دور المرأة في تربية الأولاد ورعايتهم
دور المرأة ، من أهم مسؤوليات المرأة المسلمة تربية أبنائها ورعايتهم، وللمرأة أثر عميق ودور كبير في حياة الأسرة، وتماسُك بُنيانها، فالأم الصالحة تنشئ أطفالاً متكاملين في تكوينهم العقلي والخلقي، والنفسي والجسمي .
ويبدأ دور المرأة الأم تجاه الأبناء مع الحمل والرضاعة، وهو ما ذكره الله – سبحانه – قال تعالى: {وَوَصّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّهُ وَهْنًا عَلَىَ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}، والآية الكريمة التي قال تعالى فيها: {وَوَصّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}.
كما يجب أن تحافظ على حياة ابنها، فهي تدرك أنها تحمل بين أحشائها روحًا لها عليها حقوق، كما أنه لا يحق لها أن تقرر مصير هذا الجنين قبل مولده، فتجهض نفسها خوفًا ألا تجد ما تنفقه عليه؛ لذلك قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيّاكُم إنّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}.
لذلك لا يصح للمرأة أن تسقط جنينها، وإذا فعلت ذلك عمدًا أثِمت وكان عليها الكفَّارة والغُرة وهي عُشر دِيَة الأمِّ ،إلى غير ذلك من المسؤوليات.
وتمتلئ كتب السيرة النبوية بنماذج لممارسة المرأة لهذه المسؤولية، واهتمامها بأبنائها، مثل السيدة أم سليم – رضي الله عنها – التي أبت أن تتزوج بعد وفاة زوجها قبل أن يكبر ابنها أنس بن مالك، ويجلس مجلس الرجال، فكان هو الذي زوج أمِّه لأبي طلحة، وكلما تذكر أنس موقف أمِّه يقول: جزى الله أمي عني خيرًا»، ولِمَ لا وقد تولته منذ صغره بالرعاية والاهتمام، فأرسلته وهو في سن العاشرة لينهلَ من علم الرسول- صلى الله عليه وسلم؟
وكانت تمده بتوجيهها السديد في مصاحبته، وتطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم – أن يدعو له، ويقول أنس: فوالله، إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة .
وقد روى أنس عن أمه الكثير إذا أضفنا لذلك جميل رعايتها لابنها، وصبرها على وفاة زوجها؛ حيث كانت مثالاً في ذلك، ومشاركتها للجهاد مع الرسول، فقدمت لنا صورة متكاملة للمرأة المسلمة، ومن ثم جاء ثناء الرسولعليها متوجًا لها قائلاً: «دخلت الجنة، فسمعت خشعة، فقلت: من هذا؟ قالوا هذه القميصاء بنت ملحان) وهو اسمها الأصلي) .
كذلك لنا في أم هانئ وقصتها مع أبنائها ما يؤكد هذا المعنى، وكانت قد أسلمت أم هانئ ولم يسلم زوجها، ففرق بينهما بحكم الإسلام، وراحت تقوم على رعاية أبنائها الأربعة الصغار، وخطبها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت:لأنت أحب إلي من سمعي ومن بصري، وإني امرأة مؤتمة، وبني صغار، وحق الزوج عظيم،فأخشى إن أقبلت على زوجي أن أُضيع بعض شأني ولدي، وإن أقبلت على ولدي أن أضيع حق زوجي،فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:((إن خير نساء رَكِبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بَعلٍ في ذات يديه، ولوعلمت أن مريم ابنة عمران ركِبت الإبل، ما فضلتُ عليها أحدًا” .
كذلك من دور المرأة في تربية أبنائها: حرصها على العدل بين أولادها، وعدم الجَور في ذلك، فقد أكد النبي- صلى الله عليه وسلم – على ضرورة أن يعدل الوالدان بين أولادهم في العطاء، فقد روى النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – أن أمه (بنت رواحة)، سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذ غلام، فأتى رسول الله، فقال: يارسول الله، إن أم هذا بنت رواحة، أعجبها أن أشهدك على الذي وهَبت لابنها، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يابشير، ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت مثل هذا؟ فقال: لا، قال: فلا تُشهدن إذًا، فأنا لا أشهد على جَور .