينياً كأن يعتقد أنه رسول أو المهدي المنتظر.

أنواع الفصام

يمكن ملاحظة أشكال مختلفة للفصام، وذلك حسب الأعراض السائدة عند تقييم الحالة، وبعض هذه الأنواع أكثر ثباتاً مع الزمن من الأخرى، ومن هذه الأشكال:

الفصام الكتاتوني

يتميز هذا النوع باضطراب حركي بارز يأخذ شكل ذهول، حيث يتوقف المريض عن الحركة والكلام والطعام ويستلقي على الفراش بدون حركة حتى أن سرعة رمش العينين تنخفض كثيراً، وقد يجلس أو يتخذ وضعية غير مريحة لا يغيرها لساعات طويلة.

وفي بعض الحالات يتغير توتر العضلات بشكل غريب بحيث يصبح للجسم والأطراف مرونة خاصة تتيح للمريض إبقاء الأطراف أو الجسم في وضعية غير مريحة لفترات طويلة وتسمى هذه الحالة المرونة الشمعية وعلى النقيض من ذلك قد تحصل حالة من الحركة المفرطة غير الهادفة أو يتناوب المريض في الذهول والحركة المفرطة تباعاً.

يجب مراقبة المريض في كلتا الحالتين حتى لا يؤذي نفسه أو الآخرين، أو يصل إلى الارهاق، ونقص التغذية، وارتفاع الحرارة.

ونادراً ما نشاهد هذا النوع من الفصام أو الحالة الكتاتونية لأنها تنتج عن عدم العلاج للفصام الشديد لفترة طويلة، وهذا قلة ما يحدث هذه الأيام لتوفر الأطباء والعلاج ولزيادة وعي الناس بالأمراض النفسية.

الفصام التفككي

  • الصفة الأساسية لهذا النوع هي تفكك الارتباط بين الأفكار لدرجة عدم إمكانية فهمها أو السلوك الفوضوي غير الهادف وانعدام التعبير العاطفي أو عدم توافقه مع محتوى التفكير.
  • ولا توجد توهمات أو هلوسات ذات موضوع متكامل، بل تكون مقطعة أو مفككة.
  • ويرافق هذه الحالة تعابير خاصة في الوجه أو النمطية في السلوك، والشكوى من أعراض جسمية، وغرابة في السلوك، أو عزلة اجتماعية مطلقة.
  • إن هذا النوع عادة ما يترافق مع خلل شديد في الاتصال الاجتماعي، وشخصية غير سوية قبل المرض، وبدء مبكر بطيء وسير مزمن لم تتخلله فترات تحسن، وبالنتيجة فهو أسوأ أنواع الفصام ويسمى في مصادر أخرى الهيبرفرينيا.

الفصام الزوري (البارانويي)

الصفة الأساسية لهذا النوع هو انشغال المريض بتوهمات اضطهاديه، أو توهم واحد منظم، أو هلاوس متعددة تدور حول موضوع واحد ولا توجد هنا أعراض كتاتونية أو تفككية، والأعراض المرافقة هي قلق حول مواضيع غير محددة، والغضب والميل للجدال، والشجار والعنف.

يبدأ هذا النوع عادة في وقت متأخر من العمر أكثر من الأنواع الأخرى حيث تكون الشخصية قد نمت وتكونت، ولذلك يكون أثره على الانجاز العملي والاجتماعي أقل بكثير من غيره. وخاصة إذا لم يتصرف المريض وفق توهماته، ومرضى هذا النوع يراجعون العيادة النفسية بانتظام ويحتفظون بوظائفهم أو مهنهم وأعمالهم أفضل بكثير من الأنواع الأخرى للفصام.

أسباب الفصام

لم يعرف لغاية الآن أي سبب محدد للفصام، ولا تزال الأبحاث جارية في هذا المجال، ولكن الدلائل تشير إلى عوامل متعددة مثل العامل الوراثي، والتغيرات في الكيمياء الحيوية للدماغ، وتغيرات في بنية الدماغوعوامل بيئية مختلفة.

