وتهدف وزارة العدل من خلال القانون الجديد الذي اقترحته، إلى تحديث الإجراءات في مجال الحقوق والحريات.

وجرى إنجاز المشروع بناء على استشارات موسعة مع ناشطين حقوقيين وقانونيين، وإثر الاطلاع على تجارب دول أخرى.

ويستثنى من هذه العقوبات البديلة، ما يتعلق بجرائم الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ، ثم الاتجار الدولي في المخدرات والمؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين.

حل لمشكل اكتظاظ السجون

دفع الاكتظاظ الذي تشهده سجون البلاد، إلى التفكير الجدي من الوزارة في إحداث قانون جديد يَسنّ عقوبات بديلة، لكي تساهم في التقليص من أعداد السجناء، وتوفير تكاليف معيشتهم، خصوصا بالنسبة للسجناء المحكومين بمُدَدٍ قصيرة.

وكانت إحصائيات وزارة العدل، كشفت أن نحو 50 في المئة من السجناء محكومون بمدة تقل عن سنتين، فيما شدد وزير العدل عبد اللطيف وهبي على أن مشروع قانون العقوبات البديلة أصبح يشكل رهانا أساسيا.

وأفاد الوزير، في معرض رده على سؤال في البرلمان، أن الوضع العقابي القائم أصبح بحاجة ماسة لاعتماد نظام العقوبات البديلة، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى نزلاء السجون.

إلى جانب ذلك، أصبح الاعتقال الاحتياطي يشكل أزمة حقيقة، إذ كشف التقرير السنوي للنيابة العامة أن معدل الاعتقال الاحتياطي، خلال النصف الأول من سنة 2021، تراوح ما بين 44 في المائة و45 في المائة.

تنوع في العقوبات البديلة

يشمل مشروع القانون مجموعة من العقوبات البديلة، على رأسها المراقبة الإلكترونية، والغرامات المالية، وخدمة المنفعة العامة، إلى جانب تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية أو إعادة تأهيل.

وتُمكّن المراقبة الإلكترونية، من خلال قيد في معصم المعني أو بساقه، المحكمة من أن تحدد مكان ومدة المراقبة، ويراعي في تحديدها خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا.

ويتيح مشروع القانون أيضا، إمكانية استبدال العقوبات السالبة للحرية بغرامات مالية تحدد مبلغها المحكمة عن كل يوم من مدة الحبس المحكوم بها، بشرط ألا يتجاوز منطوقها سنتين حبسا.

وتضم البدائل، العمل من أجل المنفعة العامة كواحد من أهم البدائل، لكن بشرط أن يبلغ المحكوم عليه 15 سنة كأدنى حد من وقت ارتكابه الجريمة، وعلى ألا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنتين حبسا.

اختبار المحكوم

يرى رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، جواد الخني، أن هذا النهج الذي يتجه نحو عقوبات بديلة عوض العقوبات السالبة للحرية، “يتفاعل مع ظاهرة الاكتظاظ في السجون من خلال تقييد الحقوق وفرض تدابير رقابية، إذ تستهدف هذه العقوبات اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج”.

وتابع الخني في تصريحه لـ “موقع سكاي نيوز عربية”، أن مشروع القانون الخاص بالعقوبات البديلة “توجّه جديد يجيب أيضا عن إشكالية حقوقية وإنسانية، ويقوي التأهيل والتأديب، ويعزز الضمانات القانونية ومتطلبات المحاكمة العادلة”.

كما أن هذه الخطوة التي تدخل في إطار إصلاح منظومة العدالة في المغرب، جاءت “بعد دستور 2011، وإقرار عدد من القوانين الجديدة، وتطبيق عدد مهم من التزامات المغرب مع منظومة حقوق الإنسان”، بحسب الناشط الحقوقي.

بدائل لجنح مخففة وبسيطة

شدد رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، على أن “تكريس الضمانات التي جاء بها مشروع القانون، يحتاج آليات إدارية دقيقة وواضحة حول الشروط الموضوعية والحقيقية والمعايير لاستفادة السجناء في الجرائم البسيطة من بدائل العقوبات.

ودعا المصدر ذاته، إلى أن “يجري تطبيق هذه البدائل في حالة الجرائم التي لا تشكل خطوة مجتمعية، باستثناء من قضى عقوبة تتجاوز نصف المحكومية.

وأوضح الفاعل الحقوقي، أنه يجب أن ينحصر التطبيق المكثف للعقوبات البديلة في الجنح المخففة التي تقل عقوبتها عن سنتين؛ مثل إهمال الأسرة والزوج في وضعية عسر مالي، أو إصدار شيك بعد عجز بين عن الأداء في معاملات تجارية عادية لا تحمل آثار النصب والتدليس، أو قضايا سوء الجوار، وغيرها من الملفات العديدة المشابهة والمماثلة.