
ومن أبرز ما توصلت إليه نتائج الدراسات على أجزاء الدماغ التي تتصل بالجهاز الإنفعالي عند الإنسان وجود الصّلة بين عمل هذه الأجزاء ورغبة الإنسان في بناء علاقات إجتماعية أصلاً، فبعض الأفراد الذين أزيلت لديهم “الأميجدالا” أصبحوا غير مكترثين بالآخرين، ويفضلون الإنطواء مع أن لديهم بعض القدرات الاجتماعية مثل التحاور مع الآخرين، كما عجز هؤلاء الأفراد عن إدراك الشعور اللازم ببعض المواقف الاجتماعية، مثل الشّعور بالكرب عند مواجهة المحنة، وأصبحت حياتهم مجردة من أي دلالات يفرقون بها بين مختلف المواقف الاجتماعية.
ويعتقد كذلك أنّ غياب المشاعر لدى الإنسان يجعله فاقداً للإحساس بموقفه في النظام الاجتماعي، وغير مدرك لما يطلب منه من سلوك ودور نتيجة وجوده بموقف معين في مجموعة إجتماعية ينتمي إليها، فهو لا يحدد الأدوار المطلوبة من الوالد، أو الرئيس، أو المرؤوس، أو الضيف، أو الذي يشهد كارثة الآخرين في الشارع.
ومما يفقده الإنسان من جوانب إجتماعية بغياب إنفعالاته قدرته على التعاون مع الآخرين في بيئته، وكذلك رغبته في التنافس والتفوق، وهذه الجوانب تفقد حتى عند الحيوانات التي في تعيش في مجتمعات عندما ترول منها منظمات الإنفعالات في أدمغتها وأجسامها.
لقد ألقت هذه الأبحاث أضواء مهمة على آليات عمل الانفعالات وتأثيرها في حياة الإنسان الإجتماعية، ونبّهت إلى أن التفوق في المجال الاجتماعي مرتبط أكثر مما نتصور بالمجال الإنفعالي، وأن قدرة الإنسان على التعامل الذكي مع إنفعالاته يتبعها نجاحه في بناء علاقات إجتماعية سوية، وتكيف اجتماعي عالٍ، وهذا جزء من إضافات نظرية الذكاء الإنفعالي إلى معرفتنا حول الحياة الاجتماعية للإنسان.
وقد وصلت إلينا هذه التوجهات النظرية والبحثية رسالة مهمة، هي أنّ هذه الأعضاء والأجهزة التي زودنا الله بها ستقوم بوظيفتها في مساعدة الإنسان على التكيف والنمو والتطور في الإيجابي في سعيه في هذه الآرض إذا حفظها وأحسن التعامل معها، خاصّة أنّها أجهزة يمكن أن تنمو وتقوى بالتّدريب والتفعيل.
