الجديد بالأمر ما كشفه تقرير مركز أبحاث المياه في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، وتنفرد بنشره، لجولة قام بها فريق علمي من المركز العام الماضي لمنطقة عسير عن قيام وزارة المياه السعودية، عن تنفيذ سد جوفي في وادي عتود الواقع التقاء سلسلة جبال السروات مع منطقة سهل تهامة (جنوب غربي البلاد)، الأمر الذي يتناقض مع حديث سابق لوزير المياه المهندس عبد الله الحصين، الذي قلل من جدوى السدود الجوفية في السعودية، مشيرا الى عدم تبين جدوى هذه النوعية من السدود.
وتابع ان هذه الدراسات على السدود الباطنية (الجوفية)، لم تتبين حتى الآن نتائجها وهل هي مضمونة أم لا، كونها ما زالت على مستوى التجارب، ليضيف أن السدود غير الباطنية (السطحية)، التي تقوم بها وزارته تعتبر من أهم المصادر للمياه، وكان ذلك في محور رد الوزير على تساؤلات نقلتها «الشرق الأوسط» حينذاك للمهندس محمد بخاري في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، حول مطالبة وزارة المياه بالاستفادة من دارسة قديمة أجراها الدكتور وليام مكرم شحاتة، من كلية علوم الأرض جامعة الملك عبد العزيز مع آخرين في عام 1982، عن وادي نعمان في مكة المكرمة، لغرض إنشاء سدود باطنية لحجز جزء من المياه من هذه السيول التي تجري في ذلك الوادي عند هطول الأمطار في مواسم الأمطار لتغذية مصادر المياه في مكة المكرمة.
«الشرق الأوسط» وعبر صفحة المياه، تنشر تقرير مركز أبحاث المياه بجامعة الملك عبد العزيز عن جولته لمنطقة عسير من ثلاثة أجزاء عن جولته العلمية لتقييم جدوى بعض السدود بمنطقة عسير، وينشر خلال الأسبوعين المقبلين الجزءان الثاني والثالث، كشف عيوب السدود، التي تمت معاينتها من قِبل الفريق، فإلى تفاصيل الجزء الأول من التقرير.
استهل التقرير بالإشارة إلى فريق علمي من مركز أبحاث المياه بجامعة الملك عبد العزيز، قد قام بزيارة استطلاعية لمنطقة عسير لدراسة عدد من السدود والمدرجات الزراعية الموجودة بالمنطقة. وقد استغرقت الزيارة فترة يومين بدأت يوم الأحد 26 يونيو (حزيران) 2005، وتكون الفريق العلمي الذي زار المنطقة، والذي ترأسه الدكتور عمر بن سراج أبو رزيزة، مدير المركز، ويضم كلا من الدكتور محمد بن عبد الكريم حبيب، نائب مدير المركز لشؤون الأبحاث والمختبرات، والدكتور طلال بن علي مختار، رئيس وحدة موارد المياه، والمهندس رمزي إبراهيم، الذي يعمل بمشروع إعادة اعمار وتشغيل عين زبيدة، والمهندس رياض بن فاروق حلواني، الفني بالمركز، ومحمد بن أحمد جستنية، الإداري بالمركز.
وقام أعضاء فريق العمل بعدد من الجولات التي اشتملت على مواقع سدود ومناطق مدرجات زراعية جبلية ومحميات طبيعية، وقاموا في الوقت نفسهبالتعرف على نظم تصريف المياه السطحية بالمناطق التي تجولوا بها، حيث أتيح لهم تحديد نوعية المشاكل المتعلقة بالمياه السطحية في هذه المناطق.
وحرص أعضاء فريق العمل على أن تشتمل زيارتهم لمنطقة عسير على مواقع في بيئات طبيعية متنوعة.
وقام الفريق بزيارة مواقع مختلفة مناطق جبال السروات بالقرب من مدينة أبها. كما تجول الفريق في عدة مناطق من سهل تهامة ومناطق أخرى تقع على التلال الفاصلة بين جبال السروات وسهل تهامة.