العامل الوراثي والفصام

وجد أن الفصام أكثر انتشاراً بين أقارب المصابين بالفصام، فاحتمال الإصابة في المجتمع بشكل عام هي 1% وتصل إلى 14% عند أخوة المصاب و13% عند الأبناءإذا كان أحد الأبوين مصاباً و37% إذا كان كلا الأبوين مصابين بالفصام.

اضطراب في الكيمياء الحيوية للدماغ

ويشير إلى ذلك ما يلي:

  • التأثير الوراثي يعمل من خلال التأثير الكيماوي.
  • الأدوية المضادة للذهان تعمل في الحد من نشاط الدوبامين وهو تأثير كيماوي.
  • بعض الأدوية والمواد مثل الأمفتامين يمكن أن تسبب أعراضاً تشبه أعراض الفصام، ولكن لغاية الآن لم يتقرر أن سبب الفصام يعود إلى اضطراب في نشاط الدوبامين فقط.

اضطراب في بنية الدماغ

تشير بعض الدراسات إلى وجود أعراض عصبية خفيفة عند بعض المصابين بالفصام، وأن نسبة أكبر من المصابين يكون في تاريخهم مضاعفات في ولادتهم، وكذلك أن نسبة أكبر يولدون في الشتاء مما يجعلهم أكثر عرضة للإلتهابات الفيروسية، فيما نسبته أكبر منهم مصابون باضطرابات في الفص الصدغي من الدماغ قبل الإصابة بالفصام.

التأثيرات البيئية

وذلك مثل المعيشة في ظروف اجتماعية سيئة، حيث وجد أن حدوث الفصام يزداد في الطبقات الاجتماعية الدنيا.

وكذلك وجد أن بدء الفصام يترافق مع أحداث وظروف الحياة، وبذلك قد يكون لشدائد الحياة تأثير على حدوث الفصام.

كما وجد أن هناك ظروفاً أسريّة سيئة تحافظ على بقاء الفصام أو تدهوره، وفي فترة من الفترات كثر الحديث عن طريقة تربية الأطفال أو التنشئة الأسرية كعامل مهم في إحداث الفصام، وهنالك أسر تسمى الأسر المولدة للفصام والتي يحث فيها إنقسامات داخل العائلة أو التسلط الشديد للأم.

تأثير مرض الفصام على أسرة المريض

إن وصف الأهل لمشاكل مريضهم يقع ضمن مجموعتين:

الأولى:

مشاكل تتعلق بعزلته الاجتماعية، وقلة حديثه، وقلة تفاعله مع أفراد العائلة، وقلة اهتماماته، وبطئه وإهماله لنظافته ومظهره، وعدم العمل والبقاء في البيت معظم الوقت وعدم رغبته بالزواج او عدم قدرته على رعاية اسرة.

الثانية:

مشاكل تتعلق بسلوكه المحرج مثل التصرف المنفلت اجتماعياً وجنسياً والتصرف الغريب أو التهديد بالعنف.

وقد تؤدي هذه المشاكل إلى التشويش على الأسرة في تنظيم أمورها وقضاء حاجاتها، وقد تؤدي بهم مع الزمن إلى القلق والاكتئاب وأحياناً الشعور بالذنب الناجم عن الاعتقاد بأنهم السبب في المرض أو أنهم يقصرون في العلاج.

علاج الفصام

بسبب الاختلاف الكبير بين مظاهر الفصام فإنه يفضل تنظيم العلاج لكل حالة بمفردها، وأن يكون العلاج شاملاً للنواحي البيولوجية والنفسية والاجتماعية للمرض.

وحيث أن هذا المرض غالباً يزداد مع مرور الوقت دون علاج، فلا بد من تنظيم برنامج مستمر للعلاج مع محاولة إبقاء المريض في مجتمعه وعدم إداخله للمستشفيات أو المؤسسات إلا إذا دعت الضرورة لذلك.

وهدف العلاج هو السيطرة على الأعراض النشطة أو الموجبة، والتقليل من أو تحسين الأعراض السالبة.

اقرأ أيضاً:

مفاهيم خاطئة حول الأمراض النفسية وتصحيحها

الذكاء يحمي من انفصام الشخصية (شيزوفرينيا)

انفصام الشخصية يزيد من احتمال الاصابة بالامراض المختلفة