‘);
}

المعاصي وأثرها على المسلم

إنّ للمعاصي وكثرتها أثراً سيّئاً على المسلم في حياته وآخرته وحتّى في صحّته وبدنه، ولقد ذكر ابن القيّم -رحمه الله- للمعصية آثاراً كثيرةً عظيمةً عائدةً على المسلم، منها: حرمان العلم وحرمان الرّزق، فإنّ العلم نورٌ يجعله الله تعالى في قلب عباده، والمعصية تطفئ نور الله أينما حلّت، وأمّا في في حرمان الرّزق، فقد قال -صلّى الله عليه وسلّم- لمن أتى معصية: (إنَّ الرَّجُلَ لَيُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ الَّذي يُصيبُه)،[١] ومن آثار المعاصي على المسلم أيضاً؛ أنّها تجعل بين العبد وربّه وحشةً وبعداً حتّى أنّها لتضيّق على صاحبها علاقته مع النّاس من حوله، ولقد قال بعض الصّالحين: (إنّي لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي)، والعاصي لله معرّضٌ نفسه للعسر في أموره وقضاء حاجاته، فإنّ الله تعالى وعد المتّقين باليُسر وتدبير الأمور، وكذلك كان للبعيد عن الله وتقواه العسر في شؤونه.[٢]

وقد يكون من آثار المعاصي على الإنسان؛ أنّها تحرمه القيام بالطّاعات وتقعده عنها، فيُصبح المرء مع تكرار الذّنوب وإتيان الحرام كسولاً عن الطّاعات، ضعيف الهمّة لها، بل وأكثر من ذلك أنّ المعصية قد تجرّ أختها من خلفها، فتتوالى المعاصي على الإنسان حتّى يكاد يهلك بها؛ لكثرتها، ثمّ تضعف همّته وييأس من التوبة والإقبال على الله بعد ذلك، ولأنّ من طبع القلب القسوة إذا تراكمت عليه الذّنوب؛ فإنّ الإنسان إذا غفل عن الله تعالى وأتبع نفسه هواها حيناً من الزّمن، فإنّه يعرّض نفسه لغشاوة القلب والرّان عليه، حتّى تصير هذه عادته بعد ذلك، وحينئذٍ قد يغلب عليه الانتكاس والتقهقر حتّى يسيطر عليه الشّيطان ويسوقه حيث أراد، وكلّ ذلك من شؤم المعصية الأولى وإن استصغرها الإنسان واستحقرها.[٢]