وقد بدأ برنامج العمل باليوم الأول بالانطلاق من مدينة أبها نحو عقبة ضلع، التي تصل المنطقة الجبلية بسهل تهامة. وكان الغرض الأساسي من هذه الزيارة دراسة مشروع تقيمه وزارة المياه والكهرباء على وادي عتود لتخزين مياه السيول، لأجل استخدامها في مد مدينة أبها وخميس مشيط والمناطق المحيطة بهما، بمياه الشرب. وكما تمت معاينة هذا المشروع من قِبل أعضاء الوفد العلمي واتضح انه يتكون من ثلاثة سدود تقع على وادي عتود عند التقاء سلسلة جبال السروات مع منطقة سهل تهامة، وتشكل هذه المنطقة جزءا من المجاري العليا لوادي عتود.
وصممت هذه السدود بحيث يشكل كل واحد منها جزءا من مشروع متكامل لحجز مياه السيول وتخزينها. واتضح بأن اثنين من هذه السدود هي سدود سطحية يقع أولها، وهو سد عتود، الذي لا يزال في مراحل إنشائه، على المجرى الرئيسي لوادي عتود.
ويقع السد الثاني المسمى سد مرَبَة على وادي مرَبَة الذي يصب في وادي عتود وعلى بعد 9300 متر أسفل الوادي من السد الأول. أما السد الثالث فهو سد جوفي يقع على وادي عتود ويبعد 5470 مترا أسفل الوادي عن سد مربة السطحي. وكما هو موضح في خطة هذا المشروع، الذي زود به الفريق العلمي من قِبل الشركة المنفذة للمشروع، فإنه من المؤمل أن يعمل كل من السدين السطحيين على حجز مياه السيول في بحيرة تابعة لكل واحد منهما.
أما بالنسبة للسد الجوفي، فإن عمله سيقتصر على تخزين المياه في الطبقات التحتية من مجرى الوادي. وسيتم حفر عدد من الآبار في المنطقة التي تقع خلف هذا السد الجوفي لتزويد مدينة أبها بمياه الشرب من هذه المياه الجوفية.
وفى حالة هبوط مستوى مخزون الماء الجوفي في هذه المنطقة، فإنه سيتم إعادة تغذية هذا المخزون من المياه المتجمعة خلف كل واحد من السدين السطحيين، إذ سيتم فتح بوابات هذين السدين ليندفع منها الماء المتجمع إلى منطقة أسفل الوادي.
ومن المؤمل أن يغور هذا الماء في باطن تربة الوادي أثناء جريانه، لكن لن يسمح لهذا الماء تحت السطحي من التسرب إلى سهل تهامة عن طريق الانحدار التدريجى له مع انحدار سطح الوادي، إذ سيتم إيقاف تدفق هذا الماء عن طريق سد عتود الجوفي الذي سيعترض طريقه في مجرى الوادي. وبهذا فإن السدين السطحيين سيعملان على تعويض ما يتم ضخه من مخزون الماء الجوفي الذي سيتكون أمام السد الجوفي. وحسب ما هو مرسوم في خطة المشروع، فإن هذه السدود ستكون قادرة على إمداد مدينة أبها وخميس مشيط والمناطق المحيطة بهما بحوالي 30 ألف متر مكعب من مياه الشرب يوميا. وبعد نهاية الجولة على مشروع وادي عتود، عاد أفراد الفريق العلمي عن طريق عقبة ضلع إلى المنطقة الجبلية، حيث قاموا بمعاينة البحيرة التي تقع خلف سد وادي أبها.
وتابع التقرير أن برنامج العمل لليوم الثاني بالذهاب إلى منطقة جبل السودة لمعاينة المدرجات الزراعية وسد المقضى الموجود بنفس المنطقة. وقام فريق العمل أثناء هذه الزيارة بالتجول في عدد من المناطق التي توجد بها مدرجات زراعية على سفوح الجبال المحيطة بمنطقة السودة.
