وأنشأ الرافضون للزواج بموظفة مجموعة واسعة على موقع فيسبوك، وزعموا فيها أن النساء اللائي يعملن يصبحن منشغلات، فيهملن الأسرة، ولا يلقين بالا للزوج ومتطلباته.
هذه الدعوات كانت كفيلة بإشعال شرارة نقاش واسع على المنصات، حيث رد آخرون بالاستنكار، مؤكدين حق المرأة في أن تعمل في كل المجالات، فيما لا يحق لأي شخص أن يحرض ضدها ويقيد حريتها.
وبحسب البنك الدولي، تبلغ نسبة النساء العاملات 21 في المئة من إجمالي القوة العاملة في المغرب في عام 2018، وهو مستوى يوصف بغير الكافي من قبل كثيرين.
جدل حول عمل المرأة
تعتقد فئة من رواد مواقع التواصل في المغرب، أن المرأة من حقها أن تشتغل وأن تستقل بذاتها ماديا، وأن المشاكل تبقى واردة في الحياة الزوجية، حتى وإن كانت الزوجة ربة بيت لا تعمل.
وكتب ناشط يسمى أحمد حسين قائلا “إذا تقدمت للزواج بإحدى الفتيات، فلن أجبرها على الاستقالة من عملها إذا كانت موظفة، كما لن أدفعها للخروج إلى العمل إذا كانت ربة بيت. ما يهمني هو أن تصونني وأن يكون بيننا احترام ومودة”.
وفي المنحى نفسه، قالت شابة مغربية: “في ظل الظروف الراهنة التي أصبحنا نعيشها، وأمام ارتفاع الأسعار، وصعوبة اقتناء سكن، فقد أصبح من الضروري أن يكون للزوجة دخل تساعد به زوجها، وتعينه على مصاريف المنزل. يد واحدة لا تُصفق”.
ويرى من يدعو إلى مقاطعة الزواج بالموظفات، أن دخول المرأة إلى سوق الشغل، يشكل حاجزا أمام الرجل في إيجاد لقمة عيش، موضحين أن القطاعين، الخاص والعام، يفضلان تشغيل النساء على حساب الرجال لدرجة كبيرة، من أجل تجنب كثرة الاحتجاجات والمطالب لدى الرجال، حسب ادعائهم.
كما يبرر هؤلاء موقفهم من عمل المرأة، بإمكانية تعرض النساء العاملات لبعض المضايقات في مكان الشغل مثل التحرش، أو عدم التزامهن بواجبات البيت بعد يوم شاق من العمل.
نقاش زائد
اعتبرت بشرى عبدو، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن النقاش حول الزواج من موظفة أو امرأة بدون عمل هو نقاش للترف، ولا يرقى أن يكون جدياً، كما لا يمت لما وصلت له المرأة المغربية من تقدم بِصِلة.
وتابعت في تصريح لـ “سكاي نيوز عربية”، “هذا النقاش يجب ألا يأخذ أكثر من حجمه، لأن المرأة أصبحت الآن في مراكز القرار بالبلاد، وأضحت تشغل مناصب مهمة.
واستطردت أن مُعظم الرجال يبحثون اليوم عن زوجة تساعدهم في تجاوز صعوبات الحياة، والحصول على سكن جيد وتدريس الأبناء في مدارس خاصة.
وأكدت أنه من واجب الجمعيات النسائية أن تتصدى لهذه التفاهات الصادرة عن “العقول الصغيرة” ومساندة المرأة في اختياراتها، لأنها تقوم بمهمات كبرى حتى ولو لزمت البيت، بل إن نشطاء يطالبون الدولة بتعويض ربات البيوت اللواتي يشتغلن في الظل ويقمن بعمل جبار داخل المنازل في سبيل رعاية أسرهن.
دور الإعلام
من جانبه، نبه الدكتور عبد الحي الغربة، الباحث بالمركز الدولي للدراسات والبحث العلمي متعدد التخصصات، إلى دور الإعلام في عرض صورة مشوهة عن المرأة.
وشرح في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، أن هذا الواقع لا ينطبق على المرأة المغربية فقط، وإنما ينسحب على البلدان العربية بأكملها، حيث خلصت دراسة أنجزتها الباحثة سهام علي، سنة 2010، إلى أن الإعلام المغاربي يشوه صورة المرأة.
وأضاف أن التلفزيون لا يبرز قدرة المرأة على التوفيق بين مختلف المهام في حياتها المهنية وحياتها العائلية، كما لا يغير صورة الرجل بل يواصل تصوير هيمنته، وينشر صورا نمطية لها أثر كبير على سلوك عموم الناس، ولا تعكس التطورات التي استفادت منها المرأة في مجال حقوقها؛ بما فيها السياسية.
وشدد الغربة على مدى خطورة الإعلانات والسينما على صورة المرأة، فالإعلان يتكرر كثيرا، ومدته قصيرة، ورسالته مركزة، مما يجعله الأكثر خطورة وتأثيرا، بحيث تظهر مسؤوليتها في الإطعام وغسل الأواني.
وتابع أن المرأة يجري عرضها كإنسانة سطحية لا تهتم إلا بالموضة والأزياء ومواد التجميل، وتفتقر للطاقات العقلية والفكرية المتطورة، مما يحول دون مشاركتها الجادة في الحياة العامة.
ونبه إلى حصر المرأة في نماذج المرأة التقليدية، والمرأة الجسد، والمرأة السطحية، والمرأة الضحية، فتظهر صورتها من خلال هذه النماذج، كائنا سلبيا مستهلكا وغير منتج، يحتاج للحماية ولا يشارك في اتخاذ القرارات المهمة”.
وبحسب البنك الدولي، كان معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بالمغرب 21.6 في المئة عام 2018 ليحتل المغرب بذلك المركز 180 في عينة تضم 189 بلدا، وذلك يعني أن 78.4 في المئة من المغربيات بين 15 و65 عاما لم يكن في حالة عمل أو في طور البحث عنه.