‘);
}
تعريف الشبهات في الإسلام
يستخدم مصطلح الشبهات في موضوعين اثنين، وهما:
- العقوبات: كالحدود، والتعزير.
- الورع، واجتناب المحرمات.
الشبهات في العقوبات
الشبهات في العقوبات المراد بها هنا الالتباس، وذلك بأن يخفي الأمر، ولا يتّضح جلياً هل ارتكب المذنب هذا الحدّ أم لم يرتكبه، وهنا يجب التريث في إقامة الحدّ؛ لأن العقوبات شديدة، ويكون الخطأ فيها كبيرا.[١]
ومثال على ذلك ما لو أخطأ الحاكم فقطع يد من لم تثبت عليه السرقة ثبوتاً جلياً، أو جلد الحاكم من لم يتقّين وقوع الزنا منه، فإن الخطأ بعد ذلك لا يمكن إصلاحه، ولو أن الحاكم أخطأ فعفا عن مذنب فهذا خير من الخطأ بإدانة بريء.[١]
‘);
}
ولأن الأصل في الإنسان البراءة، وهذه البراءة يقينية، ولا يجوز نقل المسلم من البراءة إلى الإدانة مع وجود الشبهة، فمن أجل ذلك تكون الشبهة دافعة للحدود، ومانعة لها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ادرَؤُوا الحُدودَ بالشُّبُهات)،[٢][٣] ويجب أن لا يُقام الحدّ مع وجود شبهة البراءة، وهذه المسألة من المسائل التي أجمع عليها الفقهاء من أصحاب المذاهب، قال الإمام ابن المنذر: “وأجمعوا على أن درء الحد بالشبهات”.[٤]
الشبهات في الحلال والحرام
وهي أن يشتبه الحلال بالحرام، فيكون الشيء فيه وجه من الحلال، ووجه من الحرام، فلا يدري المسلم حينئذ هل هذا الأمر حلال أم هو حرام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ).[٥][٦]
وأحيانا يكون الأمر في الشريعة واضحاً جلياً لا لبس فيه، وحكمه مسطور في الكتاب والسنة، ولكنه يخفى على بعض الناس لقصورٍ بهم، وهنا تكون الشبهة بسبب جهل المشتبه، وعدم قدرته على التمييز بين الحقّ والباطل، لا أنّ الدين نفسه مشتبه؛ لأن الدين محكم من عند الله -تعالى- لا خفاء فيه.[٧]
ومن خلال الحديث فقد قسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمور في الدين إلى ثلاثة أقسام، وهي كما يأتي:[٨]
- الحلال البين الواضح الذي لا التباس فيه، ومثاله شرب الماء.
- الحرام البين والذي لا اشتباه فيه، مثل: شرب الخمر.
- ما فيه وجه شبه بين الحلال والحرام.
حكم العمل بالمشتبهات
للعلماء في هذه المسألة أقوال، وهي كما يأتي:[٩]
- القول الأول: العمل بالمشتبهات حرام، ولا يجوز العمل بالمشتبه، واستنبطوا هذا الحكم من نصّ الحديث السابق في قوله: “استبرأ لدينه وعرضه”.
- القول الثاني: العمل بالأمور المشتبهة حلال، ويجوز للمسلم العمل بالمشتبهات، واستدلوا -أيضا- بالحديث السابق في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “كالراعي يرعى حول الحمى”.
- القول الثالث: ليست الأمور المشتبهة من الحلال، ولا هي من الحرام، بل هي مشتبهة.
المراجع
- ^أبالصنعاني (1432)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة 1)، الرياض :مكتبة دار السلام، صفحة 470، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه الترمذي، في السنن، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:1424، صحيح موقوفا وحسن لغيره مرفوعا.
- ↑عبد الله بن صالح الفوزان (1427)، منحة العلام في شرح بلوغ المرام (الطبعة 1)، صفحة 434، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ابن المنذر (1425)، الإجماع (الطبعة 1)، القاهرة – مصر:دار الآثار للنشر والتوزيع، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في الصحيح، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:52، صحيح.
- ↑إسحاق الكوسج (1925)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (الطبعة 1)، المدينة المنورة المملكة العربية السعودية: عمادة البحث العلمي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 742، جزء 9. بتصرّف.
- ↑الخطابي (1351)، معالم السنن (الطبعة 1)، حلب :المطبعة العلمية، صفحة 56، جزء 3. بتصرّف.
- ↑الكرماني (1356)، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (الطبعة 1)، بيروت-لبنان:دار إحياء التراث العربي، صفحة 184، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ابن دقيق العيد (1424)، شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية (الطبعة 6)، صفحة 44. بتصرّف.