وانطلق فريق العمل بعد هذه الزيارات إلى سفح جبل السودة لمعاينة سد المقضى، وتعرف فريق العمل خلال هذه الزيارة على مواصفات هذا السد والأغراض التي انشيء من أجلها وكيفية عمله من المرافقين الذين يعملون بشركة شبه الجزيرة المكلفة من قِبل وزارة المياه والكهرباء بصيانة السدود في منطقة عسير.
وقام فريق العمل في الوقت نفسه باستكشاف المنطقة المحيطة بهذا السد للتعرف على الآثار البيئية والاقتصادية التي نتجت عن بنائه. ثم صعد الفريق بعد هذه الجولة إلى جبل السودة لمعاينة المدرجات الزراعية والمناطق الطبيعية المحيطة بها، وانطلقوا بعد ذلك إلى عقبة شعار، حيث نزلوا منها إلى منطقة تهامة لزيارة عدد آخر من السدود. وكان أول سد يصل إليه الفريق هو سد العوص، الذي يقع على طرف بلدة العوص، في واد ضيق يشرف على الطريق العام الذي يوصل بين جبل السودة ومنطقة سهل تهامة.
وقام فريق العمل بجولة مطولة بمنطقة السد وفي مجرى الوادي، وتم التعرف على مواصفات هذا السد من نفس المرافقين الذين يعملون بشركة شبه الجزيرة والمشار إليهم أعلاه.
وعاين أفراد الفريق العلمي البحيرة التي تكونت خلف هذا السد للتعرف على أبعادها وإمكاناتها الحالية في توفير مياه الري، وتعرف أفراد الفريق العلمي أثناء هذه الزيارة على طبيعة العمل الزراعي بمنطقة العوص ومدى حاجة هذه المنطقة للسد.
وأضاف التقرير ان فريق العمل انطلق بعد هذه الجولة إلى وادي روام لزيارة سد وادي روام في محافظة رجال ألمع، ويقع هذا السد بمنطقة نائية من المحافظة على مسافة حوالي ثلاثة كيلومترات من قرية روام، التي تقع على نفس الوادي.
وانشيء هذا السد لغرض الاستعاضة، أي إعادة تغذية مكأمن المياه الجوفية. وتتصف المنطقة المحيطة بموقع السد بأنها قليلة السكان، حيث لم يشاهد أفراد الفريق العلمي في طريقهم إلى هذا الموقع إلا بعض التجمعات السكانية الصغيرة. وتتصل الطرق الموصلة إلى السد بالطريق الذي يربط مدينة أبها بتهامة عسير، عبر عقبة شعار.
ويبلغ طول الطريق الأقصر إلى السد حوالي 10ـ 15 كيلومترا وهو الأفضل من حيث إنه ممهد في معظم أجزائه. ويمر الطريق إلى السد بعدد من التجمعات السكانية الصغيرة التي تقع بالمجرى الأسفل من الوادي الذي يقع عليه السد. وغادر أعضاء الفريق العلمي بعد هذه الجولة منطقة تهامة إلى مدينة أبها عبر عقبة شعار. وقاموا خلال هذه الزيارة إلى منطقة تهامة بتكوين فكرة واضحة عن الأساس الاقتصادي للمنطقة التي يقوم عليها سد العوص وسد روام. وعلم أفراد الفريق العلمي بوجود سدود أخرى بنفس المنطقة، لكن لم يكن بالإمكان زيارتها بسبب ضيق الوقت.
وقام فريق العمل بعد الوصول إلى مدينة أبها بزيارة منطقة تقع إلى الجنوب الشرقي من أبها، حيث توجد محمية طبيعية ومتنزه دلغان على بعد حوالي 30 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من مدينة أبها. وتم للفريق معاينة نظام تصريف المجاري المائية وتأثير السيول على المنطقة.
المصدر: مجلة المياه