الشاعر المصري مصباح المهدي.. ميراث طويل من القهر فرض عليَّ الحدة والسخرية

مصباح المهدي أحد الأصوات المهمة في شعر العامية المصرية، كتب عنه الأبنودي قائلاً إن قصائده تمتاز بالشجاعة والجرأة، نال مؤخرًا جائزة اتحاد الكتاب عن ديوانه «كما لو كانوا بيحبوك»، حول تجربته كان هذا اللقاء.. ■ كيف بدأت العلاقة بينك وبين الشعر؟ وما هي أهم ملامح تلك البدايات؟ □ البداية كانت بحسب ما تتيحه الصدف من […]

الشاعر المصري مصباح المهدي.. ميراث طويل من القهر فرض عليَّ الحدة والسخرية

[wpcc-script type=”91d25f65dc399716803c4469-text/javascript”]

مصباح المهدي أحد الأصوات المهمة في شعر العامية المصرية، كتب عنه الأبنودي قائلاً إن قصائده تمتاز بالشجاعة والجرأة، نال مؤخرًا جائزة اتحاد الكتاب عن ديوانه «كما لو كانوا بيحبوك»، حول تجربته كان هذا اللقاء..

■ كيف بدأت العلاقة بينك وبين الشعر؟ وما هي أهم ملامح تلك البدايات؟
□ البداية كانت بحسب ما تتيحه الصدف من فرص للقراءة ومن التعبير عن الموهبة. كانت أمي تزودني بمحفوظاتها من أزجال بيرم وبديع وأبي بثينة، وكان حلم حياتي أن تكون لي مكتبة كمكتبة أخي الأكبر محمد المهدي، تلك المكتبه التي تسكن باطن جدار طيني يزيد عن السبعين مترًا، لم أكن أملك ترف القراءة أو اللعب مع الأتراب، كان مشغل الحصير يستهلك أوقات النهارات من السادسة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وكدأبها أمي كانت جوهرة نادرة تقدم لنا ما لذ وطاب من فاكهة الشعر فصيحه وشعبيه، وكانت لا تلحن، وكان لها خط شببت أحاكيه، أول ديوان شعر كان عبارة عن كشكول كبير دونت فيه كلمات الأغاني التي تعجبني، ولم أكن في الحقيقة محتاجًا للاحتفاظ بالكتب، كنت مثلا أتابع حفل «رسالة من تحت الماء» وهي تغنى لأول مرة، وأخرج وأنا أحفظها عن ظهر قلب، فيما كان أخي الراحل مختار يسبقني بخطوة فقد حفظها وترجمها للإنكليزية، ليس غرورًا، أنا أقول عني وعن أسرتي (الغزال بيغزل برجل حمار) كتبت أولى محاولاتي 1976 وعمرى 13 سنة.
■ ولماذا تأخر صدور ديوانك الأول «وريد مفتوح على الدفتر» ليصدر في عام 2000؟
□ ظللت منذ بداية الثمانينيات وحتى عام 1998 أكتب بالفصحى والعامية أحيانًا، وكنت أستنكف وقتها أن أقدم نفسي كشاعر عامية. وكانت ثقافتي ثقافة عربية، في المقابل اكتفيت بما أسمعه من أغاني فيروز، وكان لشعر الأخوين رحباني أكبر الأثر في تجربتي. في ما بعد حين تفرغت لكتابة العامية متأخرًا جدًا، وفي بداية الألفية الثالثة قرأت مولانا فؤاد حداد، وغيّر وجهة نظري وجعلني أؤمن بدور شعر العامية. طبعت ديواني «الموت على مهل» تتويجًا لرحلتي مع كتابة الفصحى، ثم اكتشفت أنني أكتب بلغة غير لغتي فحولت مساري من كتابة الفصحى للعامية، فأصدرت سنة 2000 ديواني الأول «وريد مفتوح على الدفتر» لأبدأ رحلة جديدة وجدت فيها صوتي الخاص ومنطقتي الخاصة وقد قال ذلك نصًا الراحل عبدالرحمن الأبنودي في مداخلة تلفزيونية طويلة.
■ التمرد هو الملمح الأبرز في تجربتك، كيف قرأ النقد هذا التمرد في نصوصك؟
□ ميراث كبير من القهر بكل أشكاله فقرًا وجوعًا وحرمانًا وتهميشًا، وقف وراء تشكيل الوجدان وترتيب الأولويات وآليات الكتابة، وفرض عليَّ الحدة والسخرية، ورفع سوط الكلمات كرد فعل طبيعي لكل ما كابدته منذ نعومة أظفاري. تنزل لي من السقف تجاربي في مشغل للحصير طفلا صغيرًا، وخشَّابًا وعجَّان مبيض محارة، وعامل ديكورات جبسية، ووزَّانًا عموميًا (قبّاني)، ممزوجة بوجوه الناس الذين التصقت بهم/ بوجوههم، عرقي له الرائحة نفسها، وجهي له السمات نفسها. القصيدة تعني لي النافذة الوحيدة لاستنشاق هواءٍ أكثر نقاءً وتحققًا في ظل عجز يطاردني ويلاحقني. فالتمرد نتيجة طبيعية لكل ما حدث لي، ويحدث حتى اللحظة، ولِمَ لا والشاعر في الأساس كائن متمرد!
■ وما مدى تأثير المرأة على تجربتك الحياتية والشعرية؟
□ أي امرأة بعد الأم محض اجتهادات وأمنيات. نحن نعشق صورة لامرأة معشوقة، نولد وهي تسكن وجداننا. كلما رأينا امرأة تقترب من الصورة المرتجاة نشرع رأسًا في عشقها. المرأة هي المستراح والصاحب ومكمل النقص، هي الملجأ من الخوف، الحنان والجنة المفقودة.
■ »أنا معجب بهذا الشاعر، شاعر مغمور، بقيمة شاعر مشهور وأكثر، هو عندي أعلى مقاما من كثيرين يملؤون الصحف»، هذا بعض ما كتبه عنك عبد الرحمن الأبنودي، كيف كان تأثير ذلك عليك؟
□ اقترابي من عالم الأبنودي وإيمانه بما أكتبه أعطاني ثقة كانت مفتقدة بنفسي، ووفَّر عليّ وقتًا وجهدًا، ووجَّه البوصلة في الاتجاه الصحيح، فآمنت أن لديّ ما أقوله ولديّ مشروع ينبغي عليّ استكماله. لدرجة أن الأبنودي عمل مداخلة تلفزيونية طويلة لبرنامج كان يستضيفني، وقال فيّ وفي شعري ما أثلج صدري وثبت على الطريق خطاي.

