إذا نظرنا نظرة دقيقة للطريقة التي نربي بها أطفالنا أو التي يربي بها معظم الآباء والأمهات أطفالهم سنجد إنها لا تعتبر طريقة تربية بل هي مجموعة من ردود الأفعال التي تختلف بإختلاف الأشخاص والمواقف والأوقات، فهل نعرف حقا معنى كلمة تربية؟ وهل لنا رؤية واضحة في تربية أبنائنا؟ وكيف نكون هذه الرؤية؟ وما الفرق بين الرؤية وردود الأفعال؟ وهل التربية بردود الأفعال فقط أمر خاطئ؟
ردود أفعالنا تصنع أطفالنا:
إن ردود أفعال الوالدين فعلا تصنع أطفال إما أصحاء أو مرضى، إما سعداء أو تعساء، إما راضيين ومتصالحين مع أنفسهم أو العكس، ولما العجب في هذا ونحن ككبار تؤثر فينا ردود الأفعال في المواقف المختلفة، فمثلا إذا جاء الأب متأخر لعمله ووجد رئيسه في العمل يؤنبه على هذا بشدة، سيحزن أو حتى يتأثر وربما يعكر ذلك صفو يومه كله، أما إذا اختلف رد فعل المدير وخاطب هذا الأب المتأخر بنبره حنونه ونصحه بشكل هادئ ألا يتأخر بعد ذلك كيف سيكون حال هذا الأب؟ وكيف ستكون وقع كلمات المدير عليه؟ وماذا سيفعل في الأيام القادمة هل سيكون موضوع التأخير أمر عادي بالنسبة له أم سيحاول ألا يخذل ذلك المدير؟
لذا علينا أن نفهم جيدا أن التربية ليست فقط ردود أفعال بحسب كل موقف وبحسب ميزاجية المربي أو حالته النفسية أو حتى بحسب عمر الطفل، فالأم المرهقة مثلا قد تصب غضبها ردا علي طفل صغير سكب بعض الماء علي الأرض، في حين أنها إن لم تكن مرهقة ستنظف دون أن تلومه أو توبخه، ولكن أهم شئ نخرج به بعد الموقفين هو: ما الذي تعلمه هذا الطفل؟ ما الشئ الذي زرعته الأم بداخل طفلها الصغير بعد أن سكب الماء؟ هل تعلم ماذا عليه أن يفعل المرة القادمة حتى لا ينسكب الماء منه؟ هل تعلم أن يتحمل مسئولية ما يفعله بأن ينظف ما أوقعه؟ أم تعلم أنه عليه أن يفرغ غضبه بالصراخ؟
إن التربية لابد أن تكون أعمق من ذلك ويكون كل رد فعل يخدم عملية التربية ويعلم الطفل شئ مفيد له ومنمي لشخصيته لذا علينا قبل أن ننجب أطفالنا أن نحدد رؤيتنا في تربيتهم ولا نترك العملية التربوية تسير هكذا دون ترتيب، وكل موقف يحدث فيه ما يحدث.
التربية بين الرؤية وردود الأفعال:
ينصح الدكتور ياسر نصر الأبوين بأن يكون لهما رؤية واضحة عند تربيتهم لأطفالهم، وألا تكون فقط عملية التربية عبارة عن مجموعة مبعثرة من ردود الأفعال، بل عليهم أن يوظفوا ويطوعوا ردود الأفعال في المواقف المختلفة لخدمة رؤيتهم في العملية التربوية، والسؤال الذي يحدد الرؤية التي يريدها الأبوين من العملية التربوية هو كيف أريد أن يصبح أبنائي؟ فإذا كان الأبوان يريدان طفلا مثلا واثق من نفسه ستكون هذه هي رؤيتهم وسيحاولوا ويحولوا كل ردود أفعالهم ليخدموا ويحققوا هذه الرؤية، وإن كان الأبوين يريدون طفلا ناجح إجتماعيا وذو شخصية فعالة ومؤثرة ستكون هذه هي رؤيتهم وسيستخدموا ردود أفعالهم في المواقف المختلفة لإنشاء هذا الطفل، وهكذا تكون ردود الأفعال أداة وليست هي أساس العملية التربوية.
كيف أحقق رؤيتي في تربية أطفالي؟
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه أو يريد كل أب وكل أم أن يعرفوا إجابته هو كيف أحقق رؤيتي في تربية أطفالي؟ فأنا أريد أن يصبح طفلي واثق من نفسه كيف أفعل ذلك؟ والإجابة هي: عليكم أن تتعلموا وتبذلوا بعض الجهد لتعرفوا كيف، ابحثوا في مواقع التربية واستمعوا لعلماء التربية، اشتروا الكتب التربوية وتابعوا المقالات التي تعلمكم كيف تحققوا رؤيتكم، فالحمد لله أصبح الإطلاع سهل هذه الأيام وشبكة الإنترنت مليئة بالمصادر والمعلومات ما عليكم فقط هو بذل بعض الجهد لتتعلموا وتحققوا رؤيتكم، وصدقوني أطفالكم يستحقونا ذلك.
نتمنى أن تكونوا إستفدتم من هذه المعلومات والنصائح التربوية وللمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء، وأشركونا دائما بتعليقاتكم وأسئلتكم وكذلك تجاربكم.