المريض الأول – بحث ضروري لتجنب الاندلاعات المستقبلية
انتشر فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم دون توقف، ولذلك احتكر وسائل الإعلام وانتباه الحكومات. وفي خضم هذه الفوضى، يوجد عامل نميل إلى إغفاله: أهمية العثور على المريض الأول (المريض صفر).
من الأخبار التي سمعناها كثيرًا دون توضيح في بداية انتشار هذا الوباء هو أن الفيروس ظهر لأول مرة في سوق حيوانات في ووهان الصينية. ولكن خطوط التحقيق وصلت إلى طريق مسدود بعد هذه النقطة.
هل انتقل الفيروس إلى البشر لأول مرة عن طريق وطواط؟ من كان المريض الأول الذي كان الجسر الذي مر من خلاله الفيروس من الحيوانات إلى البشر؟
قد يبدو كل ذلك من الأمور غير الضرورية. فلماذا يجب علينا أن نهدر المزيد من المصادر للبحث في شيء وقع بالفعل منذ شهور؟
الإجابة بسيطة وواضحة: معرفة كيفية بدء الوباء ستساعدنا على تجنب تكرر مواقف كهذه في المستقبل. تابع القراءة لاكتشاف المزيد عن المريض صفر.
الحالة الدالة
الحالة الدالة (المريض صفر) مصطلح يشير إلى أولى الحالات التي تجذب انتباه المحقق وتؤدي إلى وضع سلسلة من الإجراءات والخطوات الضرورية لاكتشاف سبب العدوى.
في المرحل الأولى من هذه العملية، يوجد ثلاثة أنواع من الحالات الدالة:
- الحالة الابتدائية: أول حالة تظهر في التسلسل الزمني.
- الحالة الابتدائية المشتركة: الحالة التالية للحالة الابتدائية خلال فترة حضانة معينة، وهي تصاب من خلال نفس المصدر.
- الحالة الثانوية: الحالة التالية للحالة الابتدائية، ويمكن الربط بينها وبين انتقال العدوى إليها من خلال الحالة الابتدائية. أي أنه الشخص الذي يصاب بسبب اتصاله بالحالة الابتدائية.
قد تبدو هذه المصطلحات غريبة قليلًا ويصعب فهمها، ولكن المهم في كل ذلك هو أن نفهم أن الحالة الدالة يمكن أن تكون أي من الأنواع الثلاثة المذكورة.
ما يهم فيما يتعلق بالمريض صفر ليس ترتيبه في سلسلة المصابين، ولكن أهميته تكمن في تحذير السلطات الصحية وإطلاق آليات البحث.
قد لا نكتشف أول مصاب بكوفيد-19 أبدًا، ففي العديد من الحالات، لا تظهر أي أعراض على المصابين بالعدوى. ولذلك، يجب الاهتمام بالحالات التي أطلقت أول أجهزة الإنذار.
المريض الأول: الحالة الدالة في الصين
أولى حالات عدوى فيروس كورونا المستجد المسجلة ظهرت في 17 نوفمبر عام 2019، وذلك و فقًا للسلطات الصينية.
ويعتقد الخبراء أن المريض هو رجل في الخامسة والخمسين من عمره ويعيش في مقاطعة هوباي، والتي تعتبر ووهان عاصمتها.
وفي نهاية شهر مارس من هذا العام، ظهرت بين الخبراء نظرية أن آكل النمل الحرشفي كان مركز انتقال العدوى، وهو الأمر الذي تشير إليه نتائج بعض الدراسات الحديثة.
ففي مجلة الطبيعة العلمية، قام فريق بحثي بنشر نتائج تحليل تم القيام به على أنواع مجمدة مختلفة من آكل النمل.
هذه النتائج المثيرة تُظهر وجود سلالتين من فيروس كورونا بنسبة تماثل وصلت إلى 90% مع الفيروس الذي يصيب البشر حاليًا في 5 من أصل 18 عينة.
هذه النتائج تعني أنه من المحتمل جدًا أن الفيروس مر بطفرة داخل آكل النمل أدت إلى اكتسابه القدرة على الانتقال إلى البشر.
إذن، إذا كان لدينا المريض الأول ومصدر الفيروس، ما الذي ينقصنا؟
المعرفة تسمح بالتحرك
لا يوجد “مريض صفر” واحد. في الواقع، يعتمد الأمر على المنطقة الجغرافية.
ومن المهم جدًا اكتشاف أصل المصدر الرئيسي، ولكن أيضًا دراسة ظهور المرض في جميع أنحاء العالم.
في أوروبا، قد يكون أول مريض ظهر في ألمانيا، وذلك وفقًا لمجلة نيو إنجلاند الطبية. وهو ما يقودنا إلى توجيه عدة أسئلة:
- كيف انتقلت العدوى إلى المريض؟
- ما هي وسائل النقل التي استخدمها المريض للتنقل أثناء فترة العدوى؟
- كم عدد الأفراد الذين اتصل بهم المريض خلال فترة الحضانة؟
هذه الأسئلة، وعدد لانهائي من الأسئلة الأخرى، هي ما يرغب الخبراء في الإجابة عليه عن طريق النظر في الحالات الدالة. فإذا فهمنا حركية هذا الوباء العالمي، لن يكون التالي مفاجئًا للحكومات مثله.
على سبيل المثال، إذا اكتشف الباحثون أن 90% من الحالات الدالة من كل بلد أصيبوا بالمرض نتيجة رحلة طائرة، سيكون من السهل السيطرة على الاندلاعات المستقبلية.
المعرفة هي أساس الوقاية. ولذلك، تخصيص جميع هذه الموارد لدراسة مصدر العدوى وكيف بدأت من الأمور الضرورية في عملية مكافحتها.