وزار بوتن معرضًا مخصصًا للذكرى الـ350 لولادة بطرس الأكبر (بيتر العظيم)، وتحدث عن حروب الشمال التي خاضها على مدى 21 عامًا في السويد وفنلندا، مضيفًا: “نعم هناك حقبات في تاريخ بلادنا اضطررنا فيها إلى التراجع إنما فقط لاستعادة قوانا والمضي إلى الأمام، ويبدو أنّه يتعين علينا أن نستعيد وأن ندعّم”، في إشارة إلى العملية العسكرية ضد أوكرانيا.
وجعلت هزيمة السويد في حرب الشمال العظمى (1700-1721) من روسيا قوة رئيسية في بحر البلطيق ولاعبًا مُهمًّا على الساحة الأوروبية.
ويعدّ بطرس الأكبر أعظم مَن حكموا روسيا، ولد في الكرملين عام 1672 وحكم روسيا هو في سن التاسعة من عام 1682 خلفًا للقيصر فيودر الثالث حتى وفاته عام 1725، وحكم بادئ الأمر بصفته قيصرًا، ومِن ثم بصفته إمبراطورًا وأسس مدينة سان بطرسبرغ عام 1703 وجعلها عاصمة للبلاد، وكون لبلاده جيشًا قويًّا وأسس القوات البحرية.
وفي عام 1700، شنّ بطرس الأكبر “الحرب الشمالية” ضد السويد وفنلندا وإستونيا ولاتفيا التي انتصر فيها، وحقق مكاسب توسعية كبيرة، حولت روسيا القيصرية إلى إمبراطورية، ويوصف بـ”صانع نهضة روسيا الحديثة” حيث عرف بانفتاحه على الفكر والحضارة الأوروبية.
وصايا بطرس الأكبر
وحول تصريحات بوتن، قال المحلل السياسي الروسي، ماكلويد شولمان، إن الرئيس الروسي دائمًا ما أبدى إعجابه بشخصية بطرس الأكبر، ويوصف عصر بوتن بأنه تجسيد روسي معاصر لشخصية بيتر العظيم.
وأضاف شولمان، لـ”سكاي نيوز عربية”، أن بوتن منذ توليه السلطة يبدو أنه يؤمن بوصايا بطرس الأكبر ويحاول تنفيذها، وبينها “ضرورة وديمومة جاهزية الجيش وأن تكون الأمة الروسية على أهبة الاستعداد”، حيث خاض بوتن خمس عمليات عسكرية منذ اعتلائه السلطة أولها بعد 4 سنوات فقط من حكمه حرب الشيشان في 2004 وآخرها أوكرانيا، بخلاف الأنشطة العسكرية غير الرسمية خارج البلاد.
وأوضح أن بوتن يقدر بشدة الدور الذي لعبه القيصر بطرس الأكبر في تاريخ روسيا، فبعد هزيمة السويد في حرب الشمال الكبرى جعل بطرس الأكبر روسيا قوة إقليمية رائدة ولاعبًا مهمًّا على الساحة الأوروبية، وهو هدف أسمى يسعى إليه بوتن ودائمًا ما يكرره الرئيس في خطاباته.
وتابع: “احتدمت حرب الشمال العظمى بين الإمبراطوريتين الروسية والسويدية نحو عقدين من الزمان، ونجح القيصر في تحدي هيمنة السويد في شمال ووسط وشرق أوروبا من خلال تحالفه مع الدنمارك والنرويج وليتوانيا”.
وأشار إلى أن من بين وصايا بطرس الأكبر “ضرورة انخراط الروس في شؤون القارة الأوروبية، خاصة السويد وبولندا والسيطرة الروسية على البلطيق والبحر الأسود، لأنهما ضمن المجال الجيوسياسي لروسيا، وهو ما يفسر تحذيرات موسكو للسويد وفنلندا من الانضمام لحلف شمال الأطلسي”.
سياج حول فنلندا
ووسط مخاوف من تحذيرات روسيا، تعتزم فنلندا بناء سياج جديد على أجزاء من حدودها مع روسيا إثر العملية الروسية في أوكرانيا، وطرحت هلسنكي، الخميس، مشروع تعديل يهدف إلى تعزيز السياج في بعض المواقع من الحدود مع روسيا الممتدة على طول نحو 1300 كلم، خشية أن تستخدم موسكو المهاجرين لممارسة ضغط سياسي على الدولة المجاورة.
وأوضحت المستشارة لدى وزارة الداخلية، آن إهانوس، أن “هدف مشروع القانون هو تحسين قدرة حرس الحدود على التحرك ردًّا على تهديدات هجينة”، مؤكدة أن “الحرب في أوكرانيا أسهمت في طرح هذه المسألة بشكل عاجل”.
وتؤمّن فنلندا حاليًّا حدودها بواسطة حواجز خشبية منخفضة هدفها منع عبور المواشي، بينما قالت مديرة المسائل القانونية في جهاز حرس الحدود، سانا بالو: “نسعى الآن إلى بناء سياج متين يكون بمثابة حاجز حقيقي، بالطبع لن يغطي السياج كامل الحدود الشرقية، لكنه سيشمل المواقع التي تعتبر الأهم”.