عصف جنون
شعر: مصباح المهدي
«عديت على الأبنودي
على حداد
وقالولي يا ابني الكلمة
قالب طوب
تاخد ف إيد البنَّا شكل قلوب
ترسمها إيد الزاني
بنت لعوب
الكلمة نبضك فين تكون كانت
إتوضا قبل ما تنطق الكلمة
بالنار بصهد النار
بإحساسك
عديت على جرحي
اللي شبعان كي
وبلاد كأنها زي تغريبة
ورأيت كأني رأيت بلا ريبة
شعري قالوه الناس
كتير قبلي
يا كلمة بنت بنوت
ما قالهاش حد
أنا نفسي أدخل بيكي
معنى جديد
على وزن عصف جنوني
مش تقليد
يا كلمة فُضِّي
بكارة الأسئلة
هزّي جذوع نخلك
وهاتي الرطب
صدري عطب
ريقي عطب صوتي
شايل غبار إحساس
بلا عنوان
من كام ملل
من كام شجر عريان
من كام شروع
في اليأس
م الحرمان
سايق عليكي الخلق
إنس وجان
تتّرجمي
يتّرجمك شوقي
مين اللي أولى
بنطفة المجنون
طيري على جناح
ارتكاب زلزال
يثبت محال
ويعدّل القوانين
يا كلمة شيلي
من عرق ناسي
واتعمدي بأنفاسي
بالتنهيد
إتشطفي من عار
عجين بلا عيش
وانفلتي ما تعدّيش
على الغربال
يا كلمة شكل الناس
بلا مكياج
وبدون سياج
وبدون نقط تفتيش!»

كاتب وشاعر مصري

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *